على مشارف الستين
07تشرين22009
يحيى السَّماوي
يحيى السَّماوي
( كتبت عشية تشييعي جثمان الشجرة التاسعة والخمسين من أشجار بستان العمر )
سـتـون .. في ركض ٍ ولمْ أصِل سـتـون َ .. تـحسَبُ يومَها سنة ً عـشـرون مـنـها : خيمتي قلق ٌ والـبـاقـيـاتُ ؟ رهـينُ مَسْغَبَة ٍ شـاخ َ الـطريقُ وخطوتي اكتهلتْ يـعـدو الـمـكان ُ مُفارقا ً قدمي مـا إنْ أُصـادِح شـدوَ فـاخِـتَة ٍ حَـيـرانُ .. لا أدري أمِـنْ بَطَر ٍ تـلـك الـديـارُ علام َ أعبدُها ؟ أمـا الـطـيـورُ فـغيرُ سابِحة ٍ لـطـمَـتْ نـوافِـذُهـا ستائِرَها سـتـون َ .. حينا ً لهْوُ ذي نَزَق ٍ بـعـضـي يُـريـدُ الدّهْرَ يلبَسُه ُ سـتـون .. مَـرّتْ غيرَ مُمطِرة ٍ سـتـون .. لا أهـلا ً بـقـافِلة ٍ * * * سـتـون َ بـين الجِلف ِ والجَفَل ِ جـيـشان ِ يشتَجران ِ في جسدي : قَـدَّ الـحَـبـيـبُ القلبَ من دُبُر ٍ يـا صَـبْـرُ: كـم أطْمَعْتَ فاجعة ً دالـتْ بـيَ الأشـواقُ واحتَطبَتْ أفـأشْـتـكـي غـدرَ الهوى وأنا سـتـون عـامـا ً فـي مجَرَّتِه ِ خـمـري نزيفُ دمي .. ومائدتي جـسـدي طريدةُ خنجري.. ويدي لـم يـبـق َ فـي بستان ِ عافيتي جَـفَّـتْ يـنابيعي سوى ثَمَد ٍ (3) لـم أدّخِـرْ جـمـرا ً لخبزِ مُنى ً وشـربْـتُـ لا كالشاربين طلىً الـخـمـرُ ؟ أشـربُـهُ فيسكرُ من نَـدَمـي بـحـجم رفات ِ أزمنتيِ * * * سـتـون .. لا صُلحي ولا زَعَلي إنّ الـتـي بـالأمـس ِ تُـلحِفني جَـحَـدَتْ شِـراعـاتـي مَرافِئها هـيَ" قـسـمة ٌضيزى "لها مطري أشْـركـتُ حـتـى خِلتُ مبسَمَها يـا حـرقـة َ الـصحراءِ معذرة ً ضـوئـيّـةَ ال .. مـاعادَ يجمعنا قـد يـسْـتَـفِـزُّ مخاوفي فرَحي * * * سـتـون .. لا جِـدّي ولا هَـزلي يـا مُـرْدِفـا ً شـمـسا ً إلى قَمَر ٍ آنَ الـتَـرَجُـلُ عن ثراكَ .. فهلْ الـجـاهـلـيّـة ُ مـا يـزالُ لها مـن طـائـفـيّ ٍ لـيـس يُشغِلهُ ومُـكـبّـريـنَ وتـحـتَ عِمَّتِهِم الآمـرون بـنـسـف ِ أضـرحة ٍ ومـن الـلـصوص البائعين قِرى مَـنْ ذا تـعـاتـبُـهُ ولـيس بهمْ الـمُـظـهـرون هوى " مُعاوية ٍ " مـولايَـ يـانـخل الفرات ِ أما مـن أيـن يُـرجـى لـلعراق غدٌ أحـلـى الأمـاني أنْ أرى وطني سـتـون فـي ركض ٍ ولم أصل ِ | ِنـهـرَ الأمـان ِ.. وواحة َ الأمَل ضـوئـيَّـة ً.. موؤودة َ الشُّعَل ِ بـيـن الـمـنـافي عاثرُ السُّبُل ِ حـيـنـا ً .. وحينا ً رهنُ مُعْتَقَل ِ ودَجَـتْ شموسُ الصبح ِ في مُقلي أمّـا الـزمـان ُ فخطوُ ذي كسَل ِ حـتـى أُنـاوِح َ دمـع َ مُـنْثكِل ِ غـادرتُ أرض النخلِ أم ْ خَبَل ِ ؟ لا نـاقَـتـي فـيها .. ولا جَمَلي ! فـكـأنَّـهـا شُـدَّت ْ إلى جَبَل ِ ! جَـزَعـا ً من الأسْحارِ والأصُل ِ ! عـاة ٍ .. وحينا ً صَمْتُ مُعْتزِل ِ ! ثـوباً .. وبعضي يشتهي أجَلي ! مـرَّ الـطـيـوفِ بجفن ِ مُكتَحِل ِ تُـدْنـي ذِئابَ الحَتْف ِ من حَمَلي ! * * * مُسْتَوحَشُ الإشراق ِ والطَفَل ِ !(1) نَـزَق ُ الـشباب ِ وهَدْيُ مُبْتَهِل ِ ! والأصـدقاءُ الزّورُ منْ قِبَل ِ !(2) بـتـجَـلُّدي وسَخَرت َ من حِيَلي ؟ صـرحـي فـما أبقَتْ سوى طلل ِ قَـيـدي وسَـجّـانـي ومُعْتَقلي ؟ لـيـلي .. وبدري غيرُ مُكْتَمِل ِ ! كـهـفُ الهموم ِ..وعلقَم ٌ عَسَلي ! مـا اسْـتَجْلبَتْ غيرَ الرزيئة ِ ليْ ! إلآ هـشـيـمُ العشب ِ والدَّغَل ِ ! أمـتـارُهُ مـن غَـيْـمَـة ِ المَلل ِ فـي الـعِشق ِأو صبرا ًعلى عِلل ِ مـن دمع ِ أعناب ٍ ومن قُبَل ِ (4) شـفـتي ويُثمِلُ كأسَهُ ثَمَلي !(5) ويـحـيْ عليَّ غفوتُ عنْ زللي ! * * * أدنـى نَـزيل َ القلب ِ من مُقلي ! دفءَ الـنـهـود ِ وبُرْدَة َ الخُصَل ِ واسْـتـذأبَـتْ نسْرا ًعلى حَجَل ِ ! وبيادري .. وأنا العواصِفُ ليْ !(6) لاتـي .. ونـاهِدُ صَدرِها هُبَلي ! لـم يـبـقَ في كوزي سوى وشَل ِ خـيـط ٌ من السلوى فلا تَصِلي ويـسـيـرُ بـيْ لمسَرَّة ٍ وجَلي ! * * * قـد أغْـوَيـا بيْ هُدهُدَ الجَذل ِ ! طـاوي الـطِـماح ِ مُشَيَّعَ الأمَل ِ جـهَّـزتَ زادَ غـد ٍ لـمُرتحِل ِ ؟ فـي دار ِ نـخـلة َ ألفُ مُشتَغِل ِ! إلآ تـسَـيّـدهُ عـلـى " المِلل "ِ مـلـيـونُ (شِمر ٍ) أو( أبو جَهَل ِ) وبـذبـحِ مُـرضِـعـة ٍ ومكتهِل ِ أجـيـالِـنـا فـي ألف ِ مُحْتَفل ِ مْـنْ صـادق ٍ دينا ً ومن رجُل ِ ؟ طـمـعـا ً بجاه ٍ ..والخفاء ِ" علي" لـلـعـدل ِ في واديك من أمل ِ ؟ و"الأجـنـبـيُّ" أبٌ لهُ و" وليْ "؟ حُـرّا ً وقَـومـيـ دونما كلل ِ نـهـر الأمـان ِ وواحة الأمل ِ ! | ِ


الجلف : الغليظ الطبع .. والجفل : الخوف .. الطفل : قبيل غروب الشمس أو قبيل شروقها .. .والظلمة بشكل عام .
2 إشارة إلى صديق استودعته بيتي وبستاني ومكتبتي فخان الأمانة ( والأنكى أن ابنه سرق مخطوطة ديواني وراح يقرأ قصائدي في السماوة قبل افتضاح أمره ) .
3 الثمد : الماء القليل الذي يتجمع في الشتاء نتيجة المطر وينضب صيفا . أمتاره : أتزوّد به .
4 الطلى : بفتح الطاء اللذة والهوى .. وبضمها : الشربة من اللبن ونحوه .
5 البيت أخذت معناه من أحد أبيات قصيدة قديمة لي نشرتها عام 1970وغنى بعضها آنذاك المطرب فاضل عواد .
6 قسمة ضيزى : قسمة غير عادلة ..
قال تعالى: تلك إذا قسمة ضيزى [النجم/22