موال عراقي إلى عيون دمشق
موال عراقي إلى عيون دمشق
ابن الفرات العراقي
[email protected]
صـوتـي نـداءُ دمِ الأحـزان ينطلقُ
كـأنّ قـلـبـي عـلى شهقاتِ أسطره
عـزفـت فـي وهـج الأوتار غصّتنا
ويـحـتـسـيـنـي قـرابيناً مؤجّلةً
مـسـافـرٌ حِـرقاً في موج محبرتي
رفّـافـةَ الـشـعـرِ يـا ميلادَ قافيةٍ
إلـى مـتـى وطـني غمراتُ مجمرةٍ
أنـا تـوجسُ رعشِ الحرف .يبهرني
أنـا الـمـرارةُ والأشـجـانُ تقطنني
مـعـبّـأ بـأسـى الـحرمان منذهلاً
تـآكـلـتـنـي وألـقت بي منازفها
شـرارة اللهف الـمـزروع في لهفي
مـلـلت مني وملّ الصوت في وتري
وشـاخ ضلعي وشاخ الرمح في جسدي
نـاديـت عـبـر فيافي الريح يحمله
مـحـمـلا بـجرار الملح من عطشي
بـهـا وقـفـت قرابيني اكتوت فَرقا
يـشـلُّ مـوتـي لأعصابي ويسفحها
ريـانـة الـطـهـر .يا همّا يساكنني
* * *
يـا شـامُ دربـي مسافاتٌ لَوَتْ قدمي
ضـمّي جراحاتِ هذا القلب واحتضني
ضـمّـي ضـياعي فليلي غابةٌ جَفلت
هـذا الـعـراق بـحجم الكون دورته
وصـيّـروهُ وجـوداً لا وجـودَ لـه
وصـيّـروهُ جُـذاذاً مـلء جـعبتهم
سـتٌّ حـمـلـنا وأرزاءُ الأسى شُعَلٌ
وفـوق أيّ احـتمال حملنا نارَ محرقةٍ
يـا شـام إنّـي .بقايا الموت يطعنني
هـذي بـقـايـاي قـرآني يؤانسني
لـمّـي دمـاهـا .فاني صرخةٌ ثقبَتْ
أنـا ارتـجـافُ حنينِ المجد في نُتَفي
فـمـن لـهيبِ غيابِ الحب في وطني
آتـيـك سـربَ هـوىً رفّت وأجنحةً
أجـري إلـيـك بـي الطوفانُ يدفعني
* * *
يـا شـام حـزنٌ ومـأسـاةٌ تُـسكانُنا
إنّـا الـقـرابـين غول الذبح يسحقنا
أنـا جـرارُ الشجا في واحتي انسفحت
بـريـئـةٌ أضـلـعي شالت منازفها
مـاذا أحـدّثُ يـا شام الهوى قِصصٌ
سـجـنٌ ،وقـتـلٌ ، وتهجيرُ بلا شبهٍ
وصـبـيـةٌ في طريق الصبح غاديةٌ
تـنـاثـروا كُـتـلاً فـي كل زاوية
هـنـا بـقـايـا يـدٍ .من دفتر نُتفٌ
دم ٌعـلـى طـرقِ الأنّـات مرتجفٌ
حـقـائـبٌ بـعـدُ لـم تفتح وغمغمةٌ
وصـرخـتـان .فـمٌ ضاعت مراشفُهُ
عـلـى الـرصيف وقلب ألف منكسر
ورعـشـة فـي عـيون ليس تفهمها
يـتـلـوهُ نـهرٌ به الآمال ما انطفأت
* * *
يـا شـام إنـي أنـا الاتيك بي تعبٌ
آتٍ ووجـهـي غـبـارُ اليأس يلبسهُ
ورغـم مـابـي حملتُ العمر نرجسةً
يـا بنتَ مروان .شمس َ العرب معذرةً
فـأنت داري التي فيها استجرْتُ جوىً
يـا كـمْ ضممْتِ على واديكِ من بلدي
شـاخـتْ بـأنـفسهم آهاتُ ضحكتهم
يـا شـام لـيـلي .بريدُ الهمّ يطرقني
بـنـا اسـتـحـالـت يباباً أيّ أمنيةٍ
مـهـما اكتوينا وفينا أثمرتْ غُصَصٌ
وأنَّ آخـرَ هـذا الـشـوط غـاشـيةٌ
يـا درّةَ الـمجد ، كوني مهرجانَ دمي
ويـا سـمـيـنـاً لأنـفاسي يؤانسهاوبـوحُ شـعري بما في الروح يندفق ُ
مـثل احتراقي على الأوراق يحترق ُ
فـانـثـال وجـدي غناءً راح يندلق ُ
فـيـكـتـوي في مساءِ اللحظةِ القلقُ
نـزفـي وأِنّـي بـمـا قد قلت أئتلقُ
لـيـلـي .حـنينٌ وللمجهول يخترقُ
وفـي رُعـافِ دمِ الأمـوات يـمّحقُ
ويـعـتـريـنـي ذهولٌ فيه أنسحقُ
وفـوق ضـلـعي سيوفُ القهرِ تستبقُ
صـدى أمـاسـيّ لـونُ الشهد تغتبقُ
فـانـسـاب نـهـراً به الآلام تنفتقُ
شـعـري .وغـادر عن مينائه العبقُ
وشـابَ حـنـجرتي عيٌّ بما اختلقوا
وكـنـت مـرمى نبال الغدر إذ مرقوا
صوتي .وغاب المدى في التيه يصطفقُ
حـتـى الـشـرايين فيما في ّ تختنقُ
فـاكـتـظّ شـارعـنـا يـنتابُه فَرقُ
عـلـى أديـم الـثرى تجترّها الحِرقُ
مـتـى سـتـورق زيتوناً لنا الفِرَقُ ؟
* * *
وأوغـلـت فـي امتهان الأنّة الطُرُقُ
وجـهـي. ولوني انبهارُ الحزن يتّسقُ
فـفـي بـلادي نَـمَا الحرمانُ والعَوَقُ
كـانت .وفيه اعتلى للدست مَنْ فسقوا
مـهـشّـمـاتٌ بـه الراياتٌ والخُلُقُ
وألـف جـرحٍ بـه مـن جرحه فتقوا
فـي كل روح .ويدمي الخاطرَ الشَرَقُ
لأجـل حـلـمٍ بـهـدبِ العين ينبَثقُ
سـيـفـي .ويذبحني في حقده الشبِقُ
عـلى ربى اليأس فيها الأمس يحترقُ
لـيـلَ السكون وشالت لونَ مَنْ سُحِقوا
وفـي ّ ألـفُ اشـتـعالٍ ليس يُخْتَلَقُ
آتٍ .وأِنـي ضـبـابُ الـيتمِ مُسْتَرَقُ
عـلى روابي انفلات الموت قد خفقوا
فـيـكـتـوي من شرار المُمْلِقِ المَلَقُ
* * *
ودمـعـةٌ فـي غـيـاب الأمن تَرتفقُ
رعـب. ويـطوي خطانا نحوه الغرقُ
فَـمَـنْ لـعمرٍ مضى عن غابه الألقُ
ولـيـس غـيري بما عانيتُ يلتصقُ
أهـلـي .وإنّـا على اللاشيء ننشنقُ
بـالـمـنـكـرات وفينا يشمخُ النزَِقُ
عـلى خطاها ارتمى التفجير فانصعقوا
فـأورقوا في المدى واخضرّتِ المِزَقُ
ومـن ذؤابـة شـعـر .ربطةٌ. عُنقُ
وفـي انـكسار مرايا الحزن مَنْ مرقوا
كـأنّ سـلـسـلـة الأصـداء تنغلقُ
ونـصفُ طفلٍ وساق باللظى التصقوا
مـن الـشـظـايا .ربيع حلمه سرقوا
وولـولات الـدم الـمـطلول تُرتشقُ
أضـواؤه عـطـشـا أو غابتِ الحِلَقُ
* * *
ومـقـلـتـي ّ بـراها السهدُ والأرقُ
وخـطـوتـي فـي مسارِ التيه تنزلقُ
بـراحـتـيَّ .بـهـا مـن نزفنا عَبقُ
إنْ بُـحْـتُ مـا بي فجرحي فيّ يأتلقُ
وسـيـفُ سـبقٍ على الغازين يُمْتَشَقُ
وكـمْ تـحـمـلْتِ أرزاءً لِمَنْ زُهِقوا
وغـادرت عـن مـواني المقلةِ الحَدقُ
فـلـسـتُ آخـرَ مَـنْ أبوابُكم طرقوا
وعـن شـفـاهِ الـرُّبا قد غادرَ الحَبقُ
لا بـدَّ يـبـزغ بـعـدَ الظلمةِ الغَسَقُ
بـهـا سـيغرق مَنْ خانوا ومَنْ مرقوا
إنّـي أكـادُ مـن الـمـأسـاة أنـبثقُ
لـيـسـتـريحَ من الإعياءِ من رُهِقوا