محاكمة قلم..
18كانون12004
فيصل الحجي
شعر :فيصل بن محمد الحجي
قلمي تدور –بل تُدار- حوله الشبهات!.. وتوجه إليه الاتهامات بسبب طريقته في معالجة جراحات العالم الإسلامي الدامية ومآسيه الفاجعة..! ولهذا فإني قبضت على قلمي وأودعته قفص الاتهام.. وبدأت أسأله معاتباً ومحاسباً:
| أتـشـذُّ يـا قـلـمـي عـن الأقلامِ وسـواكَ لَـما سارَ محسوبَ الخُطى مـا بـالُ حـبـركَ فـاقِعاً متوهجاً تُـغـريـكَ أمواجُ الإثارةِ في المدى وتـقـولـهـا عَلناً.. وغيركَ صامتٌ مـا بـالُ عـينِكَ لا ترى في دربها أو لا تـرى الـجـدرانَ تُلقي سمعَها أتـظـلُّ في الدرب القديم.. ألا ترى أتـظـلُّ في الزيّ القديم.. فقل: متى أتـظـلُّ لـلـحـبر القديمِ مُصاحباً جـدّد مِـدادَك كـي تـعـيشَ مُبَرّأً أيَـراعُ..! مـا هذا العِناد؟! أما كفى لِـمَ لا تـلـفُّ ولا تدورُ..؟ ألا ترى عـانـيـتَ ما عانيتَ في درب الشقا لِـمَ تـشـرئـبُّ لـكـلِّ هـمٍّ وافدٍ مَـنْ أنـتَ بـينَ الناسِ حتى تنبري * * * فـأجـابـنـي قـلـمي وسَيْلُ مِدادِهِ أنـا مـسـلـمٌ عُـلِّمتُ منذُ طفولتي عُـلّـمـتُ أنَّ الـحـقَّ يـعلو دائماً عُـلّـمـتُ أنَّ الـناس أحرارٌ.. فلا عـلـمـتُ أنَّ الـشِّعرَ قولٌ صادقٌ عُـلّـمـتُ أنَّ الـشِّـعرَ ظِلٌ وارفٌ عُـلّـمـتُ أنَّ الـشِّعرَ سيفٌ مُصْلَتٌ عُـلّـمـتُ أنَّ الـشـعرَ وهجُ حقيقةٍ عُـلّـمـتُ مـنـذُ طفولتي أنَّ التُّقى * * * فـسـألـتـهُـ: لِـمَ تشمئزُّ إذا بَدَتْ فـأجـابَـ: قد شاهدتُ منذُ طفولتي شـاهـدتُ (لـندنَ) مثلَ حوتٍ جائعٍ ورأيـتُ (بـاريـسَ) استغلّتْ بأسها ورأيـتُ (إسـرائـيلَ) تزرعُ شَوكَها وامـتـدَّ حـبـلُ المكرِ يفصلُ بيننا ويـسـلُّ سـيـفَ الفقرِ يغزونا فلا فـهـنـاكَ صـدامٌ يـذلُّ رقـابـنا حـتـى غَـدونـا كالقطيعِ.. يسوقُنا وتـفـشّـتِ الأمـراضُ في أخلاقنا وإذا بـأمـريـكـا تـمـدُّ جـحيمها وعـيـونُـهـا تـرنـو لكلِّ بلادنا وكـأنَّ أفـواهَ الـجـراحِ ونـزفَـها * * * فـنـصحتُهُ: التزمِ السلامَ، فقالَ لي: أنُـشـيـحُ عـن أطماعهم أبصارَنا قـلْ لـي بـربك: ما العلاجُ وأمرُنا لا مـجـلـسُ الأمـنِ احـتوانا أمنُهُ لـم يـكـتـرثْ أحـدٌ بـنا.. وكأننا * * * قلتُ: التزمْ بالصمتِ قال: وما الجَدا؟ مـا دورُ هذا الشِّعر؟ إن يصمتْ فقلْ: مـاذا أفـاد الـصـمتُ (أندلساً) وقدْ مـاذا أفـادَ (الـبـابريَّ) وقد هوى مـاذا يـفـيـدُ الـصمتُ إما زُلزلتْ أنـا لا أحـبُّ الـشـرَّ.. أمقتُ أهلَهُ والـفـتـنـةُ الـعـمياءُ أكرهُ نَهجها لـكـنَّ قـولَ الـحـقِّ فرضٌ لازمٌ أعـراضُـنـا انتهكت وعزتنا هَوَتْ تـنـصـبُّ أمـطـارُ الكرامةِ بعدَنا أنـقـطِّـع الأعـصابَ.. نُعدمُ حسَّها مـاذا يـقولُ الشعرُ كي يَحظى على أيـقـولُـ: إنَّ (الـعَـلقمي) مُجاهدٌ * * * طـأطـأتُ رأسي.. فالحقيقةُ أشرقتْ نـاديـتُـه: اخرجْ سالماً، فالشؤم مِنْ ربّـاهُ! قـدْ ضـاقَ المجالُ.. وإنني حـسـبـي رضاكَ بما أقولُ وأدّعي |
|
لـتـسـيـرَ مـنـفلتاً.. بغير زمامِ؟ ألـفـيـتَـهُ عَـلَـماً من الأعلامِ؟! يـزدادُ وهـجـاً بـازديـاد ظلامِ؟! فـتـخـوضُـهـا بـسـذاجةٍ كغُلامِ يـرنـو كـمـن يـرنو إلى الأوهامِ خـطـرَ الـصراحةِ والكلامِ الحامي؟ لـتـصـيدَ همساً في ضجيجِ زحامِ؟ فـوقَ الـدروب تـنـاثـرَ الأقدامِ؟ سـتَـعـافُ هِـنـدامـاً إلى هِندامِ؟ ويـظـلُّ خـطُّـكَ ثـابتَ الإعجامِ؟ مـن كـيـدِ واشٍ.. أو رذاذِ خِـصامِ مـا قـد لـقـيـتَ بـسالفِ الأيامِ؟ مَنْ لفَّ(1).. لفَّ(2) وسائلَ الإعلامِ؟! وذووكَ فــي الآفـاقِ كـالأيـتـامِِ أوَ مـا قـنـعـتَ بـهمّكَ المُتنامي؟ لـتُـشـيـل هـمَّ العالمِ الإسلامي؟! * * * دمـعٌ يـسـيـلُ عـلى حُطامِ كلامِ: أن أسـتـبـيـنَ الـحقَّ في أحكامي ويـظـلُّ عـمـلاقـاً مـع الأقزامِ يــفـتـاتُ أقـوامٌ عـلـى أقـوامِ وبــدونــه إثــمٌ مــنَ الآثـامِ مـأوى ضِـعـافِ الـحـال والأيتامِ فــي أوجـهِ الأشـرار والـظُّـلاّمِ يـسـمـو عـن الـتزويرِ والإبهامِ أنْ أسـتـقـيـمَ بـنـيـتي وكلامي * * * لـ(الـغـربِ) بـادرةٌ بـأيِّ مـقامِ؟ مـا زادَ فـي غـمـي وفي آلامي! يـجـتـاحُ كـلَّ مـوائدي وطعامي وثـبتْ على وطني وُثُوبَ (حرامي) فـي روضـنا.. في قُدسنا.. في الشامِ ويُـحـيـلُ أمـتـنـا إلـى أقـسامِ أمــلاكَ إلا وَفــرةُ الأصــنـامِ أو نـسـخـةٌ شـوهـاءُ من صدّامِ ذئـبٌ تـنـكّـرَ في ثيابِ (إمامِ)..! فـنُـفـوسُـنـا تـشكو من الأورامِ فـوقَ الـعـراقِ بـنـيّـةِ الإجرامِ بـشـراهـةِ الـسرحان(3) للأغنامِ فـي الـقـدس.. أو بغدادَ سيلٌ دامِ! * * * هـل يـؤمـنُ الـباغي بأيِّ سلامِ؟! جـهـلاً.. ونـدفـنُ رأسـنا كنَعامِ؟ فـي كـفِّ عِـفـريـتٍ بغيرِ نظام! يـومـاً..! ولـم يَـحمِ الظعينةَ حامِ! مـن ضَـعـفِـنـا رقمٌ من الأرقامِ! * * * ومـتـى يـردُّ الصمتُ سَهمَ الرامي؟ شـيـطـانُ مـكـرٍ أخـرسٌ مُتعامِ طـمـسَ الـعـدوُّ تراثَها الإسلامي؟ مـتـرنـحـاً بـمـعاولِ الأخصامِ؟ زلـزالـهـا فـي قـابـلِ الأيـامِ؟ وســلـوكَ كـلَّ مُـخـرِّبٍ هـدّامِ لـم أرضـهـا خـلـفي ولا قدامي وضــرورةٌ وأمــانـةٌ وتَـسـامِ ودمـاؤنـا تـجـري كـبـحرٍ طامِ تـسـقـي أعـادينا.. وشعبي ظامي ونـسـدُّ نـبـضَ قـلـوبنا بصمامِ؟ إعـجـابـكـم والـحادثاتُ أمامي؟ و(أبـا رغـالٍ) سـيـدي وإمامي؟!! * * * كـالـشـمـسِ لا تـخـفى بأيِّ لثامِ ذئـبٍ عـوى، لا مـن هـديلِ حَمامِ بـيـنَ الـنـقيضينِ استجارَ كلامي! ولـمـن يُـخَـطِّئني رضا الحُكّامِ..! |
الهوامش:
(1) لفّ: دار
(2) لفَّ: احتوى عليه.
(3) السرحان: الذئب