أعراس الشياطين

فيصل الحجي

رسالة موجّهة إلى هارون الرشيد رحمه الله

شعر: فيصل الحجي

العالم الإسلامي يحترق.. بدأ (كبيرُهم) بإشعال النار في أفغانستان.. فانتهز شياطين الأرض الفرصة.. فهجم الشيطان اليهودي على مسلمي فلسطين.. وهجم الشيطان الروسيّ على مسلمي الشيشان.. وهجم الشيطان الصيني على مسلمي تركستان.. وهجم الشيطان الفليبيني على مسلمي مند ناو.. وهجم الشيطان الهندوسي على مسلمي كشمير.. وهجم الشيطان الأثيوبي على مسلمي الصومال.. وهجم كل شيطان مستبد على شعبه ليذيقه ألوان العذاب.. وهجم شياطين العلمانية على الإسلام ليجرّدوه من أحكام الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والولاء والبراء.. وبقية الأقطار الإسلامية تقف حائرة وهي تنتظر دورها في هذا الحريق الكبير.. وهي لا تعرف متى يأتي دورها.. لأن القرار بيد حامل النار.. والقرار يقوم على أنّ: الجزار بريء.. والضحية إرهابي.

هارون قُمْ ... إنّـي أرى نقفـورا     قد جاء يغتصبُ السيـادةَ  زُورا

أوليـس للإسلام أعـظـمُ أمـةٍ     رفع  الإلـهُ لـِواءَها المـبرورا ؟

فَعَلامَ يستعلي الضلالُ على الهدى      ويرومُ فوقَ عُلا (الرشيدِ) ظُهورا؟

علجٌ يرومُ من (الرشيدِ) سحابـةً(1)  كانتْ تجـوبُ العالمَ المَعـمـورا

مُذْ نامَ فرسانُ الجـهادِ تيقّظـتْ       أحـلامُـهُ... وتجاوزَ المحـظورا

أغرته ُ وفرةُ جنـدهِ وسـلاحـهِ      فازداد غطرسةً... وجُـنّ غُرورا

ورنا إلى دار السلامِ .. فمـا رأى      حصناً يصدُّ هجومَه.. أو سُـورا

و رأى الجهادَ مكـبّلاً ومُطـارَداً      ورأى المجاهـدَ مُبْعـداً وأسـيرا

ورأى العدالـةَ قد هـوى ميزانُها      و الظلـمَ يزهو شامخاً منصـورا

و رأى العفافَ يئـنُّ في أسواقِنـا      و يُشيعُ بين المسـلمينَ فُجُـورا

و رأى صُروحَ العلمِ تشكو جهلَها      ورأى سـجونَ الظالمينَ قبـورا

ورأى الفراعنةَ  الصِّغـارَ تَألَّهـوا      والشعبَ يذوي خائفاً مذعـورا

جهلوا المعالي ... غير أنَّ بطونَهـم      تعلو... ليشتكي الفقيرُ ضَمـورا

وأحبَّهم... لِمَ لا وكلُّ نضـالِهـم     فيما يُريـد عشـيةً و بُكـورا؟

مَنْ ذا يـردُّ جيوشَهُ إن أقبـلتْ ؟    أيخافُ لِصـاً أم  يهـابُ أجيرا؟

     

قد جاءنا جيشانِ... جيشُ جريمةٍ     صبَّـت علينا الحقـدَ والتفجيرا

وتلاهُ جيشُ المكرِ... جيشُ خديعةٍ     ملأتْ عـقولَ شعوبِنا تزويـرا

يشكو من  الإرهابِ وهـو حليفُهُ    وبصَنعَةِ الإرهابِ صـار خـبيرا

هذي فلسطينُ الذبيحةُ كم شَكَتْ     ممّـا تـلاقـيهِ أذىً وشُـرورا

خمسونَ عامـاً والجرائـمُ ما وَنَتْ    والشعبُ عانى القتلَ والتدمـيرا

خمسـونَ عـاماً و الجرائمُ لم تَدَعْ    فيـنا صـغيراً آمـنـاً وكبيرا

هل يعـرفُ التاريخُ إرهـاباً علا     في شـرِّهِ شارونَ أو شامـيرا؟

إنْ لم يَرَوا إرهابَ إسرائيلِهم     كيف استطاعوا أن يَرَوا (تيمورا)؟(2)

مِنْ خلفِ معسولِ الدعاوى خطّةٌ     كي ينصروا التهـويدَ والتنصيرا

كي لا يَرَوا هاماتـنـا مرفـوعةً     بالحقِّ ... تعـلو فاسقاً وكفورا

كي يُفرغوا الإسلامَ من أحكامـهِ     كي يَمسـَخوا التنزيلَ والمأثورا

كلُّ الشياطينِ استعادوا  مجـدّهم      و بكلِّ عَزمٍ ينفـخون الكـِيرا

فالشعبُ في الشيشانِ أو في الصينِ أو    في (مَندَ ناوٍ) يرتمـي مـقهورا

و بَغَوا على الأفغـانِ بَغـياً غاشماً     بئـسَ الحضارةُ إن أتَتْ لتَجورا

قصفوا المنازلَ والحـقولَ... وتارةً    جعلوا المساجدَ للعـبادِ قبـورا

بعلومِهم... وثرائِهم ... وحشودِهم    يرمونَ شـعـباً بائساً وفـقيرا

دأبُ المعـاركِ أن  تَمُـدَّ رِحـابَها    لا أن تـرودَ مسارباً وجُـحُورا

أترى  الأبتشي والأوكسَ  وغيرَها    تغـزو بِغـالاً ضُمَّراً وحميرا؟(3)

تلـكَ البطولةُ عارُهم و شـَنارُهم    ما الحالُ لو كـان العدوُّ نظيرا؟

     

هارونُ قُمْ ... إنّا جنودُك فاخـترقْ     بدمـائِنا التّخـويفَ والتحذيـرا

واضربْ بنا صَلَفَ العُلوجِ... فقد غدا     صَلَفُ العلوجِ على الكرامةِ نِيرا

إن غرَّهـم حشـدٌ فَعَـزمَ شبابِـنا    يَدَعُ الجـبالَ الشامخـاتِ حَصيرا

ما للعلوجِ سوى العِقابِ ... كما رمى     صَحْبُ النبيِّ قُريـظةً ونضـيرا

ساروا على مَوجِ الصهيل ِ... يقودُهُ     مـوجُ الزئـيرِ... وكبَّروا تكبيرا

فتضعضعتْ هِمَمُ اليهودِ... وأبلسوا     وارتـدَّ كيـدُ المدبـرين دُحورا

ومَضَوا على الموجِ الكئيبِ..يقودُهُ     موجُ النحيبِ..يصيحديسابورا)(4)

سيفُ الفداءِ يَـفـُلُّ كلَّ سيوفِهم       و يُبـدِّدُ الصـاروخَ والتفجيرا

كادوا ... وقـادوا كل إرهابٍ لـنا     كي يَبسُطُوا فوقَ الهدى دَيجورا

نأبى التطرُّفَ والغـُلُوّ َ... فلمْ نكنْ       يوماً نُسيءُ الفهمَ والتفسـيرا

بـل أمـةً وسَـطاً بمـيزانِ الهدى       ولـذا نبذنا البُخلَ والتبـذيرا

مَـنْ مُـبـلـغُ الأعلاجِ أنّـا أمةٌ       جـاءتْ بشيراً للورى و نذيرا

زَهَـتْ الحضارةُ من ضياءِ عقولنا       دهراً.. وعنوانُ الحضارةِ: شورى

مَنْ مُـبلغُ الأعـلاجِ  أنَّ دعاتـَنا       طَلَعوا على ليلِ الأنـامِ بُـدورا

مـنْ مبـلغُ الأعلاجِ أنَّ رجالَـنا       كانوا أُسُوداً في الوغى ونَمـُورا

و لقد أتى  أحفادُهم أشـباهَـهم        سَيلاً يُحيلُ قُوى الأعادي بُـورا

منـّا  صلاحٌ والرشـيدُ وخالـدٌ        منّا الـكُمـاةُ الحافظـون ثُغُورا

سَلْ عن فرارِ هـِرَقلَ من آسادِنا        وزوالِ كسرى فـارسِ سـابورا

لن يُخمدَ الآمالَ فيـضُ زُحوفِهم        فبِلـجةِ الظلـماتِ نرقُـبُ نورا

دَعْ عنكَ إغراءَ التخاذُلِ... وانتصِرْ        لدمٍ يـَرومُ النصرَ والتحـريرا

هـل أثمـر السِّلـمُ المزيَّفُ مرَّةً        إلا خُنـوعـاً مُـزرياً وثُبـورا؟

تبكي الكرامةُ  في قصورِ طُغاتِنا      والمجدُ قد غنـّى بـ (تُورا بُورا)(5)

(1) إشارة إلى قولة هارون الرشيد للصحابة: أُمطري حيث شئت فخراجك عائد إليّ.

(2) تيمور الشرقية التي استقلت فجأة عن أندونيسيا.

(3) الأباتشي والأوكس من أنواع الطائرات الحربية الحديثة.

(4) ديسابورا: مصطلح يهودي يعني الشتات والتشرد.

(5) تورا بورا: موقع في أفغانستان.