مقابر الأحياء

سليم عبد القادر

شعر: سليم عبد القادر

القهر يجري سعيراً      في أضـلعي ودمائي

يشوي كياني بـنارٍ      مشـبوبـة سـوداء

لهـيبُـها زفـراتٌ      مـضرَّجات الرَّجاء

تندُّ في كـل حـين     عن إخوتي السُّـجناء

من كلِّ  حرٍّ أسـير     كاللّيث مُـدَمى الإباء

لـم يُجْـدِهِ أن براه      كالـرِّيح ربُّ السَّماء

فيعترينـي سـؤالٌ      فجٌّ كبـرد الشـتاء:

ألـلنمّـِال سـجونٌ     كالصخرة الصَّمّاء: ؟

تـزجُّ فـيـها نمالاً     بلا طـعام و ماء! ؟

وهـل يطالعُ ذئـبٌ     ذئـباً كموتٍ  فجائي

وهل يشـرِّد كلـبٌ      كلـباً إلى الصحراء

أم يجلد القردُ قـرداً      تشفِّـياً في الخفـاء

أم تنهش البومُ  بوماً      في  نشـوة حمـقاء

حتّى ابنُ آوى  ليعيا      بمثل  هـذا الغـباء

أمْ في ابنِ آدمَ أدنى       من هـذه الأشياء !؟

فكيف يشقى ليبنـي       قبـوره بالشـقـاء

يستنجد الـمرءُ فيها      بالموت، لا بالبقـاء

أبوابهـا السُّود بُكـْمٌ     تحكي ضُروب البلاء

شواهد ما  أقـامـتْ     أنَّ الورى كالإمـاء

و قد دعاها سجونـاً      ظلماً ومحض افتراء

ليست سجوناً، ولكن       مقابـر الأحـيـاء

*  *  *

طوبى لنا ، قد شبعنا      تـقـدمـاً للـوراء

يموت شعب ليحـيا       نذل عديـم الحيـاء