يبدو مستحيلا

د. محمد جاد

د. محمد عبد المطلب جاد

[email protected]

أستاذ سيكولوجيا الإبداع

جامعة طنطا-جمهورية مصر العربية

هل لدَيْكِ الآنَ  يا حَبَّةَ عَيْنِي

جُمْلَةً إنْ كُنْتِ قَرَّرْتِ الرَّحِيلا؟

حَمِّلِي رُوحِي كثيراً وأَفِيضِى

بِمُنَاجَاةٍ   لِتَبْقَى    سَلْسَبِيْلا

حَمِّلِي رُوحِي حَدِيثَاً مَرْمَرِياً

رُبَّمَا يَمْتَدُّ بِى عُمْرِى طَوِيلا

واجْعَلِي آخرَ  إهْدَاءٍ دُعَاءً

لرَحِيمٍ  إنْ   تَعَثَّرْتُ   مُثُولا

ولقاءً   أبَدِيَّا    فى    حِمَاهُ

لا تَخَافُ الرُّوحُ يوماً أنْ يَزُولا

**

كانَ حُلْمَاً  لمْ  يَدُم  يا  نُورَ عَيْنِي

ضَمَّنَا فى رَوْضَةِ  الرُّوحِ  قَلِيلا

وإذا  ساءَلَنِي   رَبِّى    عَلَيهِ

قَدَّمَتْ رُوحِي مِنَ العَطْفِ دَلِيلا

وإذا  سَاءَلَنِي   عَنْ    مُبْتَغَاهُ

قُلْتُ: صَبْرَاً مِنْ لَدُنْ رَبِّى جَمِيلا

**

هل لدَيْكِ الآنَ   يا  تَوْأَمَ   رُوحِي

ما  لأوَّلِ  مَرَّةٍ    يَشْفِى   غَلِيلا؟

هل لديكِ ما ادَّخَرْتِ  مِنْ   مَعَانٍ

فى فؤادٍ عاشَ فى الصَّمْتِ خَجُولا؟

هل هَفَا النَّرْجِسُ بَعْضَاً مِنْ شَذَاهُ ؟

لا  تَلُومِيْهِ   إذا   فَاحَ    قَلِيلا

إنَّ قلبي كانَ  يَدْرِى  أنَّ  طُهْرَاً

رَشَّحَ   البَوْحَ    فأذْكَاهُ    ضَئيلا

**

هل لديكِ الآنَ  يا   قُرَّةَ   عَينِي

مِنْ سبيلٍ  يَصْلُحُ  اليومَ  بَدِيلا ؟

مِنْ مُوَاسٍ، مِنْ عَطُوفٍ، مِنْ شَفُوفٍ

مِنْ حَنَانٍ يُصْبِحُ  اليومَ  وَكِيلا؟

مِنْ رَءوفٍ مُشْفِقٍ يَجْبُرُ كَسْرِى؟

هلْ تَرَيْنَ المَسْخَ يَشْفِينِي أَصِيلا؟

عَجِّلِي  إنْ  شِئْتِ  أرْتَاحُ   بِقَتْلِى

لَيْتَنِى  أُصْبِحُ  إنْ  غِبْتِ    قَتِيلا

كنتُ إنْ غِبْتِ لبَعْضِ الوقْتِ عَنِّى

انْزَوِى فى جَوْفِ  أوهامي ذُبُولا

يَتَوَارَى دَاخِلِي  صَحْوِى  وشَدْوِي

ورؤى  الأحلامِ   تَنْزَاحُ   أُفُولا

**

هل لديكِ  الآنَ  يا   مُنْيَةَ  قَلْبِى

لانسلاخِ الرُّوحِ مِنْ رُوحٍ سبيلا ؟

كيفَ يا سمراءُ أسْتَخْرُجُ رُوحى

مِنْ حَنَايَا لمْ تَزَلْ فِيهَا  نَزِيلا؟

كيفَ تَنْأىْ وَهْىَ مازالتْ جَنِينَاً

نائماً فى حُضْنِ  مَرْبَاهُ  سَلِيلا ؟

خَلَّقَتْهُ  رَحْمَةٌ  مِنْكِ   وَعَطْفٌ

أصْبَحَا للْمَنْبِتِ العَذْبِ أُصُولا

يُصْبِحُ الدَّهْرُ وَيُمْسِى وَهْىَ تَجْثُو

ها هُنَا تَشْكُرُ  مَثْوَاهَا  الجَلِيلا

إنَّها إنْ غِبْتِ يا  تَوْأَمَ   رُوحِى

تَعْصِفُ الرِّيحُ بها عَصْفَاً مَهُولا

وَأَرَى طِفْلَكِ مَهْمُومَاً  كَئِيبَاً

باكياً فى  عَتْمَةِ  القَيْدِ  عَلِيلا

وتَرَاءَىْ فى عُيُونِ النَّاسِ ظِلَّاً

بَاهِتَاً مُسْتَوْحَشَ الرُّوحِ هَزِيلا

شَارِدَ الفِكْرِ تَهَاوَى كَصَرِيعٍ

وَكَسَاهُ الوَهْمُ والخَوْفُ نُحُولا

مُطْرِقَ الوَجْهِ مُسَجَّى فى البَلايَا

خَائِرَ العِزَّةِ   مَهْمُومَاً    ذَلِيلا

تَائِهَ الخَطْوِ غَرِيقَاً  ليس  يَدْرِى

مَأْرَبَاً فى سَكْرَةٍ  يَمْضِى مَلُولا

فَإِذا ما جَاءَهُ   صَوْتُكِ   غَنَّىْ

وانْمَحِتْ كُلُّ  العَذَابَاتِ  غَسِيْلا

واكْتَسَى العَالَمُ نُورَاً وَوُرُودَاً

وَغَدَا  رَوْضَاً   سَمَاوِيَّاً    ظَلِيلا

عَامِرَ الخُضْرَةِ  مَزْهُوَّاً   بِسِحْرٍ

وشُمُوخٍ  لاحَ   يَرْتَادُ  النَّخِيلا

وَرُبَىً  تُزْهَى  جَمَالاً   وَبَهَاءً

حَادَثَتْ خَجْلَيْ  بِطَاحَاً  وَسُهُولا

تَرْجِعُ النَّفْسُ إلى صَفْوِ رِضَاهَا

بابْتِهَالاتٍ   لِمَا  فَاضَ  جَزِيلا

وإذا الأحياءُ فى الرَّوْضِ تَنَادَتْ

تَعْزِفُ اللَّحْنَ   صَهِيلا   وَطُبُولا

وإذا القلبُ  مع  النَّشْوَةِ    يَشْدُو

تحتَ فَيْضِ العَطْفِ إذْ جَاءَ هُطُولا

إنَّهُ طِفْلُكِ إنْ  ما  غِبْتِ   عَنْهُ

يَمْلأُ الدُّنْيَا  صُرَاخَاً  وَعَوِيْلا

**

يا رَسُولاً  سَاقَهُ  اللهُ  لِرُوحِى

فإذا هِىَ تَسْكُنُ اليومَ  الرَّسُولا

وحَنَايَا مِنْ  فُيُوضَاتِ  التَّجَلِّي

كيفَ للرَّحْمَةِ يَوْمَاً أنْ تَزُولا؟

فَيْضَ رَحْمَنٍ كَسَانِي واحْتَوَانِي

حَانِيَاً  طَوَّقَ  أشْلائِي  شُمُولا

لَمْلَمَتْ رَحْمَتُهُ  ذَرَّاتِ  نَفْسِى

مُشْفِقَاً يَحْنُو على  قَلْبِى  نَبِيلا

وَيْحَ أَيَّامِى أَتَقْضِى اليومَ ظُلْمَاً؟

أمْ تُرَى تَحْكُمُ فى قَلْبِى عُدُولا؟

أَتُرَاهَا  ذاتَ  قَلْبٍ  مثلِ  قَلْبِى

أم تُرَاهَا حَكَّمَتْ فِىَّ العُقُولا؟

كَمْ مَضَى مُنْذُ الْتَقَيْنَا؟ لَسْتُ أدْرِى

غَيرَ أنِّى  ذُقْتُ  رَيَّاهَا  فُصُولا

كُلَّهَا   كانَتْ   حَيَاةً   وارْتِوَاءً

ما رَأَتْ عَينِى مَدَى عُمْرِى مَثِيلا

مُنْذُ   أَوَّلِ   دَقَّةٍ   كَانَتْ   لِقَلْبِى

يَومَ رَفْرَفَ رَاقِصَاً يَشْدُو هَدِيلا

كَانَ  يَبْكِى   نَاعِيَاً   آخِرَ   يَومٍ

عِنْدَمَا تَنْوِينَ  يا  أُمِّى  الرَّحِيلا

قدْ يكونُ العُمْرُ بَعْدَكِ مَحْضُ ذِكْرَى

غيرَ  أنَّ  العَيْشَ   يَبْدُو   مُسْتَحِيلا