لا عزاء

د. محمد جاد

د. محمد عبد المطلب جاد

[email protected]

أستاذ سيكولوجيا الإبداع

جامعة طنطا-جمهورية مصر العربية

موكبُ الشهداءِ يمضى فى الطريقِ إلى السماءْ

والجحيمُ يشبُّ من أرضٍ ومن جوفِ الفضاء

الجراحُ تَمُوجُ فوق الأرضِ فى بحرِ الدماء

لا أمانَ بأى شبرٍ من رصاصِ الجُبَنَاءْ

فى العراءِ تجلَّتْ الأعْراضُ يفضَحُهَا الخَلاءْ

لم يَعُدْ يُسْتَرُ منا غيرُ ما ستر الرداء

طائراتُ هدَّمَتْ كلَّ المنازلِ فى غَبَاءْ

أنَّها تُقْسِمُ بال (ياهو) على شُرْبِ الدماءْ

هائماتٍ لا ترى شَيْخَاً ولا خِدْرَ نِسَاءْ

موكبُ الشهداءِ يمضى فى صباحٍ ومساءْ

فاتْرُكُونَا يا حُمَاةَ الخِزْىِ لا نَبْغِى رِثَاءْ

وارْكُضُوا من خلفِ ( لِيزَا ) فى نفاقٍ ورِيَاءْ

وفِّرُوا النَّوْحَ علينا لا تَجُودُا بالعَزَاءْ

أيَّهَا الحُكَّامُ سِيرُوا فى طريقِ الانْكِفَاءْ

والْعَقُوا عند أَمِيركا ما تَعَلَّقَ فى الحِذَاءْ

وارْكَعُوا كُلَّ صَبَاحٍ واسْجُدُوا كُلَّ عِشَاءْ

واطْلُبُوا الصَّفْحَ مِرَارَاً عن ذُنُوبِ الكِبْرِيَاءْ

واشْرَحُوا كيفَ خُلِقْنَا كَعَبِيدٍ وإمَاءْ

واطْلُبُوا الغُفْرَانَ عَنْ آثامِ كُلِّ الشهداءْ

ودفاعٍ كانَ جُرْمَاً فى حُقُوقِ الأقْوِيَاءْ

واطْلُبُوا إذْنَاً لبعضِ تَظَاهُرَاتٍ فى حَيَاءْ

تَدَّعِى رَفْضَ المذابِحِ واغْتِيَالِ الأبْرِيَاءْ

وَفِّرُوا النَّوْحَ عَلَينَا لا تَجُودُوا بالعَزَاءْ

*  *  *

موكبُ الشهداءِ يمضى مُعْلِنَاً كُلّ الإباء

لا ملاذَ اليوم فى بيتٍ ولا عادَ اتَّقَاء

غيرُ من كانوا مَنْ اللهِ اصْطِفَاءً واجْتِبَاءْ

إنَّهُ يومُ الكرامةِ ، ومواكِبُهُ احْتِفَاءْ

أَبْرِزُوا الشُّهَدَاءَ أسْرَابِاً تُشَيِّعُهَا السَّمَاءْ

*  *  *

واتْرُكُوا الأطفالَ ، أينَ سَيَهْرَعُونَ إلى اخْتفاء؟

لم تَعُدْ حتى المساجد فى أمانٍ لاختباء

زَمْجَرَ الأجْلافُ ،هذا يومُ مصَّاصِي الدِّماءْ

إنَّهُم فى لَوْثَةِ الدِّينِ وطَقْسِ الاحْتِسَاءْ

لنْ يَكُفُّوا دونما نَشْوَى بُلُوغِ الارْتِوَاءْ

وطعامٍ من لحومٍ وعظامٍ كالشِّوَاءْ

إنَّهَا حُمَّى التَّقَرُّبِ للإلهِ بالاشْتِهَاءْ

أُطْلِقَتْ لا عَوْدَ منها دونَ حَدِّ الانْطِفَاءْ

هكذا كانوا ومازالوا إلى الدَّمِّ ظِمَاءْ

لا رجوعَ بغيرِ قَهْرٍ، والظَّمَا  دونَ اكْتِفَاءْ

يَصْمُتُ العالمُ حتى تَنْتَهِى حينَ تَشَاءْ

وإذا ما فَاهَ نَدَّدَ باصْطِفَاءٍ واعْتِنَاءْ

وَفِّرُوا النَّوْحَ عَلَينَا لا تَجُودُوا بالعَزَاءْ

*  *  *

وإلى عود لنَهْتِفَ " لا عزاء "