الاغتراب

وائل هليل

على خطى ابن زريق البغدادي

وائل هليل

[email protected]

يا شاعري،

عليكَ رضوانُ القصيدْ .

خرجتَ من فردوسكَ الأحلى ،

حَسيرَ العينِ مقطوعَ الوريدْ .

أغرتك دنيا طلعُها وهمٌ .. وسقياها وعودْ .

أسرفتَ في الترحالِ .. صدتكَ الدروبْ .

وأحصنتْ رحيقََها .. في وجهكَ الورودْ.

لم تََجْنِِِ شهداً .. إنما كنتََ الشهيدْ .

*****

يا نورس الشعر المقفى بالنجيعْ .

لا تبتئس ...

لا تبتئس ..

غدا ستكتب القصيد من جديدْ .

غداً تعودُ بالعطورِ والبخورِ والياقوتْْ .

غدا ستلقاها ... بثوبها المطرزِ الجديدْ.

بهيةً كما عرفتها ،

نديةً كما ودعتها .

فمنذُ أن فارقنَها ..

وقلبُها المسكون بالحلم البعيدْ .

يشدُ أزرَها .. يضئُ عمرَها ،

بشمعة من القصيدْ :

" لا تعذليهِ ... فإن العـذل يوجعُهُ "

" غدا يعودُ ... إلى عينيك مرجعُهُ "

*****

ولم تُكذّبْ قلبَها ...

تساءلتْ :

- متى يعودْ ؟

- لا تسألي ..

فقلبهُ محاصرٌ بمقلتيكِ في الصباحِ والمساءْ

وكلما خطا إلى الأمام خُطوةً ..

خطت عيناهُ مرتين للوراءْ .

حتى تظلّي في مَداهْ .

ولا يحول بينَهُ وبينكِ الزمنْ .

فأنت عندهُ قصيدة الحياة .

ومنك، ربهُ حباهْ :

فسيلة الروح (صفاءْ)

وبرعم القلب (يزنْ)

فكيف لا يعودُ ،

كيف لا يعودْ ؟

*****

لا تعذليهْ .

لو تعلمينَ ما بهِ .. عَذرتهِ ،

فكلما ..

تنتابهُ حُمّى النَشيجْ .

يَفرُ من حصارِ صَمتهِ ،

إلى شواطئ الخليجْ .

لربما ،

يراكِ .. صدفةً هناكْ .

وكلما .. بطيفكِ التقى ،

دعاك للعشاءْ .

وأفرد المساءْ

للبوح ..  للنجوى .. ونشوة اللقاءْ  .

على ضفافِ البوحِ كم يحلو اللقاءْ .

*****

لا تعذليهْ ..

لعلهُ يعيد نقش حلمهِ ،

على يديك مرة أخرى .

دعيه يكتبْ شعرهُ ،

لوجهك المكسو عنّابا وكمثرى

دعيه يفتحْ صدرهُ ،

لشعرك المجدول بالحناءْ .

دعيه ينقذ فجره .. من غربة بلا انتهاءْ.

 فمثلهُ ..

مهما نأى .. مهما رأى في الدرب من وعثاءْ.

فإنهُ – على صراط النأي من أجل البقاءْ –

ما زال باقيا .. على قيد الوفاءْ.