منفى بأوطاني

د. محمد جاد

د. محمد عبد المطلب جاد

[email protected]

أستاذ سيكولوجيا الإبداع

جامعة طنطا-جمهورية مصر العربية

هَبَّتْ رياحُ الطغاةِ على ذُرَا وطني

مروا جراداً على قمحي بِغِيْطَانِي

وأشعلوا فتنةً فى الدين والدنيا

وجردوا الأرضَ من حَيٍّ  وبُنْيَانِ

لا حُرْمَةً لشيوخٍ أو لسيدةٍ

ولا شفيعَ لأطفالٍ وصِبْيَانِ

وتحت  دبابةِ  التحريرِ كاسِحَةً

أُحِلَّ سَفْكُ دمى بالمِشْرَطِ (الحَانِي)

*  *  *

مِنْ مَنْبِتِي أرْتَوِي مِنْ غُسْلِ حِيْتَانِ

وأكْتَوِي بِسِيَاطِ الظالمِ الجَانِي

جاروا على مُهْجَتِي واستعبدوا بَدَنِي

وكَبَّلونِي بأغلالٍ وسَجَّانِ

مَنْ كانَ مِثْلِي أَحَلَّ البَغْيُ سُخْرَتَهُ

وصِرْتُ بالبَغْيِ  مَنْفِيَّاً بأوطاني

هاجرتُ مِنْ مَوْطِنِي وَلَجَأْتُ فى وطني

لا رَأْىَ لي في تدابيرٍ وبنيان

أخْلَصْتُ فى الحُبِّ حتى صِرْت أُضْحِيَةً

لا أمرَ دينٍ ولا مَرْضَاةَ دَيَّانِ

*  *  *

جاءوا على موطنى سَحْقَاً بِفِرْيَتِهِمْ

وروجوا أننى خِصْمٌ لجيرانى

وأنَّ عِنْدِى دَمَارُ الكونِ أجْمَعه

ودبروا  لى إداناتى وأكْفانى

وخَلََّقوا من بُطُونِ الزَّيْفِ شاهِدَهُمْ

وقدمونى كَمُتَّهَمٍ لِمِيْزَانِى

ودبروا مَنْ يُسَايِرُهُمْ ليَلْعَنَنِى

وجَمَّعُوا لِىَ مَنْ شَهَدُوا بِبُهْتَانِ

وحرضوا أخوتى حتى رَمُوا صَنَمِى

ليَرْجُمُونِى كأنِّى شرَّ شيطانِ

وحين لم يفلحوا فى دعم مقصلتى

فى مجلس الفِسْقِ دَاهَمَنِى الكبيران

دَكُّوا مناراتِ أمجادى وحاضِرَتِى

وروعوا كُلَّ أطفالى ونِسْوَانِى

تناثرَ العَظْمُ ذابَ اللحْمُ فى حِمَمٍ

ترمى اللظى من سماواتى وخلجانى

سَوُوا بيوتى بأرضى أحرقوا  زرعى

وأشعلوا النار فى  بئرٍ وخَزَّانِ

وفرقوا أمتى صَفَّيْنِ : تابِعَهُم

ومُسْتَجِيرَاً يُصَفِّى الأوَّلُ الثانى

وأسلمونى لِسَحْقِ الذاتِ فى حربٍ

ما بين أهلٍ وأنسابٍ وأخوانِ

أنا الذى قد  أحَلَّ البَغْيُ سُخْرَتَهُ

وصِرْتُ بالبَغْيِ  مَنْفِيَّاً بأوطاني

*  *  *

لَهْفِى على موطنى ، لهفى على كبدى

لهفى على فتيتى شِيْبِى وشُبَّانِى

لهفى على كنزِ تاريخى وذاكرتى

ودورِ علمى وإنجازاتِ إنسانى

لهفى على مسجدى وعلى حسينيتى

ودفعِ دينى ليَنْصُرَ فِكْرَ  شيطانِ

وخيرِ من علموا الدنيا بكاملها

كُلَّ العلومِ بثالثِ عَصْرِى والثانى

لهفى على قِبْلَةِ الدنيا وثروتِها

أضْحَتْ خراباً على أقدامِ صُلْبَانِ

وصَالَ فى جسمها سرطانُ فُرْقَتِهَا

ودَبَّ فيه تداعى كُلِّ بُنْيَانِ

مُرُّوا على موطنى واسْتَشْهِدُوا حَجَرِى

وحدثوا الطيرَ عن أهوالِ سرطانى

وكم من العمر يبقى ساكناً جسدى

يبقى مُشِعَّاً كأفغانٍ ويابانِ

ما ذَنْبُ مثلي يُحِلّ البغيُ سُخْرَتَهُ

وصرتُ بالبَغْيِ  منفياً بأوطاني