هالة الحزن الدفين
د. محمد عبد المطلب جاد
أستاذ سيكولوجيا الإبداع
جامعة طنطا-جمهورية مصر العربية
طولَ هذا الوقتِ لم أنظر إلى عينيك مره
هل إذا أقسمتُ بالحقِّ الجليلِ تصدقين ؟
ما نظرتُهُمَا سوى حينَ انْحنيْتِ تسألين :
حدثوني أنك اليوم مريضٌ .
وكسا عطفُكِ روحي، جاءَ كالفيضِ الحَنُون
ها هنا أبصرتُ عينيكِ لأوَّلِ مَرَّةِ
لم أقف من جلستي ،هل تعلمين
أن قدمي قدْ تلاشى عزمُها
وغَرقْتُ بِسِرِّ عينيكِ الدفين؟
ما هما عينانِ يا حَبَّةَ عيني
بل هما نَهْرَانِ للدمع الحزين
تركَ الحُزْنُ على عينيك وشْمَاً
غائراً رغم الذي تتصنعين
لِمَ يا سمراءُ هذا الحزنُ أَضحى
كاسياً وجهك من حينٍ لحين ؟
ما الذي يُثْقِلُ قلباً ليس فيه
غيرَ حُبٍ جارفٍ للعالمين ؟
ما الذي يَذْبَحُ نفساً ليس فيها
غيرَ دفءٍ وصفاءٍ وحنين ؟
ما الذي يسكنُ هذا القلبَ حتى
خَيَّمَ السُّهْدُ على الوجهِ الحزين؟
لا تُجِيبي ودعيني أتَمَلَّى
بفؤادي ، إن للقلبِ عيون
**
يا أرقَّ الناسِ حينَ تَشُفُّ نفسٌ
بشعورٍ مرهفِ الحسِّ رزين
يُصْبِحُ الجُرْحُ لأوهى سبب
غائراً فوقَ احتمالِ المرهفين
مَنْ يبثّ الناسَ حباً جارفاً
يَحْزَن العمرَ لغدْرِ الغادرين
مَنْ لهُ قلبٌ شفوفٌ حالمٌ
يقرأُ الغاياتِ من خلفِ الظّنون
مَنْ لهُ الحُبُّ الذي لا ينتهي
يتلظَّى بين أيدي الباردين
والمثاليُّ الذي ورثَ الصَّفَا
مُتْعَبٌ فى عالمِ المتبلدين
آهِ يا سمراءُ من شوكٍ على
ما نراهُ كَفِرَاءٍ مُسْتَكِين
آهِ مِنْ سمٍّ توارى ذائباً
فى شرابٍ رائعِ الطَّعْمِ ثمين
آهِ مِنْ قلبٍ يُوَارِى حُبُّهُ
آفةَ استحواذِ مَنْ يَهْوَى رَهِين
آهِ مِنْ نفسٍ تُعَالِجُ نَقْصَهَا
بانكسارٍ فى عيونِ الناظرين
آهِ مِنْ زَيْفِ المظاهرِ إنْ حَوَى
جوهراً غَثَّ الإراداتِ مهين
آهِ مِمَّنْ لا خَلَاقَ يَقُودُهُم
يَحْرِقُونَ العُمْرَ عند الطيبين
آهِ مِنْ مَرْبَىً يُغَذِّى طِفْلَهُ
أنَّمَا الدنيا متاعُ الغالبين
واصطيادٌ لافتراسٍ وَوَغَى
وصراعٌ منذُ عَهْدِ الأوَّلين
و(أنا) لا( نحن) أعظمُ سنةٍ
لامتلاكِ الكونِ : مالا وبنين
آهِ مِنْ قِيَمِ الدَّنَاءَةِ إنْ عَلَتْ
واسْتَبَدَّتْ غفلةً بالنابهين
كيفَ تَنْجُو وردةٌ مِنْ قَبْضَةٍ
لا ترى فى الوردِ مَرْآهُ الحزين
خَفِّفِي عنك المآسي وَرْدَتِي
وأذِيبِي الشَّكَّ فى بحرِ اليقين
إنَّكِ الأقوى بقلبٍ طَيِّبٍ
أَنَْتِ أقوى بألوفِ العاشقين
يَلْمَحُونَ الحُبَّ فى الوجهِ الحزين