يَوْمٌ طَوَى العُمر
16آب2008
محمد ياسين العشاب
محمد ياسين العشاب - طنجة/المغرب
[email protected]
أَقَـمـتُ يَـوْمًا عَلَى ذِكْرَاكِ يَـوْمٌ طَـوَى الْعُمْرَ في أَثْنَائِهِ فَبَدَتْ إِنَّ الْـحَـيَـاةَ غِـمَـارٌ لا حُدُودَ لَهُ فَـلَيْسَ يَحْيَى على ذِكْرَى و لاَ أَمَل ٍ تَـمْـضِي بِهِ لاَهِيًا عَنْهَا و عَنْ غَدِهِ كَـأَنَّـمَـا كُـلُّ شِـبْـرٍ فَـوْقَهَا أَلَمٌ مَـا فَـارَقَـتْ لَوْعَةُ الْأَحْزَانِ مُنْتَهِيًا كُـلٌّ يُـكَـابِـدُ مِـنْ رَاجٍ بِهَا فَرَجًا لَـوْ كَـانَ يُجْدِي مِنَ الدُّنْيَا زَخَارِفُهَا * * * أَقَـمْـتُ يَـوْمًا عَلَى ذِكْرَاكِ أَحْيَاهَا يـا قَلْبِ لا تَعْتَصِرْ و اصْبِرْ لِسَانِحَةٍ هَـذَا الـسَّـنَاءُ الَّذِي يَغْشَاكَ مُنْكَسِفٌ طَوَاهُ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ انْقَضَى وَمَضَى رَفَـعْـتُ عَنْ هَذِهِ الدُّنْيَا جَمِيعَ يَدِي سُـرْعَـانَ مَا تُحْبِطُ الرَّاجِي و تَسْلُبُهُ لَـمَّـا رَنَـتْ مُهْجَتِي يَوْمًا إِلَى غَدِهَا أَزْرَى بِـهَـا قَـلَـقٌ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ يَـا لَـيْـتَـهَا بِنُجُومِ الْأُفْقِ مَا شُغِفَتْ بَـلِـيَّـةٌ كَدَّرَتْ عَيْشِي وَ هِمْتُ بِها مَـا حِـيلَتِي وَ بِنَفْسِي حَيْرَةٌ سَعَرَتْ دَارَتْ عَلَيَّ صُرُوفُ الدَّهْرِ يَوْمَ رَنَتْ فَمَرَّغَتْ كُلَّ جِسْمِي في الرَّغَامِ سُدًى أَعْـطَـتْ و يَا لَيتَهَا لَمْ تُعطِ زُخْرُفهَا حَـتَّـى إِذَا سُـرَّ يَوْمًا مِنْ مَحَاسِنِهَا لَـوْ كُـنْـتَ ذَا رَشَدٍ مِمَّا عَرَفْتَ بِهَا لاَ كُـنْتِ يَا نَفْسُ كَمْ أَسْقَطْتِ مِنْ هممٍ و كَـمْ هَـوَيْتِ بِمَنْ كَانَتْ مَفَاخِرُهُمْ لَـوْ كَانَ لِي بَعْضُ فَهْمٍ ما سَقِمْتُ بِهَا يَـا سَائِرًا في سَبِيلِ النَّفْسِ كُنْ حَذِرًا مَـنْ سَـارَ فـي دَرْبِهَا يَرْجُو مَوَدَّتَهَا فَـمَـنْ تَـقَـرَّبَ مِـنْـهَا قَيْدَ أُنْمُلَةٍ * * * أَقَـمْـتُ يَـوْمًا عَلَى ذِكْرَاكِ أَحْياهَا هَـاجَـتْ شَـجَايَ فَأَنَّى بَعْدَهَا سَبَبٌ مَـزَّقْـتُ قَلْبِي بِنَفْسِي وَيْحَهَا رَغِمَتْ طَـالَـتْ عَـلَـيَّ لَيَالٍ عَذَّبَتْ خَلَدِي أَغْـرَتْـكِ يَا نَفْسُ أَرْضٌ لاَ أَمَانَ لَهَا حَتَّى جَنَيْتِ عَلَى رُوحِي و ضَاقَ دَمِي أَقَـمْـتُ يَوْمًا عَلَى ذِكْرَى عَجِبْتُ لَهَا لَوْ كَانَ لِي بَعْضُ رُشْدٍ مَا سَقِمْتُ بِهَا | أَحْيَاهَاكَـأَنَّـمَـا عَادَ بِي يَوْمِي لِمَحْيَاهَا أَيَّـامُ سَـعْـدٍ وَ شَـجْوٍ كِدْتُ أَنْسَاهَا مَـنْ خَـاضَ فِـيهِ و أَفْنَى قَلْبَهُ تَاهَا و لَـيْـسَ يُـدْرِكُ مِنْ دُنْيَاهُ مَغْزَاهَا و يُـذْهِـلُ الْـقَلْبَ عَنْ مَعْنَاهُ مَعْنَاهَا و مَـا لِـحـيٍّ فِـرَارٌ مِـنْ رَزَايَاهَا كَـلاَّ و لاَ فَـارَقَتْ في الأَرْضِ تَيَّاهَا يُـدْنِـي الْـبَـعِيدَ، لِعَانٍ بَاتَ أَوَّاهَا مَـا كـان فـيها شَقِيٌّ فَاغِرًا فَاهَا ! * * * يَـا سَـاعَـةً أَلَّـبَتْ حُزْنِي بِذِكْرَاهَا هَـاجَـتْ فُؤَادَكَ عَلَّ الرُّوحَ تَنْسَاهَا لَـمْ تُـبْقِ مِنْهُ صُرُوفُ الْحَالِ أَشْبَاهَا فَـاحْذَرْ طُيُوفَ الْكَرَى واحْذَرْ بَلاَيَاهَا وَ عِـفْتُ مِنْ بَيْنِ مَا قَدْ عِفْتُ رُؤْيَاهَا مَـا كَـانَ مِـنْـهَا فلا تُبْقِي لَهُ جَاهَا رُنُـوَّ حَـادٍ إِلَـى وَاحٍ وَمَرْعاهَا 2 يَـؤُودُهَـا بِـهُـمُومٍ كُنْتُ أَخْشَاهَا 3 فَـمَـا دَرَتْ أَيْـنَ أَقْصَاهَا وَ أَدْنَاهَا فـي حَـالَةٍ مِنْ ظُنُونِ النَّفْسِ أَحْيَاهَا مَـا كَـانَ ضُـيِّعَ مِنِّي الرُّشْدُ لَوْلاَهَا نَـفْسِي إِلَى الأَرْضِ وَاشْتَاقَتْ لِدُنْيَاهَا ولَـيْسَ تُجْدِي ولاَ تُغْنِي عَطَايَاهَا 4 خَـدِيـعَـةً ضَيَّعَتْ مَنْ ذَاقَ حُسْنَاهَا أَرْدَتْـهُ فـي يَـوْمِهِ التَّالِي خَطَايَاهَا لَـزَادَتِ الْـقَـلْـبَ إِرْشَادًا و إِنْبَاهَا عَـزِيزَةٍ كَانَ صِدْقُ الْعَزْمِ سِيمَاهَا 5 تُـتْـلَـى، وكانُوا قُبَيْلَ الْيَوْمِ أَنْزَاهَا وَالـنَّـفْسُ مَا رُوِّضَتْ لَمْ تُؤْذِ مَوْلاَهَا فَـإِنَّـمَـا كـان عَـبْدُ النَّفْسِ أَشْقَاهَا أَهْـدَتْ إِلَـيْـهِ مِـنَ الزَّلاَّتِ أَعْتَاهَا يَـرْجُو الْوِصَالَ بِهَا أَهْدَتْ هَدَايَاهَا ! * * * يَـا سَـاعَةً ضَاعَ عَنْ عَيْنِي مُحَيَّاهَا إِلَـى الـرَّشَـادِ ونَفْسِي انْهَدَّ مَبْنَاهَا نَـفْسُ الشَّجِيِّ و قَلْبِي مِنْ ضَحَايَاهَا ! بِـفِـتْـنَـةٍ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ جَلاَّهَا وَ لَـوْ رَشَـدْتِ لَـمَا أَغْرَتْكِ بَلْوَاهَا ذَرْعًـا، و أَجًَّجْتِ نَارًا بِتُّ أَصْلاَهَا ! مَـا كَـانَ أَغْـنَى فُؤَادِي عَنْ بَلاَيَاهَا مَـا كَـانَ يَـنْفَعُ نَفْسًا نَدْبُ ذِكْرَاهَا ! | 1
(1(1) المَحْيَا :مَفْعَل من الحياة، نقول محياي ومماتي.
(2) حَادِي الرَّكْبِ من يَدُلُّه على الاتجاه الصحيح فيَقُودُهُ إليه.
(3) أَزْرَى بالشيء اسْتَهَانَ به، ومعنى يَؤُودُهُ يُثْقِلُ عليه.
(4) الرَّغَام: التراب.