صَبَرْ

عبد الرحمن الإبراهيم

صَبَرْ

عبد الرحمن الإبراهيم

*مُهداة للصديق العزيز " علي الأحمد "  أبو فؤاد ..في الذكرى الثالثة لنجاتنا من القتل

حُطِمَتْ ببطولة طيّارٍ تافهْ

أضلاعُ الطاقة .. وانسَفَكَتْ ..

أقساطي  ، بدموع الماء الساخنْ

فارتعشتْ أضلاعُ السطح الباردْ .. فبردتُ.

*

وشظايا الصاروخ الأعمى

جعلتْ جدراني (( منقلةً ))

حاولتُ لمرّاتٍ عدّةْ

إحصاءَ ثقوبٍ مختلفةْ

في صدْرِ الواجهةِ القُبليةْ .. وفشلتُ

مُلئتْ بطيورٍ نازحةٍ

وتفشّتْ فيها الأعشاشُ

سَعُدَتْ بالحبِّ ، وما وضعتْ ..

فيها من بيضٍ .. فسَعِدْتُ.

*

حوّلتُ البئرَ الرومانيْ

بفلوس الدّينِ – إلى ملجأ

فكشفتُ لمن حوليْ

كمْ كنتُ غبيّاً .. وندمتُ

واستهوى قتلي طيّارٌ

أميُّ مذعورٌ حاقدْ

يرميني رشّاً ودراكاً

و ( عليٌ ) يسمعُ عن بعدٍ

ضرباتِ القلبِ المُستهدفْ

يتشهّدُ ثمَّ يُذكرني

بمناسكِ موتٍ لمْ يعرفْ

فنجا المُتشهّدُ من فحوى دمّي .. ونجوتُ.

*

وشظيةُ قنبلةٍ كادتْ

أن تُطفئ في قمري القمرا

دخلتْ في حارة عمري

مرّتْ بجوار القلبْ

قلبِ الأمّورة ( مروة )

أشفاها الله ، وما برحتْ ..

في البال ، تغوصُ شظيتها

لا تتعبُ منّي .. وتعبتُ

وبطلقٍ ناريٍّ مذعورْ

ثُقِبَتْ كتفٌ

تتعيّشُ عيني منها 

برغيفٍ من خبز النورْ

كتفُ العصفور الأصغرْ

هو خامسُ أولادي ..

عكازُ الرّوح الأكبرْ

وعلى ما أنبتَ من وجعٍ

في جذع القلب .. توكأتُ

*

في جسدِ الرابع رابضةُ ..

ذاكرةُ المشفى الميدانيْ

وخرائطُ للمشفى التركيْ

ونُدوبٌ ما فتئتْ تنمو ..

شوكاً بمساكب وجدانيْ

بجّلتُ ، أصابعَ من تركوا ..

فيها بصماتٍ ، وشكرتُ

*

والثالثُ ، أطفأتِ الأمّةْ

بفضائل ألوية الأمّةْ

وهجَ الحريّة وانكفأتْ ..

فيه الوطنية والهمّةْ

أمسى ، وبعيداً عنّي ،

يستثمرُ في ( اسطنبولٍ ) دمّهْ

وينامُ كقطٍّ مطرودٍ ..

في ركنٍ من قبو المشغلْ

ليُطَرّزَ بالشوق الكاويْ .. هَمَّهْ

ويُوشّيْ بالدمع الغالي .. كُمَّهْ

لو يدري كم أبكى أمَّهْ ؟!

وأنا .. في مسقط قلبيْ

في جفنِ السّطرِ التاليْ

أقفلتُ مدامعَ أقلاميْ حيناً .. وبكيتُ

*

أستاذي الصابرُ علمني :

" الصبر سلاح العاجزْ "

وأنا بغرام الثورةْ

أثبتُ العكسْ

: " طلابُ الراتبِ منبطحاً "* .. فوقفتُ

" عُشّاقُ الجنّة ملتحياً " .. فحلقتُ

" أبناء الثورة مُرتزقاً " .. فرفضتُ

" الجنسُ الثالثُ مُرتحلاً " .. فبقيتُ

وحرستُ مواقعَ ذاكرتي ..

بجيوش الصبر ومازلتُ ..

أتفقدُ بالدمع الدافيْ ..

وردَ الشهداء .. وما زلتُ ..

أرفو بعناكب أوجاعيْ ..

حلمَ الزيتون .. وما زلتُ ..

أتوضّا في الوقت الأخضرْ

( ما بين سماحة قاذفةٍ

ووليّ فقيه الحوّامةْ )

بالعابقِ من جرح الزعترْ

وأمدُّ حصيرةَ أشجانيْ

لتُصلي السنّةَ أشعاريْ ..

في الكوخ ، وتسري عشتاريْ ..

كُحلاً بعيون قوافيها

فتطيبُ الجنّة في النار

وتصيرُ الرُكعةُ موّالاً

موّالاً يُخزي برميلاً

موّالاً يُطربُ سُنبلةً

وبهٌدْبِ الحنطة يا وطني ..

للثورة أخبزُ مواليْ

عشتاري ما زالتْ قمحاً

وأنا خبّازاً ما زلتُ .

الغدفة - أواخر أذار - 2015

*اقتباس من مسرحية لهمام حوت :

" المسافرون على متن الخطوط السورية منبطحاً "