الفانوس السحري

د. أبو اليسر الحكيم

الفانوس السحري

د. أبو اليسر الحكيم

[email protected]

قصيدة قد كنت أهديتها لأهل غزة بضع سنوات مضت

لكن أبت معانيها الا ان تتجدد مع كل شدة تمر بها الأمة

(الا من رحم ربي و قليل ما هم)

ووجدتني

أقضي الشهورْ

أطوي الفيافي

دون كَلٍ

أو فتورْْ

و العزم مني

كالصخورْ

حتى اذا لاقيتهُ

قد عادَ

يغمرني السرورْ

و تزينت دنيايَ

يملؤها الحبورْ

و تبدد اليأس المخيّمُ              

في حياتي

و انجلى ليلي   

و أشرق فيه نورْ

لا همَ بعد اليومِ

لا حزنٌ

و لا رعبٌ      

و لا يأسُ الدهورْ

**

و مسحتُ فانوسي       

و في قلبي البشائرُ

و الشكوكُ

تحومُ           

في رأسي       

تدورْ

و أفقت من

غيبوبتي

و تبددت

سحبُ الدخانِِِِِِ

ليظهَر العملاقُِ

كالأسد الهصورْ

و تحركت شفتاهْ

لبيكَ بين يديكَ

ُاطلب

ما تشا

تُعطاهُ

ِاسألْ

ما تُرمْ

تبلغْهُ

تنعمْ بالسرورْ

**

و سألته

حقاً تقولْ؟

هل بعد تعسي

و انتكاسي

في الحياةِ

و بعد هاتيك الكدورْ

يكون لي

أنسٌُُ بأنوار البدورْ؟

**

فأجابني

حقاً أقولْ!

أنَسيتَ ما قد شدْتُ

للحكامِ

في أرض العروبة

من قصورْ؟

أسكنتُهم فيها

و سقتُ لهم نعيماً

لا يحورْ

و تحيطهم جناتُ

فياه كلُّ لونٍ

من ثمارٍ أو زهورْ

و تفيض من

 أقواتهمْ

طيبُ الموائدِ

و القدورْ

زوجتُهم

فيها العذارى

سقيتُهم

عتِقَ الخمورْ

رؤوسهمْ

منها تدورْ

هل يعتريك الريبُ

بعد صنائعي

هذي

و ما شهدتْ به

قببُ القصورْ؟

**

هيا تمّنى

ما تشاءْ

آتيكَهُ

من غير كدٍ

أو شقاءْ

أدنيك

من أحلامك الوردية الغراءِ

ما قهراً

صبرتَ عليه

دهراَ

يا صبورْ

**

يا مارد الفانوس

لي أمنيّةٌ

:::

:::

لا أبتغي

عرَضَ الحياةِ

و لا القصورْ

و لا ملاعبةَ النساءِ

و لا معاقرةََ الخمورْ

:::

لا أبتغي

الا أرى

ملكاً

رئيساً

أو أميراً فيهِ

بعضٌٌ من مروءةْ

أو له قلبٌ

غيورْ

لا لا أبالي

ان تمادى

في الفواحشِ

و الفجورْ

لا لا أبالي

ان تلذذَ

بالكبائرِ

انْ له ربٌ غفورْ

لا لستُ أرجو

أن يكون صلاحَ

هذا العصرِ

أو عمراً

و لا

أرضى لهُ

زهداً

و لا هجرَ

المخادعِ

و القصورْ

لا لستُ آملُ

أن يذيقَ

شراذم الاعداءِ

ويلات المعارك

و الثبورْ

لا لستُ

آنسُ فيهِ

معتصماً

له قلبٌ

يثورْ

ثأراً

لِامرأةٍ

تهتّك عرضُها

حزناً

لَارملةٍ

تهدم بيتُها

عطفاً

على أمٍّ

يموتُ رضيعُها

أو طفلةٍ

تبكي

تهيّجُ فبك

احساسَ المذلةِ

و الشعورْ....

أو غضبةً

للهِ في الاقصى

يُدنَّسُ

في العشاء

و في السحورْ

أرضى

ببعضِِِ شهامةٍ منهُ

و بعضِِ مروءةٍ

قلبٍ غيورْ

**

يا مارد المصباح

هيا

ِاستجبْ

أنت الاملْ

أبدَ الحياةِ

أكونُ ممتنّاً

لفضلكَ

انني عبدٌ

شكورْ

قد شدتَ

للحكام

من قبلُ القصورْ

أنكحتَهم

فيها النساءَ

سقيتَهم

فيها الخمورْ

أكوابُهم

فيها تدورْ

رؤوسُهم

منها تدورْ

يا مارد المصباحِ

حسبي منهمُ

بعضَُ الشهامةِ

و المروءةِ

أو عسىا قلب غيورْ

**

و استغرق العملاقُ

يمعنُ

في النظرْ

و تصبب العرق الملالئُ

من جبينهِ

كالمطرْ

أيقنتُ

أني مرةً

في العمرِ

جادَ لي القدرْ

**

لكن قليلاً

ما استدامت فرحتي.....

اذ قال لي

تبت يداكْ!

أَدعوتَني

في مثل

ذيّاكَ الهراءْ؟

هذا لَعمركَ

لا يكونُ

و لن يكونْ

و لن ترَ القلبَ الغيورَ

في حاكمٍ

سكن القصورْ

يلهو

و يمعن في البغاءِ

و يحتسي

فيها الخمورْ

اِستحكم الشيطانُُ منهُ

و أعمتِ الاهواءُ

قلبَهُ

و الغُرورْ

ومروءة الحكامِ

يا ولدي

لقد ماتت

و

باتتْ

في القبورْ

ان شئتَ

-عذراً-

فالتمسْها

عند ربات الخدورْ!

**

فأجبتُه

تبتْ يداكْ

أراهُ ملعوناً

أباكْ

قد كنتُ

أحلمُ

أن أرى القلبَ الغيورْ

قي الحاكم العربيِِ

في تيك القصورْ

**

 

و مسحْت فانوسي

فعاد المارد العملاقُ

مخزيّاًً

الى مصباحهِ

غيظاً

يفورْ

**

و أفقْتُ من نومي

على ألحانِ

زقزقة الطيورْ

فتفلْتُ

عن يسرايَ

و استرجعْتُ

و استغفرْتُ

أطلبُ

من الهي العفوَ

للروحِ الطُهورْ

رددتُ:

اغفرْ

يا غفورْ

يا ربِ

اِغفرْ

يا غفورْ

يا ربِ

اِغفرْ

يا غفورْ

أضغاثُ أحلامٍ

و نفثةُ ساحرٍ

وسواسُ نفسٍ

أو

غَرورْ

يا ربِ

اِغفرْ

يا غفورْ

يا ربِ

اِغفرْ

يا غفورْ

يا ربِ

اِغفرْ

يا غفورْ

حكامنا

أهلٌٌ

لكلِ فضيلةٍ

لكننا

شعبٌ

كفورْ

يا ربِ

اِغفر

يا غفور

حكامنا

أهل المروءةِ

و الحميةِ

و الشهامةِ

و الشجاعةْ

في المعاركِ

كالنمور

يا ربِ

اِغفرْ

يا غفورْ

و تجاوزنْ

عما بدا

في حقِهمْ

منا قصورْ

يا ربِ

اِغفر

يا غفور