في انتظار النُّشور.

صالح أحمد كناعنه

لمواسِمِ القَندولِ تصحو أمنياتُ الحبِّ...

واللّحنِ المُعَتّقِ من هوى القَصَبِ الغَيورْ...

والزَعترُ البَرِّيُّ والزّوفا وألوانُ الحياةِ تُعانِقُ العَبَقَ الوَقور.

***

لمواسِمِ الصُّفّيرِ والبَرقوقِ في آذارَ تصحو الشَّمسُ،

تمنَحُ عِشقَها قلبَ الحَياةِ..

فكلُّ شيءٍ في نُشور..

***

الحبُّ والصَّبرُ المُعَتَّقُ...

والعيونُ المُغمَضاتُ على الصّدى الموجوعِ مِن نَومِ الأحبّةِ خارِجَ الأحلامِ...

مِن لَونِ الهوى المَسكونِ جُرحًا بالتَّرَقُّبِ والتَّحَفُّزِ..

لاعتِناقِ الحَرفِ مِن لُغَةٍ تَثور...

***

واهٍ على قَومٍ رضوا دونَ الوَرى عيشَ القُشور..

شادوا القُصورَ... قُلوبُهُم ظَلّت قُبور..

في آخر النَّفَقِ المُعَتَّقِ في بلادَةِ حِسِّهِم...

تَنمو زعانِفُ أغنِياتٍ لم تَلِدها الرّيحُ، لم تَمخُر أنينَ النّايِ...

لم يضحَك لأمواجِ المَدى آذارُها...

لم تَرضَعِ العِشقَ الجَسور..

***

في مَطلَعِ الشَّفَقِ الذي يَحكي تَضاريسَ انتِكاسَتِهِم أرى...

الماضي يُحاوِلُ أن يَعيشَ بلا مَلامِحِهِ...

بهِ... وبِهِم تَقَطَّعَت الوشائِجُ والجُسور.

***

غَرَّبتَنا عن أهلِنا آذارُ حينَ أتيتَ تَغرِسُنا بِقَلبِ زَمانِنا...

لغَةً يَعزُّ على الذي آوى إلى كَهفٍ، -ويَبسُطُ بالوَصيدِ ذِراعَهُ-

أبَدًا تَدَبُّرَها...

سيَنتَظِرُ النُّشور...

***

غَرَّبتَنا آذارُ بالزّهرِ الذي استَسقى مَواجِعَنا، وأينَعَ مِن مَدامِعِنا...

تَلَوَّنَ مِن ملامِحِنا، وَعَرَّفَنا مَصائِرَنا...

بَعيدًا عن ظِلالٍ في شحوبِ الصَّوتِ؛

مَنبَتُها نُضوبُ الرّوحِ...

في فَلَكِ السُّدى تَذوي مَطامِحُها...

غَرائِزُها تَمور..

***

لَم تُبقِ لي آذارُ مِن بابٍ ليَأتيني بما انتَظَروا...

وما آنَستُ مِن سُعُفٍ تلوحُ ببابِهِم...

نَسِيَت مَواسِمَها لتُهدينا صدى لُغَةٍ تُخاذِلُنا...

ألا هُزّي نُخيلاتِ الحمى جذعًا أجاعَتهُ التَّفاهَةُ والغُرور!

***

للصَّمتِ طَعمُ السِّرِّ حينَ يَشُدُّ أعصابَ التّلوُّنِ...

في مُخَيِّلَةٍ تَناءَت عَن مَحاوِرِها،

مُغادِرَةَ صدى الأحوالِ والأبعادِ والأشكالِ...

هارِبَةً إلى أفُقٍ تَماهَت عِنَدَهُ الأوقاتُ...

كالأمواتِ.. أجسادٌ بلا لُغَةٍ غَدَت كلُّ التّفاصيلِ التي باتَت تُكَرِّرُنا ...

وَتَمضي .. أو تَغور.

***

آذارُ كم كُنّا صدى لُغَةٍ تَسَلَّقنا مَعارِجَها...

توغَّلنا عناصِرَها...

جعلناها لنا أفُقًا، وخاصِرَةً، وأغنيَةً...

جمعناها لتجمعنا .. ولكنّا ..

على حرفٍ بقينا نرتجي من رَحْمِها وردًا لعاشِقِها...

 وشلّالاتِ نور

***

آذارُ شَحَّ النّور في قَلبِ الصّدى ..

جفَّ النّداءُ المُستفيقُ على مَواجِعِنا بلا شَمسٍ تؤازِرُهُ...

فأتعَبَنا تقلُّبَنا وقد جفّت مواسِمُ لم تَعُد مِنّا...

وكل عناصِرِ الأشواقِ ما عادَت بِقِبلَتِنا...

وحكمَتُنا...

جناحٌ طارَ لم يحفَل بما كُنّا.. وما صِرنا...

وبردُ الصمتِ يُسلِمُنا لريحٍ قد نأت عنّا...

وشمسٍ لا مَكانَ لها بليلِ جنونِنا الموتورِ... قُل:

آذارُ هل للباقياتِ منَ الوصايا أيُّ سور؟

***

آذارُ بينَ رجوعِنا لصداكَ ..

ظِلُّ جناحِ أمنِيَةٍ تحامَتنا...

وعنوانٌ تدلّى من غصونِ خرافَةٍ...

شمسٌ بنا آثارُها تخبو ليسكُننا السُّؤالُ:

متى نَثور؟  

وسوم: العدد 732