وشاحا من أنين الناس

د. هاشم عبود الموسوي

د. هاشم عبود الموسوي

أما كنتِ شراعا يرصد الدنيا..

على قربٍ من البعدِ ؟

أما كنتِ عروس البرِ والبحرِ ؟

أما كنتِ صباح اللهِ ..

في فجر السلالاتِ ؟

وكنتِ نشأة التكوين ْ

وكنتِ خطوة البدءِ ..

وكنتِ البرعم الأخضرْ

و أصداءا من النارِ

وسر العالم المكتوبِ ..

في سفرٍ على الرملِ

سلاما للمشاوير التي مرت ْ

على خاصرة الدهرِ 

و يا بوصلةُ التاريخْ

سلاما للشناشيلِ التي..

ظلّت على شرفاتها تبكي

سلاما للحكايات التي يوماً

زرعناها على شاطئك الأخضرْ

عيونٌ نبعها دمعٌ ..

ونبعٌ ينبت النخل َ

حميما في المسافاتِ

ونهرا يؤنسُ الدنيا

وحلما من تلاوينٍ وأسرارِ

هنا مرّ السلاطينُ

هنا غنّى ..

بها السيابْ

بصوتٍ شنّف الآذان

ولحنٍ أرشف الأزمانْ

ويا سرّ الأناشيدِ

بقى ظلٌ

هوى عرشٌ

مشى نعشٌ

فللنارِ لها سراً

وللسرِ له ناراً

أناديكِ..

أسميكِ حكايا الجرحْ

رحيلي لم يكن منكِ

سوى صدع المسافاتِ

وصوتي في شظايا الروح ْ

شحوبٌ للقناديلِ ..

التي تاهت عن المرفأ

وقدْ صرتِ ..

وشاحا من أنين الناسْ

 يواسي المأتم الناعي

على أنهاركِ العطشى

أغاض الماءُ عن جيكورْ

صبايا جذوة العمرِ؟

ويا خورهْ *

ويا عشارُ *..

يا خندقْ *

فكم أبّنتُ أنهاراً

لها ماضٍ

لها رونقْ

فمن يقطع شرياني؟

فعذراً بصرة الأحزان

وعذراً يا رماد العين

ويا ليل إنفصام العشبِ

عن ماءه

أصلي والَه الحلمِ

وما ظلّ هنا ظلٌ

لألقي فوقه ظلي

فلم يبق لنا خبزاً

ولم يبق لنا خمراً

ولا ذكرى

ولا حرفاً  لنتلوه

غداة الرحلة الأسمى .

 * أسماء أنهار تتفرع من شط العرب وتخترق المدينة ، كانت في مواضي الدهر تشع بالخير و الفرح  وتمر بها القوارب الجذلى بعشق الناس.