كتاب الأموال...

أدباء الشام

يعد من أفضل كتب الفقه في القرن الثالث للهجرة، وقد امتدح إبراهيم الحربي الكتاب بقوله إنه (من أحسن ما صنف في الفقه وأجوده).

والكتاب هو لمؤلفه الإمام الحافظ المجتهد أبو عبيد القاسم بن سلام بن عبد الله ، ولد بهراة من أعمال خراسان سنة 157هـ ، وتوفي في مكة المكرمة سنة 224هـ.

وهو كتاب يجمع الأحاديث التي تتكلم على الأموال وأحكامها، باعتبارها حقا للرعية على الإمام وعكسها وعبيدا وأرقاء وطعاما وأرضا، والنقدين، والزكاة والصدقات وتكلم على المكاييل ومصارف الزكاة وسهامها . وتتخلل الأحاديث كلمات لأبي عبيد يبين المشكل والغامض، وينقل عن الأئمة المجتهدين والعلماء.

١ منهج أبي عبيد في كتاب الأموال

٢ موضوعات الكتاب الرئيسية

٣ كيفية المعالجة

٤ مقارنة

منهج أبي عبيد في كتاب الأموال

يشمل هذا الكتاب مجموعة من المباحث الفقهية المتعلقة بالأموال وجباية موارد الدولة الإسلامية ، والوجوه الشرعية لنفقاتها.

وقد قسمه إلى ثمانية كتب ، والكتاب ينقسم إلى مجموعة من الأبواب ، وقد مهد لهذه الكتب ببعض المباحث التي تعتبر بمثابة مدخل أو مقدمة إلى موضوعات الكتاب ، مثل حق الإمام على الرعية ، وحق الرعية على الإمام ، وصنوف الأموال التي يليها الأئمة للرعية.

موضوعات الكتاب الرئيسية

1- كتاب الفيء ووجوهه وسبله.

2- كتاب سنن الفيء والخمس ، والصدقة ، وهي الأموال التي تليها الأئمة للرعية.

3- كتاب فتوح الأرضين صلحاً وسننها.

4- كتاب فتوح الأرضين صلحاً وأحكامها وسننها وهي من الفيء.

6- كتاب مخارج الفيء في إقطاعها وأحيائها وحماها ومياهها.

7- كتاب الخمس وأحكمه وسننه.

8- كتاب الصدقة وأحكامه وسننها.

كيفية المعالجة

يلاحظ أن بين بعض هذه الكتب تداخلا في العناوين، ومن الممكن ضم بعضها إلى بعض، وطريقة أبي عبيد في تنسيق المادة العلمية أن يضع عنوان الكتاب أو الباب ثم يبدأ بعده بسرد الأحاديث والآثار عن الصحابة والخلفاء الراشدين بأسانيدها.

ويعقب على الأخبار بإيضاح مدلولها، ويشرح ما فيها من الغريب، ويورد مذاهب الفقهاء في القضية موضوع البحث، ويستدل لهم ويرد عليهم حتى يقرر المسألة ويقطع فيها برأي محدد.

وبعض الأحيان يقدم بعد وضع اسم الكتاب أو الباب الحكم الذي يذهب إليه، ثم يورد الأدلة على ذلك الحكم من القرآن الكريم ومن السنة ، وبقضايات الخلفاء الراشدين والصحابة ، وبقضايا الخليفة عمر بن عبد العزيز ، وبأقوال العلماء وفتاواهم ويبين وجوه الأدلة ويعللها، ويتعقب الأقوال، ويرجح بعضها، وينقد الأسانيد ويبين عللها، ويستعمل النظر ويرجع له، لكنه يقدم النص عليه، ويحافظ على نصوص الأحاديث والآثار، فإذا شك في كلمة قال: أو شبهها، وإذا كان الشك منه قال: شك أبو عبيد، وإذا كان من غيره يسميه، وإذا كان النص طويلاً فإنه يقتصر على موضع الشاهد ويشير إلى أنه اقتصر على جزء منه بقوله.

وإذا لم يورد الكلام بنصه يوضح بذلك بقوله: كلام هذا معناه. ويرجع إلى بعض الوثائق والسجلات، وبعض الأحاديث والأقوال يمليها من حفظه ويبين ذلك، ويتعذر عنها إذا نسيها، وهذا يدل على مبلغ تقدمه في التصنيف، ودقته في نقل الأقوال والأحاديث.

وأسانيده التي روى عن طريقها الأحاديث النبوية، والآثار عن الصحابة والخلفاء الراشدين، هي مثل أسانيد غيره من الفقهاء وأصحاب السير تحتاج إلى دراسة وتدقيق لمعرفة أحوال رجالها، ومدى اتصالها من عدمه، لأن غالب أسانيد الفقهاء وأصحاب السير مرسلة وموقوفة ومعضلة.

مقارنة

والجديد في منهج أبي عبيد هو بروز شخصيته وبيان رأيه وتأويله للنصوص التي تخالفه، ومناقشته للعلماء والرد عليهم، وترجيحه للمسائل، وقوة استدلاله مما كان يفتقد عند كثير من معاصريه، إذ يختفون وراء الأسانيد ويكتفون بإيرادها دون التدخل في مناقشتها والترجيح بينهما.

فهو أوضح من أبو يوسف في كتابه الخراج، رغم أن أبا يوسف من مدرسة الرأي، وموضوع كتابي أبي يوسف وأبي عبيد واحد، إلا أن طريقة المعالجة تختلف، فأبو يوسف كان مع بيانه للموارد المالية للدولة الإسلامية، يركز على الوسائل التي تساعد على استقرار النظام المالي، مثل إقامة العدل وأخذ الأموال من حقها وصرفها في مستحقها، وتنفيذ الحدود الشرعية، أما أبو عبيد فإنه ركز على بيان الأحكام الشرعية في جباية موارد الدولة الإسلامية ومصارفها دون أن يجعل نصب عينيه انحرافا معينا يريد علاجه.

وقد انتقد الخطيب البغدادي هذا الكتاب بقوله : ( إن أضعف كتب أبي عبيد كتاب الأموال يجيء إلى باب فيه ثلاثون حديثاً وخمسون أصلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم فيجيء يحدث بحديثين يجمعهما من حديث الشام ويتكلم من ألفاظهما) ، ووجه انتقاد الخطيب على كتاب الأموال ، أنه لم يحصر الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في الباب الذي يبحثه ، ومن المعلوم أن أبا عبيد قليل الرواية للحديث.

وسوم: العدد 817