الفنان الأردني توفيق النمري

محمد فاروق الإمام

sdgh935.jpg

بعد رحلة عطاء فنية طويلة تجاوزت حدود الوطن الجغرافية الى العربية والعالمية مدتها ثلاثة وتسعون عاما من الغناء والتلحين افتقدت الاسرة الفنية خاصة والاردنية عامة قامة فنية لا يمكن لشخص ان يعطيها حقها في الوصف والمديح.

رحل توفيق النمري الى مثواه الأخير يوم 24/10/2011م، ودفن في مسقط رأسه مدينة الحصن الأردنية، وذلك بعد صراع مع المرض تاركا وراءه موروثاً غنائيا قدر بـ  750 عملا فنيا لتكون موسوعة بحثية لكل من اراد الاستفادة منها من الفنانين.

ومن أشهر أغانيه مرحى لمدرعاتنا، يا ابا الخيل، ضمة ورد من جنينتنا، ويلي محلاها البنت الريفية.
ووصف عدد من الفنانين في حديثهم مع جريدة العرب اليوم النمري بالانساني وصاحب نكتة حيث كان مرحاً في طبيعته، ويعتبر من أهم الاشخاص الذين بحثوا في الاغنية الشعبية في كافة انحاء المملكة وكان يستقيها من أساسها.

واشتهر بأغاني التراث الشعبي مع عبده موسى، ووديع الصافي في إحد المهرجانات، لحن لنجاة الصغيرة وسميرة توفيق ووديع الصافي، ولنصري شمس الدين، نشر كتابات كثيرة عن الموسيقى العربية.

الفنان مالك ماضي قال: ان الراحل توفيق النمري هو صانع الاغنية الشعبية الحقيقية في الاردن ولم يأت حتى الان من يقدمها بطريقة النمري او بشكل يشابهها لافتا انه كان يبحث في المصادر الحقيقية والرئيسية للاغنية الشعبية حيث كان يزور المناطق والاشخاص المهتمين في الاغنية الشعبية ويحصل عليها بصورتها التي تقترب من قلوب الناس.

ووصف ماضي النمري بالشخص الانساني خفيف الظل في التعامل اضافة الى انه صاحب نكتة.


قامة فنية فريدة.

من جهته اعتبر نقيب الفنانين الاردنيين حسين الخطيب الفنان توفيق النمري قامة ابداعية ومن المقدرات الثقافية والفنية حيث استطاع ان يؤدي الرسالة من خلال مخاطبته لوجدان الانسان وتراثه وبيئته في ظروف استثنائية، ووفق خطاب سياسي حيث مرت الامة العربية بظروف حرب مع العدو الاسرائيلي مما أفرز أغاني لطالما تغنى للجندية، مشيرا أنها تركت أثرا في نفس ووجدان الشعب.

وأضاف الخطيب: كان النمري فنانا اردنيا وعربيا قدم الاغنية الاردنية ولحن لعدد من النجوم العرب لافتا الى الحصيلة الكبيرة من اعماله والتي قدرت ب750 عملا فنيا، موضحا ان النمري كغيره من الفنانين الاردنيين الذين يحاكون واقعهم ويتمسكون بوطنهم وامتهم.

استقى الاغنية من مصدرها الرئيسي

فيما اعتبر الموسيقار صخر حتر الفنان توفيق النمري أحد اعمدة الاغنية الأردنية، حيث فقدت الساحة الفنية قامة كبيرة من الغناء والالحان التي انتشرت في المدن العربية والعالمية وتغنى بها الجماهير.
وشدد حتر على ان النمري خلق هوية خاصة في الاغنية الاردنية حيث كانت اغنياته قريبة من الوجدان الجمعي للمجتمع الاردني لما تميزت به من روح الاغنية الشعبية لافتا انه فنان مثقف وكان باحثا في الاغاني الشعبية ومن اوائل الذين جمعوا التراث الاردني واستمع للاغنيات الشعبية المنتشرة في جميع ارجاء الاردن.

واكد حتر انه في الوقت الراهن لا توجد فرقة احترافية او شعبية في الاردن الا وتقدم من تراث الراحل، مشيرا الى خسارة بيت الرواد الاردني التابع لامانة عمان أحد اعضائها اضافة الى خسارة الوسط الفني والعربي على حد سواء.

وعلى الصعيد الشخصي بين حتر انه كان صديقا للنمري رغم فارق السن موضحا ان الراحل كان صاحب نكتة ومرحا بطبيعته، وكان يحترم جميع زملائه الفنانين.

موسيقي مبدع ورياضي

فيما قال الفنان نصر الزعبي: يتعين على من يتحدث عن الراحل توفيق النمري ان تلفته عدت جوانب من هذه الشخصية الفذة بحيث انه الى جانب انسانيته موسيقي مبدع ورياضي، كما انه وثق لفترة زمنية من تاريخ الاردن وهو بنفس الوقت نسج اغاني واعمالا فنية بشكل كامل من وجدان البيئة الاردنية بكل ادواتها واختلاف صنوفها ومظاهرها ابتداء من الانسان الذي تقاطع كثيرا مع وجدانه العام.

واضاف الزعبي: استلهم الراحل اغنيته من انفاس الاردنيين عبر مواسمهم المتنوعة وتنوع في فصول البيئة الاردنية الزاخرة بألوان الطبيعة لافتا ان اعماله جاءت من مسح ميداني من احاسيس الاردنيين ومن خلال موقفهم الاخلاقي والوجداني بشكل عام من حياتهم حيث جاء الحب في اغنيته بسيطا مثل بساطة الاردنيين.

وبين الزعبي ان النمري يشكل مصدر الهام لكوكبة من الشعراء الاردنيين الذين تداعوا لكتابة الاغنية الاردنية في ظل وجود هذه الكوكبة أمثال، جورج حداد، جمال المشيني، وزيد الكيلاني وغيرهم.
ولفت الزعبي الى حقبة زمنية قديمة حيث اهتم رجل الدولة الراحل وصفي التل بتوفيق النمري الذي بلور الاهتمام هذا الى هوية خاصة للاغنية الاردنية التي استطاعت ان تعبر الحدود الاردنية الى العالمية.


الكل بالكل

من جانبه وصف الفنان د. ايميل حداد الراحل توفيق النمري بأنه اول فنان أردني والاول في عالم الاغنية الاردنية التي لم يضاهيها احد، لافتا انه كان يساعد جميع الفنانين الاردنيين خصوصا الذين في بداياتهم.

واكد حداد انه من الاشخاص الذين ساعدهم الراحل حيث نصحه في لقاء في عهد الستينيات لتشكيل فرقة موسيقية بدراسة الموسيقى وقال له (ادرس الموسيقى ستنجح لان صوتك جميل)، مضيفا ان النمري كان مساعد رئيس قسم الموسيقى في الاذاعة لكنه فعليا كان هو الكل بالكل يعمل بجهد ونشاط لانجاح المسيرة الفنية في الاردن.

واضاف حداد: لا يوجد في الساحة الفنية من يملأ الفراغ الذي تركه توفيق النمري حيث كانت اغانيه تملأ وجداننا حبا وعشقا للوطن العزيز.

وقال الفنان اسامة جبور انه كان يحلم بشكل دائم ان يغني للفنان توفيق النمري حتى حقق حلمه عام 1995 عندما أهداه النمري اغنية (ضمة ورد من جنينتنا) وصورها فيديو كليب ايضا.
واعتبر جبور الراحل ثروة فنية وطنية، ومن رواد الاغنية الريفية الأردنية، مشيرا انه كان يحب الحياة والفن ولا اذكر انه على خلاف مع احد املا ان تكون حياته الفنية الحافلة بالنجاح عبرة لجميع الفنانين خاصة جيل المستقبل.

وسوم: العدد 935