الأسد الظالم

م. محمد ماهر مكناس

الحكمة من القصة : نهاية الظالم سيئة.

كان يا ما كان في قديم الزمان ..

غابة مليئة بأصناف الحيوانات ..

والأشجار والأزهار والنرجس والريحان ..

وكان الأسد الكبير هو ملك الغابة ..

وحوله أصناف شتى من الحيوانات ..

منها الوديع الأليف ..

ومنها الشرس المخيف ..

ولكن الجميع يقدم الطاعة والاحترام ..

للأسد الكبير سلطان الزمان ..

،،،،،،،،،،،،،،،،،،

وفي يوم من الأيام ..

خرج الأسد من عرينه

وأخذ يزأر ويصيح

بصوته العالي الفبيح

ونادى جميع أعوانه

الذين هم تحت سلطانه

وطلب منهم جمع الحشود

من الثعالب والذئاب والقرود

وجميع أصناف الحيوانات

ليعطيهم دروساً في السطوة والطاعة للسلطان

،،،،،،،،،،،،،،،،،،

وفي يوم الجمع المنشود

وعندما اجتمعت له الحشود

وقف أمامهم يزأر ويتوعد

وأنه هو الزعيم الأوحد

وملك الغالة الممجد

وأن من واجبات الطاعة والاحترام

أن يقوم الوحوش الأعوان

صباح كل يوم من الأيام

بتقديم وجبة شهية

لصاحب الطلعة البهية

وملك الغابة فرح مسرور

تسيطر عليه الغبطة والحبور

وشئ من التكبر والغرور

،،،،،،،،،،،،،،،،،،

هز الجميع رأسهم في خنوع

ووافقوا الأسد على الذل والخنوع

وبهذا أصبح الوحوش الأعوان

ينفذون أوامر السلطان

فانتشرت الضباع والذئاب

والثعالب والأفاعي والكلاب

صباح كل يوم جديد

لتبحث عن غزال شريد

أو أرنب طريد

أو طائر خائف رعديد

تقدمه وجبة شهية

لصاحب الطلعة البهية

،،،،،،،،،،،،،،،،،،

وحتى يستريح جميع الحيوانات

من مطاردة أعوان السلطان

فقد قررت كل فصيلة من الحيوانات

أن تقدم كل أسبوع

فرداً من أفرادها فريسة للسلطان

وهكذا عاشت الغابة في سلام وأمان

بعد أن تكافلوا على اشباع السلطان

،،،،،،،،،،،،،،،،،،

وتمر الأيام بعد الأيام

تتبعها الأسابيع والأشهر والأعوام

والغابة على هذه الحال

والحيوانات المسكينة لا يهدأ لها بال

فهي تفكر صابح كل يوم

عن الضحية التي ستقدم إلى السلطان

فلم يجدوا لهذا الإختيار حليه

إلا الاقتراع على الضحية وسيلة

لكي يرضى صاحب التاج والصولجان

الأسد الكبير سلطان الزمان

،،،،،،،،،،،،،،،،،،

وتمر الأيام تلو الأيام

وملك الغابة يتقدم في سنة

ويصيبه التعب والهرم

وضعف السمع وقلة البصر

والآلام والأوجاع

والأمراض والأسقام

حتى لم يعد يقوى على المسير

ولم تعد عيناه تبصران شيئاً من النور

،،،،،،،،،،،،،،،،،،

وفي ليلة من الليالي المقمرة

اجتمعت حيوانات الغابة الأليفة

بعيداً عن عرين السلطان

وعن أعين الوحوش الأعوان

يتدارسون أمرهم

ويتشاورون في مصيرهم

،،،،،،،،،،،،،،،،،،

قام الغزال الكبير

يتحدث أمام الحيوانات

وهو يهز قورنه أمامهم حسرة وخوفاً وهو يقول :

إلى متى أيها الأصدقاء والأخوان

نقدم أبناءنا ضحية للسلطان

قال الغراب المسكين

لابد أن نستمر في هذه الوسيلة

ما دمنا لا نملك من الأمر حيلة

عندها خرجت الحمامة البيضاء من الخميلة

وقالت لا بد أن نفكر لنا في حيلة

وهنا وقف الأرنب الذكي أمام الجميع

وقال لهم عندي فكرة تخلصنا من الذل والممنوع

ومن أساليب القمع والخضوع

عندها سكت الجميع عن الكلام

وأبدوا شيئاً من الهدوء والاحترام

وأصبحوا للأرنب الذكي مصغين

ولأفكاره سامعين

،،،،،،،،،،،،،،،،،،

قال الأرنب الذكي في ثقة عالية

لابد أن ننقذ نفوسنا الغالية

وأن نتدبر للأمر حيلة

وأن نجد للقضاء على الأسد وسيلة

همهم الجميع في استغراب

وطالبوا الأرنب الذكي أن يدلهم على طريق الصواب

قال الأرنب الذكي :

لقد رأيت في طريقي إلى الغدير

حفرة عميقة سحيقة

تحفها الأعشاب والأشجار

بعيدة عن أعين السلطان

إذا وقع فيها الأسد المتكبر

نجونا من شره في أمان

،،،،،،،،،،،،،،،،،،

همهم الجميع وهم يقولون

فكرة معقولة ولكن الطريقة لتنفيذها مجهولة

قال الأرنب الذكي :

السبيل إلى ذلك أن يتعاون الجميع

في اخفاء وتمويه الحفرة بالأعشاب والأغصان

حتى لا يراها الأسد الكبير والوحوش الأعوان

وبعد ذلك يأتي دور الضفادع

وقفت ضفدعة صغيرة وهي تقول :

وما حيلتي وأنا الضعيفة المسكينة

أمام هذا الوحش الكاسر وأعوانه

قال الأرنب الذكي :

إن دورك هام وعظيم

يجب أن تجمعي أعوانك من الضفادع

وتأخذوا مكانكم حول الحفرة الخفية

وتصرخون بأعلى أصواتكم

وعندما يسمع صوتكم الأسد السلطان

وحاشيته من الوحوش الأعوان

يظنون أن عند الحفرة غدير ماء

أو نبعاً هبط عليهم من السماء

فيأتوا إليه خلسه في الظلماء

ويستولوا وحدهم على نبع الماء

،،،،،،،،،،،،،،،،،،

فهم الجميع تفاصيل الخطة

وأخذ كل واحد منهم يقوم بمهمته بدقه

وعندما اكتملت تغطية الحفرة بالأغصان

جاء دور الضفادع

فاجتمعت من كل حدب وصوب

وأخذت تصدر أعلى صوت

وفي ليلة من الليالي الظلماء

خرج الأسد السلطان

وقد اشتد عليه العطش بعد وجبة دسمة قدمها له الأعوان

يبحث عن غدير الماء

وبصره لم يعد يرى شيئاً في الظلماء

ولكنه سمع نقيق الضفادع من بعيد

فاستبشر بوجود الغدير

وأنه سيستدل على الطريق الصحيح

من صوت نقيق الضفادع الآتي من بعيد

فمشى في تكبر وخيلاء

يتحسس بسمعه مصدر النقيق

ليصل إلى غدير الماء

ويروي ظمأه من ماءه العذب الزلال

وماهي إلا لحظات

حتى وقع الأسد السلطان

مع بعض المرافقين الأعوان

في الحفرة السحيقة

يصارعون الموت في كل دقيقة

ولم يجدوا حولهم في مصيرهم المحتوم

غير نفيق الضفادع وعويل البوم

فأخذ جميع الحيوانات

يلقون فوقهم الأعشاب والصخور

والأغصان والرمال

حتى قضوا عليهم

،،،،،،،،،،،،،،،،،،

واستراحت الغابة اللطيفة

وحيواناتها الأليفة

من ظلم الأسد وأعوانه

وأخذت تنصب الحقلات والأفراح

وتستمتع في تلك الليالي الملاح

دون أن يعكر صفو معيشتها أسد ظالم

ولا ذئب ولا ثعلب ماكر.

وسوم: العدد 804