الشريك المحتال

م. محمد ماهر مكناس

الحكمة من القصة : ( من حفر حفرةً لأخيه وقع فيها )

كان يا ما كان في قديم الزمان   ..

كان في المدينة شريكان ..

الأول اسمه عبد الله والثاني اسمه عثمان ..

وقد دخلا في الشراكة على الحب والإخلاص ..

وعاشا مع بعضهما على الود والتسامح ..

وحتى لا يحصل بينهما خلاف ..

فقد قسمت البضائع إلى قسمين ، القسم الأول يخص الشريك عبد الله ، والقسم الثاني يخص الشريك عثمان ..

وظل الود والوئام ..

يرفرفان على الشريكين مدة من الزمان ..

حتى ظهر الطمع على الشريك عثمان ..

وأراد أن يسرق شريكه  في غفلة من الزمان ..

فأعد لذلك الأمر خطة ذكية ..

تبعد عنه الظن والشبهة ..

فأخذ يحاور شريكه في أمان ..

ويظهر له كامل الود والاحترام ..

عثمان : لقد بعنا معظم البضائع الموجودة في متجرنا ..

عبد الله : الحمد لله .. لقد ربحنا ربحاً وفيراً من هذه البضائع ..

عثمان : أجل ياصاحبي .. رزق وخير  .. حلال طيب ..

عبد الله : الحمد لله .. اللهم ارزقنا الرزق الحلال الطيب ..

عثمان : وأبعد عنا الحرام والخبائث ..

عبد الله : آمين .. آمين يا رب العالمين ..

عثمان : إذن لقد جاء دوري في السفر إلى بلاد الشام لجلب أجمل البضائع الشامية والحلل الحلبية ..

عبد الله : أجل يا صاحبي ، فللقد جاء دورك في السفر والتعب والجهد والنصب فهيا شد الحزام للسفر إلى بلاد الشام .. لتحضر لنا من البضائع الممتازة .. ما نملأ به الخزائن ونرضي به الزبائن ..

عثمان : ومتى يكون السفر برأيك يا حاصبي ؟ ..

عبد الله : خير البر عاجله ، استعد من الغد للسفر ، وبعد غدٍ تنطلق بعون الله إلى بلاد الشام  ..

عثمان : أصبت يا صاحبي ، فخير البر عاجله ، فالطقس لطيف والجو مريح والمال الذي بين أيدينا وفير ..

عبد الله : أصبت يا صاحبي فاستعد وانطلق على بركة الله ..

عثمان : أمرك يا صاحبي الحبيب ..

عبد الله : الأمر لله من قبل ومن بعد ..

عثمان : ولكي لا يحصل خلاف فلقد قمت بوضع علامة زرقاء على الأكياس الخاصة بي ، وهي بأمانتك أثناء سفري ..

عبد الله : طبعاً يا صاحبي ، بأمانتي والله على ما نقول شهيد ..

عثمان : والآن أعطني ما لديك من النقود لكي أضمها إلى مالدي من النقود ولنكتب بيني وبينك العقود ونتعاهد على صيانة العهود.

عبد الله : هاك ما عندي من النقود وإليك توقيقي على العقود والعهود ..

عثمان : والآن استودعك الله يا صاحبي ، سأجهز أمري وانطلق مسافراً بعد غدٍ عند الفجر إنشاء الله ..

عبد الله : مصحوباً بسلامة الله وعونه ، أعانك الله على وعثاء السفر وأعادك الى أهلك سليماً معافى من الخطر  ..

عثمان : لا تنسى البضائع التي لديك أمانة في عنقك ..

عبد الله : والدنانير التي معك أمانة في عنقك ، والبضائع ستكون مناصفة بيني وبينك ..

عثمان : مادامت الدنانير مناصفة فستكون البضائع مناصفة طبعاً.

" يعانق صاحبه ويودعه "

عبد الله : يحفظك الله يا صاحبي .. يحفظك الله ..

وفي ليلة اسفر .. اتفق عثمان مع أحد النصابين وقال له : لدي بضاعة كثيرة فأحضر عربتك وسأبيعك إياها بنصف الثمن المتعارف عليه .. كان عثمان قد جمع البضاعة الخاصة به في الركن الأيمن من المتجر ، بينما بضاعة ( عبد الله ) كانت في الركن الأيسر ، ولما قدم الرجل النصاب مع عربته الكبيرة ، دفع لعثمان مبلغاً كبيراً فقال له خذ مئة كيس من الأكياس الموجوده في الركن الأيسر وأنا بدوري سأراقب لك الشارع حتى لا يشعر بنا أحد ، وهنا فكر النصاب في الأمر وقال في نفسه ، لماذا أصر هذا المحتال على أن آخذ مئه كيس من الركن الأيسر ، والله لآخذنها من الركن الأيمن .. لابد أن هذه الضاعة التي في الركن الأيمن أفضل من الأخرى أو لا بد أن في الأمر سراً لا أعلمه ، وبالفعل حمل مئة كيس من البضاعة التي في الركن الأيمن ، وأغلق باب المتجر وسلم المفتاح للتاجر عثمان وانصرف كل واحد من حيث أتى ..

وفي الصباح سافر عثمان إلى بلاد الشام للتجارة وكله ثقة أن الحيلة قد انطلت على شريكه ( عبد الله ) وأنه استطاع أن يسرق مئة كيس من بضاعته دون أن يعلم ..

وبعد أشهر معدودات ، عاد التاجر ( عثمان ) بقافلة تجارية محملة بأنفس البضائع قادمة من بلاد الشام ، وكان التاجر ( عبد الله ) أول المستقبلين حيث سار معه إلى المتجر لانزال البضاعة ، وفي الطريق أخذ ( عبد الله ) يمهد له طريقة لإخباره عن سرقة أمواله التي حصلت عقب سفره مباشرة ..

عبد الله : ( بشئ من الإرتباك ) أريد أن أخبرك .......

عثمان : عن أي شئ يا صاحبي ..

عبد الله : لقد حصلت سرقة في المتجر بعد سفرك بيوم واحد فقط.

عثمان : ( بحده وبصوت مرتفع ) ماذا ؟ .. وكيف حصل ذلك.؟

عبد الله : لا أدري كيف حصل ذلك .. كل ما في الأمر أن لصاً فتح باب المتجر في الليل وسرق مئة كيس من أموالك ..

عثمان : ماذا تقول ..... من أموالي !! ؟..

عبد الله : أجل من أموالك ، وأنا سوف أتحمل معك نصف الخسارة حتى لا يكثر اللغط والقيل والقال ..

عثمان : لقد فعلتها إذن .....

عبد الله : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم كل شئ إلا السرقة ، معاذ الله أن آكل ديناراً واحداً من حرام ..

عثمان : ولكن كيف تفسر ذلك أن يتم بعد سفري بيوم واحد !!؟؟ وكيف تفسر أيضاً أن تقع السرقة على أموالي وحدها دون أموالك!؟..

عبد الله : والله لا أعلم تفسيراً لهذا وذاك كل ما في الأمر أن السرقة حصلت كما ذكرت لك والله على ما أقول شهيد ..

عثمان : ولكنك وحدك المسئول عن هذه السرقة وهذه الخسارة ..

عبد الله : يجب أن نطوي الموضوع بأي طريقة وأملي الوحيد أن تظل الثقة قائمة بيننا وأن لا يتسرب الشك إلى نفسك ..

عثمان : حسنٌ .. حسنٌ سأنظر في الأمر ..

وفتح عثمان المخزن وبهت عثمان عندما رأى أن بضائع شريكه كلها موجودة عدا بعض الأكياس التي تم بيعها خلال فترة غياب (عثمان ) ..

عثمان : ما هذا يا صاحبي .. بضاعتك كلها موجودة .. هل السارق قد خصني بالسرقة وحدي دونك .. هذا أمر مستحيل .. أمر لا يصدق ..

عبد الله : أقسم بالله يا صاحبي أن هذا ما حصل ، وقلت لك يجب أن نطوي الموضوع بأي طريقة وأتحمل أنا ما تشاء من الخسارة.

عثمان : سنطوي الأمر مقابل أن تـتـنازل عن نصف حصتك من تجارة الشام الجديدة ..

عبد الله : نصف حصتي يا عثمان .. هذا كثير .. هذا كثيرا جداً ويفوق قيمة بضاعتك بأضعاف ..

عثمان : وبضائعي التي سرقت هل كانت قليلة وسمعتي وسمعتك وسمعة المتجر هل قيمتها قليلة ..

عبد الله : كفى .. كفى خذ ما تشاء مقابل أن نطوي الموضوع وننهي الأمر .. والآن حمداً لله على سلامتك .. كيف كانت رحلتك وكيف كانت تجارتك ..

عثمان : ( مبتسماً وتقدم إلى عبد الله يعانقه ) آسف فقد نسيت أن أعانقك يا صاحبي .. لقد وقع الخبر الذي أخبرتني قاسياً علي ، أرجو المعذرة يا صاحبي ..

عبد الله : أعلم ذلك وأقدر موقفك وأشكرك على إعادة الثقة بيننا ولكن لم تجيبني على سؤالي ..

عثمان : آسف .. آسف .. فلقد كانت رحلة ميسرة ومباركة ..

عبد الله : بارك الله فيك وفي أمانتك وصدقك ..

عثمان : أشكرك يا صاحبي على هذه الثقة الغالية التي أعتز بها ومقابل ذلك أطلب منك فقط ثلث حصتك من تجارة الشام بدلاً من نصفها ..

عبد الله : بارك الله فيك يا أخي .. فالثقة التي بيننا لا تقدر بثمن .

ولكن في زحمة هذه الأحداث نسي التاجر عثمان أن شريكه عبد الله حفاظاً على أمواله قد تقدم بشكوى إلى قاضي البلده يشكو سرقة مال شريكه من المتجر وذلك بعد سفر شريكه بيومين ، فما كان من القاضي الحصيف إلا وأن بث عسكره في البلده يشمون أخبار هذه السرقة ، وطال بهم البحث والتدقيق حتى عثروا على رجل اسمه ( صديق ) يضع بضاعة في قارعة الطريق ، مشابهة للبضاعة المسروقة ، وبشئ من السؤال ، والقيل والقال ، اعترف النصاب ( صديق ) أن التاجر ( عثمان ) كان هو الشريك والرفيق في هذه السرقة ..

كان ( عثمان ) في داره يغني ويرقص طرباً لأن حيلته قد انطلت على شركيه ( عبد الله ) وأنه أخذ مقابل هذه الحيلة ثلث تجارة الشام وهذا مبلغ محترم يعادل أكثر من ربح عام ، وبينما هو على هذه الحال ، إذ سمع صوت طرقات على الباب ، تفاجأ عثمان أن يطرق بابه طارق في مثل هذه الساعة المتأخرة من الليل فتمهل وفكر ، وأخذ يُعمِل فكره ليتذكر ولكن الطرقات اشتدت على بابه فأوجس في نفسه خيفة ، وذهب ليفتح باب داره وأرجله لا تكاد تحمله ، وفتح (عثمان) الباب ليفاجأ بالعسكر خارج الباب ..

أحدهم : هل أنت ( عثمان ) ..

عثمان : أجل .. أنا عثمان .. ما .. ماذا تريدون ..

أحدهم : لا شئ .. القاضي أمر بإيقافك إلى الصباح .. حتى يسمع افادتك ..

عثمان : إيقافي .. إفادتي .. وماذا صنعت لاتحمل كل هذه الإجراءات ..

أحدهم :لا داعي للكلام .. ولا اللف والدوران أوامر القاضي يجب أن تنفذ ..

عثمان : ولكن ....

أحدهم : ( بشده ) ولكن ماذا أيها النصاب المحتال ..

عثمان : ولكن أمهلوني إلى الصباح .. وأعدكم بالقدوم إلى القاضي ..

أحدهم : الأوامر ليست وفق ما تقول ..

عثمان : أرجوكم .. أتوسل إليكم ..

أحدهم : هيا البس لباسك وإلا أخذناك عنوة في لباس النوم ..

عثمان : أرجوكم .. أنا تاجر وسمعتي هي رأسمالي ..

أحدهم : تحن لا نفهم بالتجارة ولا برأس المال ولكن نفهم أن نحضرك عندنا في الحال ، ونوقفك عندنا حتى الصباح ..

عثمان : أمركم سألبس ثيابي وآتي معكم ..

أحدهم : بسرعة .. أيها النصاب ..

(عثمان ) يلبس ثيباه بسرعة ويخرج برفقة العسكر والناس ينظرون إليه نظرة تعجب واستغراب ، ويهمهمون بكلمات السخرية والاستغراب لهذا المشهد دون أن يعرف أحد منهم سبباً لذلك ..وفي صباح اليوم التالي استدعى القاضي الشريك (عبد الله) وطلب من العسكر احضار عثمان وصديقه في السرقة ..

القاضي : أتعرف هذا يا سيد عبد الله ؟ ..

عبد الله : ( بتعجب واستغراب ) كيف لا أعرفه وهو شريكي التاجر عثمان ..

القاضي : وهل تعرف الرجل الآخر ..

عبد الله : لا يا سيدي لم يحصل لي شرف التعرف عليه من قبل .

القاضي : لقد ضبطنا هذا اللص يبيع حاجياتك في البلده ..

الرجل : لا يا سيدي القاضي .. لم أكن لصاً ولم أسرق .. إنما اشتريت هذه الحاجيات بِحُر مالي ..

القاضي : اشتريتها بِحُر مالك ونقلتها خلسة بعد منتصف الليل ، أليس كذلك ..

الرجل : نعم يا سيدي القاضي .. بِحُر مالي ..

القاضي : أخسأ أيها اللص ومن باعك هذه الحاجيات ؟ ، ولماذا لا يكون ذلك في وضح النهار ؟ ..

الرجل : الذي باعني هو هذا الرجل .. ( ويشير إلى عثمان ) ..

عثمان : أنا بعتك أيها الظالم ..

عبد الله : ماذا يا عثمان تغشني .. وتسرقني .. تحتال علي يا عثمان ..

عثمان : لا يا أخي هذا الرجل يكذب ..

الرجل : لا يا سيدي أنا لا أكذب ..

القاضي : وما دليلك على ذلك أيها الرجل ..

الرجل : دليلي على ذلك .. أنه طلب من أن أحمل مئة كيس من الأكياس الموجودة في جهة اليسار وأنا غافلته وأخذت الأكياس التي في الجهة اليمنى ظناً مني أنها البضاعة الأفضل ..

عبد الله : صدق هذا الرجل يا سيدي القاضي .. فلقد دله ليسرق الأكياس التي امتلكها أنا حتى لا يخسر شئياً ولكن ارداة الله أوقعته في شر عمله حيث أخذ هذا الرجل من أكياسه هو ..

القاضي : حسنٌ .. ما رأيك في هذا القول يا عثمان ..

عثمان : بصوت متردد .. كاذب .. كاذب هذا الرجل ..

القاضي : وكم دفعت له مقابل ذلك يا رجل ..

الرجل : لقد دفعت له مئة دينار عن كل كيس .. ولقد أقسم لي أن هذا المبلغ نصف كلفتها ..

عبد لله : لقد صدق مرة أخرى هذا الرجل يا سيدي القاضي فما من أحد يعلم كلفة الكيس الواحد غير عثمان وأنا ، وهو فعلاً مئتا دينار .. حسبي الله ونعم الوكيل ، أتخون الأمانة يا عثمان ..

القاضي : ما رأيك في هذا الكلام يا عثمان .. اللعبة واضحة .. والحيلة بينه ..

عثمان : كاذب .. كاذب ..

القاضي : أجبني يا عثمان متى غادرت البلدة بالضبط ..

عثمان : بعد حادث السرقة بيومين ..

القاضي : وكيف علمت بأن السرقة حدثت بعد يومين من سفرك وأنت مسافر ..

عثمان : علمت .. لا .. علمت .. أعلمني .. لقد ذكر لي شريكي الطيب عبد الله ذلك ..

القاضي :  لا بأس .. ولكن لماذا تتلعثم في كلامك ..

عثمان : لا شئ .. لاشئ يا سيدي القاضي ولكن الموقف جد محرج خاصة أمام شريكي الطيب عبد الله ..

القاضي : إذن أجبني بصدق ..

عثمان : أجل يا سيدي القاضي كل الصدق ..

القاضي : ( يهمهم فترة من الزمن ثم يسأل عثمان بشكل مفاجئ ) وبكم بعت كيس البضاعة إذن .. ؟..

عثمان : لقد بعت .. لا لم أبع شيئاً لهذا الرجل .. ؟..

القاضي : بدأت تقع يا عثمان أتمنى أن تقول الصدق وإلا اضطررت إلى اتباع اسلوب آخر في التحقيق معك .. طبعاً اسلوب غير لائق بالتجار أمثالك ..

عثمان : لا .... لا ياسيدي فأنا لم أتكلم إلا الصدق ..

القاضي : ولكنك قلت ( لقد بعت ) ثم تراجعت عن هذه الكلمة ..

عثمان : سقطات لسان .. أجل يا سيدي سقطات لسان ..

القاضي : كثيراً ما تكون هذه السقطات أصدق من الكلام يا عثمان ..

عبد الله : إنني على يقين يا سيدي بأنه هو السارق الحقيقي وإلا .

القاضي : اسكت يا عبد الله ودعني أتابع عملي .. ثم يلتفت إلى عثمان .. قل لي ياعثمان ..

عثمان : أمرك يا سيدي القاضي ..

القاضي : هل لديك مفاتيح المتجر ..

عثمان : لا ... نعم ... نعم لدي المفاتيح ..

القاضي : وهل هناك نسخة من المفاتيح عند غيرك ..

عثمان : لا ... نعم ... عند شريكي عبد الله ..

القاضي : وغيره ....

عثمان : لا يا سيدي فقط عندي وعند عبد الله ..

القاضي : هل تتهم عبد الله بالسرقة ؟..

عثمان : نعم ... لا ... لا ياسيدي فهو إنسان أمين ..

القاضي : هل تم كسر الباب أو القفل عندما تمت السرقة ..

عثمان : لا .... نعم .... لا أدري ياسيدي فقد كنت مسافراً ..

القاضي : (ملتفتاً إلى الرجل ) هل كسرت قفل الباب أيها الرجل ؟.

الرجل : لا ياسيدي .. ولماذا أكسر القفل وقد فتحه لي هذا الرجل بالمفتاح ..

القاضي : يا عبد الله .. بعد حادث السرقة هل لاحظت أي كسر في الباب أو القفل..

عبد الله : لا ياسيدي كل شئ كان على مايرام .. وهذا الذي حيرني طيلة هذه الفترة .. فلم أعلم كيف تمت السرقة .. حتى بدأت أشك في نفسي ..

القاضي : وكيف تراخيت بعد عودة عثمان من السفر ..

عبد الله : تنازلت له عن ثلث حصتي من تجارة الشام حتى نطوي الفضيحة ..

القاضي : ثلث حصته يا ظالم ألم يكفيك الغش والخداع والسرقة تطلب منه ذلك .. ألا تستحي من ربك يا هذا ؟!!..

عثمان : (تخوف وتردد ) يا سيدي أنا برئ ... أنا ... أنا برئ يا سيدي أقسم ...

القاضي : لا .. لا يا عثمان لا حاجة للقسم فالأمر ظاهر و بيِّن ولا حاجة لأن تقع في جريمة أخرى يمين الغموس .. أتدري ماذا تعني يمين الغموس ..

عثمان : أجل ... لا ... يا سيدي ..

القاضي : يمين الغموس الكاذب الذي يغمس صاحبه في النار ..

عثمان : لا يا سيدي .. إلا النار .. فأنا لا استحمل حر الشمس ..

القاضي : لذلك حكمت عليك المحكمة بالسجن سنتين ، ومصادرة جزء من أموالك لتغطية الخسائر الناجمة عن سرقتك وكرد اعتبار لشريكك إضافة إلى جلدك ثمانين جلدة كل يوم ولمدة شهر كامل أمام أعين الناس ، أما ذاك الرجل فيسجن سنة واحدة مع الجلد اسبوعين فقط ..

عثمان : أرجوك يا سيدي .. أتوسل إليك خذوا من الأموال ما تشاؤون ولكن الجلد لا .... لا ..... الجلد ....  لا  ...

القاضي : هذا إذا وافق شريكك عبد الله ..

عبد الله : لا يا سيدي .. فأنا لا أريد له أي ضرر .. فقط أن تعود لي أموالي وأن نفصل شراكتنا وليذهب كل واحد في حال سبيله .

القاضي : هذا حقك أما حق الشرع والقضاء فهو ما ذكرته آنفاً ..

وهنا أخذ العسكر كلاً من التاجر عثمان وشريكه في السرقة إلى السجن ليقضيا عقوبتهما العادلة بعد أن خسر ماله وأصدقائه وخسر سمعته فلم يعد أحد في البلده يثق به ..

وسوم: العدد 805