‏لماذا تُبعدني عنك !

(١)

كُنتَ تزداد عطشاً لاستفزازي بعد كل حوار يدور بيننا ..كما لو أن عصبيتي تستهويك !

كُنتُ دائماً أفرط بالحديث .. كما تصفني (تستفيضين بنقاشاتك !)

نعم إنها طريقتي بالحديث ..

أصف أدق التفاصيل عن كل ما حدث .. وما أحاط بالحدث.. رؤيتي وقناعاتي استنتاجاتي .. هذا أنا !

أتحدّث طويلا/كثيرا ..

وإن لم أجد مُنصتا نثرت كل ما أودّ قوله فوق السطور .. وبينها ,,

أحتفظ ببعضها وأمزّق البعض الآخر ..لأبقيه سراً مدفوناً بأعماقي

ولكن مهلاً ..

فحين تقول إنني أُحمّل الأمور فوق طاقتها .. وأبالغ بالتحليل للحد الذي يجعلني لا أستمتع بأي حدث/ شعور/موقف .. فقط و فقط لانشغالي بتحليل تفاصيله

أخبرني ما الذي جعلك تقترب مني لو لم أكن امرأة تحليلية !

أنت تُحب حديثي إلاّ أن _مزاجيتك_تؤثر على إصغائك فتغضب

نعم أنت تغضب من حديثي الذي تستفز كل مافيّ لأحكيه ..

لستُ أدري ماالذي يجعلك تغضب منه..

أ لأنك لا تجد ردّا مناسبا لكل تساؤلاتي ..استفهاماتي .. تعجّبي ..تشعر كما لو أنّك محاصر بكل تلك التفاصيل التي أضعك بينها ثم أطالبك برد/نقاش/حوار!

فتتهمني بأني امرأة ثرثارة .. فأغضب من جديد تحتقن الدماء في وجهي واشتعل احمرارا فتصلح خطأك قائلاً: لكنّك ثرثارة بارعة ! ..

إذا أهذه طريقتك بالاعتذار ؟!

أذكر ذات صباح أنك قلت لي أنني أقوى مما أبدو عليه ..!

ولكني لا أجد نفسي كما تقول ..

فأخبرك أني ضعيفة كثيرة البكاء لستُ قوية أبدا .. ضعيفة أنا جداً

فتقابل ضعفي بشراسة تصرفاتك وردود أفعالك !

وتبرر ذلك بأنك تخاف توغّلي فيك !

تخاف قوتي المتمثلة بضعفي .. بابتسامتي ..

وكلّ مرّة أستنكر مُبرراتك .. إن كنتَ تحتاجني بحياتك ..

فأخبرني لم تعذّبني ؟!

(٢)

ها قد غبتَ من جديد.. دون سابق إنذار ابتعدتْ!

وتركتني أسيرة تساؤلاتي.. ساعة تلهيني الحياة عنك

وساعة تلهيني بك!

وتلك الرؤى الغريبة التي تتراءى أمامي في يقظتي ونومي..

أين أنت؟ كيف تقضي أيامك؟

لا أظنك سعيداً.. ولا حتى بائساً تعيساً...

أنت دائماً تتماشى مع الظروف لا شيء يستوقفك سيّئاً كان أم جيداً ..

هذا ما حاولتُ مراراً أن أتعلمه منك...

تتخطى كل شيء... لم تتمسك يوماً بشيء أو تتعلق به..

فشعارك الدائم (عيش اللحظة)

أخبرني هل تعيش اللحظة؟

أخبرني عن شكل اللحظة التي تعيشها الآن.. ؟

عن مذاقها وألوانها.. أخبرني عن انعكاسها عليك..

لا تتذمر من التفاصيل التي أسألك عنها فأنت تهمني وتعنيني (أقصد التفاصيل) .

هل تذكرني وسط زحمة عملك.. عملك الذي يبقيك ساعات وساعات خارج بيتك..

ذات مرة حاصرتك بسؤال.. هل ما يبقيك خارج بيتك طوال النهار عملك فعلا؟ أم أنك تهرب من شيء ما خلاله!

نظرت إليّ متعجبا.. ثم قلت..

تلك مشكلة فعلا.. أن يستطيع أحدهم قراءتك جيدا بمجرد أنه يراقبك كما لو أنك كتاب مفتوح.. هذا سيء!

كنتَ مندهشا من إحساسي بك.. بتلك الطريقة التي أبداً لا تُعقل..

لم أجرؤ حينها أن أخبرك أني أعرف عنك أكثر مما أقوله لك.. بل اكتفيت بالصمت..

شعرتُ بمعدتي تتقلص والمرارة تتدفق منها.. حين أخفي عنك أمرا تنقبض معدتي ويزداد اضطرابها

كنت أستسلم للبكاء المُلّح داخل نفسي.. كنتُ أبكي كل شيء.. وكل أحد.. كنتُ أبكي نفسي التي قاومت البكاء طويلاً وها هي الآن تستسلم له..

ولكي تكسر ضجيج الصمت.. قلت لي كيف كان اجتماعك مع صديقاتك ليلة أمس..؟

لم تكن بارعا بانتقاء سؤالك.. فلستَ ممن يهتم بحديث الفتيات في اجتماعاتهن.. فأجبتك..

لاشيء في أحاديثهن كان مهما.. لاشيء يُذكر!

شعرتَ بأني فقدتُ رغبتي بالحديث..

نظرت لهاتفك باهتمام مُفتعل.. ثم غبت.. وسط زحام الجميع ، اختفيت

مخلفاً وراءك ألف استفهام وتعجب !!!

وسوم: العدد 878