هذا أنا!

ميسون أسدي

أشعلت سيجارة، ابتلعت الدخان الحريف والقوي قبل أن أدور بالمقعد أمام حاسوبي لأدوّن ما حدث معي اليوم. عندئذ، نظرت إلى ساعتي التي أشارت عقاربها إلى الساعة العاشرة مساءً، كنت في حيرة من أمري إن ابتسم أو أحزن، وكما قالوا أسلافنا: "شرّ البليّة ما يضحك"، فقد حضرتني الآن قصّة سمعتها عن رئيس الوزراء البريطاني تشرشل ومفادها:

"ركبت سيّارة الأجرة يومًا، متوجهًا إلى مكاتب إذاعة الـ (bbc) لإجراء مقابلة، وعندما وصلت إلى هناك، طلبت من سائق التاكسي أن ينتظرني أربعين دقيقة حتّى أعود... اعتذر السائق وقال في وجوم:

ويضيف تشرشل بصوت حماسي: لقد ذهلت وفرحت من شوق هذا الرجل للاستماع إلى أقوالي، فأخرجت مبلغ عشرة جنيهات وأعطيته إيّاها بكلّ سرور. عندما رأى السائق المبلغ قال:

***

لماذا أروي لكم هذه القصّة؟ عندما التقيت اليوم مع صديقي الفنان الممثل المسرحي متعدد المواهب والمهارات الشخصيّة، استطاع هذا الفنان أن يجمع بين العلم والبسمة. موهبته الفذّة جذبت الجماهير، واستطاع أن يرسم البسمة على الوجه وإضحاك الناس وهذا الأمر يحتاج إلى العمل الحثيث لصقل هذه الموهبة. شعرت بأنّ همًّا ثقيلًا يرقد على قلب هذا الصديق، وقد اعتدت على اللجوء إليه عندما أشعر بالحزن والملل لاستمع منه ما يسعدني وينسيني همومي، وأردت أن أردّ له الجميل وأهوّن عليه بحديث طريف يبعد عنه ما هو فيه، فقلت له: اسمع ما حدث معي في أحد المقاهي في مدينة كرمئيل، قبل عدّة أيّام.

ابتسم صديقي الممثل بعد سماعه هذه القصة، لكن علامات المرارة ما زالت تبدو على َوجهه النحيل وخصلة شعره المائلة على جبينه الشاحب، ولم يبارحه الشعور بالقلق والهم. عندها، لم أتمالك نفسي وسألته:

أجاب صديقي دون أن يرف له جفن:

وسوم: العدد 956