قصة بلا عنوان

معاذ عبد الرحمن الدرويش

لم يكن أحد يملك كرة سوى محمود

فإذا حضر محمود لعبنا ، و إذا غاب محمود ننحرم من لعبتنا الغالية كرة القدم، و نبقى حزانى طيلة ذلك اليوم.

محمود لم يكن مالك للكرة فقط، بل كان مالكاً للملعب و لنا و اللعبة بكل تفاصيلها.

فمحمود يقسم الفريقين على مزاجه، و يضع في فريقه كل اللاعبين الجيدين و يترك البقية في الفريق الآخر حتى يضمن الفوز لنفسه.

و محمود مسؤول عن توزيع مراكز الفريقين، فيضع من يشاء في الهجوم و يضع من يشاء في الدفاع، و يضع من يشاء في حراسة المرمى و هي أبغض المراكز لدى الجميع.

في يوم من الأيام إقترح سعيد علينا أن نجمع من "خرجياتنا" و نتشارك على شراء كرة، و تصبح للجميع و نتحرر من عبودية محمود و نلعب متى نشاء، و في أي مكان نريد، على مزاجنا و هوانا جميعاً.

الفكرة نزلت على قلوبنا مثل السحر و خلال أقل من إسبوع جمعنا ثمن كرة و من النوع الجيد، و ذهبنا جميعنا و أشتريناها، و إحتفلنا و فرحنا بها ما لم نفرح و نحتفل من قبل.

و أمضينا عدة أيام نلعب بالكرة من الصباح حتى المساء، لعبنا كيفما ، تبادلنا مراكز اللعب، بإستثناء محمود الذي لم نجد له مكاناً مناسباً سوى في حراسة المرمى ،و هو الذي لم يلعب في تاريخ كرته إلا قلباً للهجوم ، و لم يكن يتحرك كان ينتظر اللحظات الأخيرة لكي يسجل معظم الأهداف .

و ذات يوم و بعد أن إنتهينا من اللعبة، قال خالد أنا أريد أن أخذ الكرة معي اليوم الى البيت، فنط عمر و قال لا اليوم دوري أنا، و من جهة أخرى إنبرى توفيق و قال لا دوري أنا.

و فجأة تحول الجدال إلى عراك ، و بدون مقدمات أخرج خالد سكين من جيبه و مزق الكرة، و إقتطع قطعة منها و قال هذه حصتي.

تم تمزيق الكرة على عددنا و أخذ كل منا قطعة من الكرة الممزقة، و عدنا حزانى إلى البيت.

و عدنا مرة أخرى إلى كرة محمود و قوانين محمود و عبودية محمود.

هامش: لم نتعظ و نحن صغار فهل نتعظ بعد أن كبرنا؟..

وسوم: العدد 986