من هو

ميسون أسدي

شحب لونها وارتعش صوتها قليلاً. فائرة الأعصاب شجاعة تتمتع بروح عملية صارمة. تركت الرواية من يديها بعد أن استمتعت بكل حرف من كلماتها. ذهبت صوب زوجها بعد أن حضرت له فنجان القهوة وأيقظته من نومه كما تفعل كلّ صباح. يفوح منها عبق ماء الكولونيا. جلست بقربه نصف ساعة تناديه وتستجديه أن يتركَ فراش الخمول، ولكن عبثًا فهو يتلمظ سعادة النوم تلمظا فيُخرج لسانَه ويمسح به شفتيه ويستيقظ على مهل.

بقيت بقربه بعد أن تثاءب عشرات المرّات وأشعل سيجارته وارتشف عدة رشفات من قهوته وسعل عدة سعلات بسبب تدخينه الهوسي للسجائر. سألته بنوع من الغنج ورنت إليه بنظرة حالمة حتى لا يغلق باب الحديث:

تساءل وهو بارد الأعصاب فاتر بصوته الشاكي الباكي وبعد صمت طويل:

من أين لك بهذا السؤال يا امرأة لا تلين ومن هو الذي قض مضجعك أيتها الخنساء؟

فقالت:

هزّ الزوج رأسه وأشعل سيجارته ونفض الرماد في المنفضة وأجاب:

نظرت إليه بعينين زائغتين مطفأتين كعيون الموتى وطبطبت على ساقها وسألته:

كادت أن تنفجر ولكنها تمالكت نفسها وواصلت حديثها:

ايزابيل الليندي كاتبة جيدة ولم أفهم مرامها حول العاشق الجيد.

- اتقي الله يا امرأة مزعجة. لا وجود لعاشق جيّد وعاشق جيّد جدًّا وعاشق يكاد يكفي وعاشق كاف وعاشق راسب. هذه الكاتبة لا تعرف ماذا تكتب.يلعن أبو من أعطاها شهادة الكاتبة. العاشق والعشق يا فهيمة هو شيء نسبي، إن ما ورد في روايتها هو خطأ مضموني ولا تلقى لها بالا.

فقالت الزوجة بصوت ناعم رفيع:

على وجه العموم، ضيق الزوج عينه في وجه محدثته وتلفت بإعجاب:

همست الزوجة في أذنه بقلق وقد اعتراها الارتباك وقالت:

صفن الرجل، تأتأ وتابع كلامه بوقار النفس البسيطة:

ألحّت عليه زوجته:

أشعل الزوج سيجارته الثانية وقال بكل برود فهو كالشعاع الضوئي لا ينكسر ولا ينحني أمامها.. نفق أنفاسه على وجهها بمنتهى القوة:

غضبت الزوجة وقالت له:

مدّ رقبته الطويلة كما يفعل الوز مراقبًا كل حركة من حركاتها وقال مازحًا:

شدّت الزوجة أصابع يديها وقالت:

لنفترض على سبيل المثال لك امرأة عشقتها، ماذا تقدم لها؟

قالت الزوجة متحدثة بحرقة وقنوط رفعت وجهها الطافح بالتعاسة:

- انت كسلان ومهمل لجسدك ولروحك فكيف تهتم بروح وجسد امرأة.

صمت زوجها فينة ثم اتم:

أجابت زوجها بلهجة اختلط بها الغضب بالاستعطاف:

في خاتمة المطاف قال الزوج وظهرت على سيماه أكثر فأكثر إمارات النرفزة وطفح كأس صبره:

- أمن الممكن أن تكوني بهذه الدرجة من عدم التأديب؟ هيا أبدعي يا فيلسوفة وأضاف أن العاشق الجيد هو.. وانهال عليها بوابل من التمنينات والتنقيقات التي لا تنتهي تحدث عن نفسها مفصلا وبلا رحمة من الألف حتى الياء.

*****

لعنت الزوجة الكاتبة ايزابيل الليندي التي تحدثت عن زوجها بأنه عاشق جيد وأثارت جراح هذه الزوجة المسكينة وحلفت ألف يمين ألا تعاود مزاولة قراءة الكتب وقد خضبت وجنتيها حمرة الخجل.

وسوم: العدد 992