تصفيق

عبد القادر رالة

كان موسم حصاد، وقد أقترب من نهايته، وأكوام التبن متناثرة هنا وهناك...

كانوا ثلاثة فلاحين ، قد أنهكم التعب فجلسوا لكي يستريحوا ، ويتناولوا غداءهم ؛ لبن ومطلوع وتمر...

كان بلقاسم مستلقياً يُصغي باهتمام الى مرادْ يروي أحدى نوادره الشخصية ، أو أحدى القصص المتوارثة عبر الأجيال ، وغير بعيد عنهما بومدين كان منشغلاً باحتساء اللبن ...

كان يحكي قصة الملك ..

يُحكى أنه كان في أحد البلاد البعيدة وراء الجبال السود، يعيش ملكٌ مغرور، معجّبٌ بنفسه...

وفي أحد الأيام غضب الملك وسخط على المرافقين له فقال لهم لا تشمتوني لما أعطس وإنما صفقوا...لكن يا مولاي؛ اعترض العلماء والعقلاء تشميتُ العاطس سنّة أبينا أدم و سنّة رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام.. هدّدهم بالسجن وقطع الرؤوس ، لكن للحياة والزمن حكمٌ لا نستطيع أن نُحيط به ، فهو أراد أن يغيّر سنّة متعارف عليها ...

وفي أحد الأيام انزّلق وسقط حذاءه الأيمن في بئر ماء كان يمر بجانبه ، فحملوه جانباً وتطوع أحدهم أن ينزل الى البئر ويجلب الحذاء ، لكنه رفض وقال بأنه يعتمِدُ على نفسه ، وتوسلوا اليه لكنه ردّهم بشدّة ، فما كان منهم إلا أن أتوا بحبل وأنزلوه داخل البئر ...

وداخل البئر البارد... عطس ... عطس ...

فصفقوا في آن واحد فارتخى الحبل وسقط الملك في أعماق البئر ...

مات الملك ... كان هو أول ضحايا التغيير الظالم الذّي أحدثه ....

كان بلقاسم يُنصت باهتمام للحكاية ، وبينه وبين نفسه كان يتسآلْ عن مغزى القصة ، وما قصد صديقه وراء ذلك ، فهو يعرفه من زمان ، يحكي قصصه في مواسم البذّر أو الحصاد وسط الفلاحين ، ولا يروي رواية إلا ليشير الى شيء !...

التفَتَ الى بومدين فألفاه منهمكاً بالالتهام رغيف المطلوع ....

وسوم: العدد 1026