مصرع الغولة

عبد القادر رالة

يوجد كهف كبير وسط الغابة المحاذية لقريتنا الصغيرة تسكنه الغولة السوداء كثيفة الشعر الأسود ، ولم يفكر أحد في الاقتراب من ذلك الكهف المخيف ...

وذات يوم تشجعتُ وانطلقت نحو الكهف ، فطرقتُ على الباب الخشبي لبيتها ، فأمسكتني وأرادت التهامي...

اقترحت عليها أن أتيها بأيل كبير سمين ، فأنا صياد ماهر ، وأعرف الغابة جيدا ..صدقتني لكنها توعدتني إذا أنا كذبتُ عليها فإنها تبتلعني أنا وبندقيتي دفعة واحدة ! ثم تسرع إلى أولادي فتأكلهم جميعهم! فهي لا تستطيع أن تتحمل أن يخدعها إنسان أو حيوان!

ذهبتُ إلى النمر في كهفه ، فهو الحيوان الوحيد ، الذي استطيع أن أتفاهم معه ، فليس عدوانيا مثل الأسد ، أو مخادعا مثل الذئب ، وأعلمته بخطتي فأعجبته كثيرا ، ووعدني بأنه سيقنع جميع الوحوش في الغابة ...

بعد يومين كنت أمام بيت الغولة ، و ناديتها ، فخرجت فرحة بالأيل السمين ، وما إن فتحت الباب ، حتى انقضت عليها الحيوانات من كل جانب ، ولأول مرة أراها متحدة ، فكانت ضربتها قاسية فعالة !    كل حيوان يهجم من جهة؛ النمر على رقبتها ، والأسد على رجلها الأيمن، والذئب على الأيسر وابن أوى من اليد والضبع من اليد الأخرى ، والقرود ، وواحد القرن ، والنسر والتمساح. ..

ابتهج سكان القرية بنهاية الغولة التي سيطرت عليهم لسنوات طويلة ...

لكن للأسف لم يصدقوني، وسخروا مني، لما قلت لهم إن الحيوانات ساعدتني في هزيمتها !

ما يثيرني أنهم طرحوا أسئلة منطقية...

ـــ لماذا لم تتحد الحيوانات من قبل ؟ ولماذا اليوم ؟....

ـــ كيف لم تستطيع الغولة الشريرة أن تشم رائحتك ،أو تسمع تأمركم عليها ، وهي التي كانت تسمع حركة الذين يقطعون الغابة على بعد عدة أميال ؟

ـــ كيف تحالفت الحيوانات معك ، وهي أصلا لا تثق في الإنسان ، وتخاف من بندقيته كثيرا؟...

يا ليتني ما قضيت عليها وتركت سكان القرية يخافونها جيلا بعد جيل،و يحتاجون إلى قطع المسافات الطويلة ، حتى لا يمرون على كهفها الواقع في وسط الغابة ... 

وسوم: العدد 1029