اَلْقِطَّةُ..سَبِيلَةْ..

محسن عبد المعطي عبد ربه

اِسْتَيْقَظَ (أَحْمَدُ) مِنَ النَّوْمِ عَلَى صَوْتِ ابْنَةِ عَمِّهِ (حَيَاةْ) وَهِيَ تُلاَعِبُ قِطَّتَهَا ,فَجَرَى إِلَيْهَا وَأَلْقَى عَلَيْهَا السَّلاَمَ قَائِلاً: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ يَا ابْنَة َعَمِّي حَيَاةُ ,فَقَالَتْ لَهُ :أَلْقِ السَّلاَمَ وَلَكِنْ لاَ تَخُصَّ بِهِ أَحَداً , فَقَالَ (أَحْمَدُ): وَلِمَاذَا لاَ أَخُصُّ أَحَداً بِعَيْنِهِ بِاَلسَّلاَمِ؟! , قَالَتْ (حَيَاةُ):حَتَّى لاَ يَحْزَنَ الْآخَرُونَ , قَالَ (أَحْمَدُ):وَهَلْ مَعَكِ أَحَدٌ؟!, قَالَتْ (حَيَاةُ): نَعَمْ... قِطَّتِيُ..سَبِيلَةُ , قَالَ (أَحْمَدُ) :- مُبْتَسِماً – وَهَلْ تُحِسُّ الْقِطَّةُ .. سَبِيلَةُ هَذِهِ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ ؟! قَالَتْ (حَيَاةُ): لَقَدْ حَكَتْ لَنَا الْمُعَلِّمَةُ/عَطِيَّاتُ فِي الْحَضَانَةِ أَنَّ الْحَيَوَانَاتِ تُحِسُّ كَمَا يُحِسُّ الْإِنْسَانُ وَتَفْرَحُ وَتَتَأَلَّمُ وَتُعَبِّرُ عَنْ فَرَحِهَا وَأَلَمِهَا وَلَكِنَّهَا لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْطِقَ , قَالَ (أَحْمَدُ) : بَسِيطَةٌ ,حَاضِرٌ يَا سِتِّي , اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ, قَالَتْ (حَيَاةُ): وَعَلَيْكُمْ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ,وَهَزَّتِ الْقِطَّةُ ذَيْلَهَا وَأَخَذَتْ تَقْفِزُ وَتَهْبِطُ فِي فَرْحَةٍ وَسَعَادَةٍ ,كَأَنَّهَا تُغَنِّي وَهِيَ تُقْبِلُ عَلَى (أَحْمَدُ) , قَالَتْ (حَيَاةُ): إِنَّ قِطَّتِي سَبِيلَةُ تَرُدُّ عَلَيْكَ السَّلاَمَ , قَالَ (أَحْمَدُ) : وَهَلْ تَفْهَمُ لُغَتِي تِلْكَ الْقِطَّةُ؟! , قَالَتْ (حَيَاةُ): لَقَدْ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي أَنَّ تِلْكَ الْقِطَّةَ وُلِدَتْ فِي نَفْسِ الْأَيَّامِ الَّتِي وُلِدْتُ فِيهَا , وَكَانَتْ صَغِيرَةً مِثْلِي تَمَاماً , فَكَانَتْ تَأْتِي وَتَجْلِسُ إِلَى جِوَارِ أُمِّي وَهِيَ تُرْضِعُنِي ,وَأَبِي يُحَاوِلُ أَنْ يَصْرِفَهَا , وَلَكِنَّ الْقِطَّةَ تَأْبَى أَنْ تَنْصَرِفَ  ,ضَحِكَتْ أُمِّي وَ قَالَتْ لِأَبِي: اُتْرُكْ هَذِهِ الْقِطَّةَ الْجَمِيلَةَ ,إِنَّهَا وُلِدَتْ فِي نَفْسِ الْيَوْمِ الَّذِي وُلِدَْتْ فِيهَا ابْنَتُنَا (حَيَاةُ)  , وَلَعَلَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِهَا ,فَالْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ ,قَالَ أَبِي: حَسَناً ,رُبَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ أَفْضَلَ ,وَتَرَكَهَا إِلَى جِوَارِي وَانْصَرَفَ , قَالَتْ أُمِّي:فَشَهِدْتُ مِنْ هَذِهِ الْقِطَّةِ عَجَباً , كَانَتْ تَبْكِي عِنْدَمَا تَبْكِينَ يَا (حَيَاةُ),وَتَقُولُ: نَوْ  نَوْ  - بَصَوْتٍ حَزِينٍ - وَكَانَتْ تَفْرَحُ عِنْدَمَا تَجِدُكِ تَبْتَسِمِينَ وَتُعَبِّرُ عَنْ فَرْحَتِهَا بِأَنْ تَنُطَّ وَتُغَنِّيَ وَتَقْفِزَ وَتَهْبِطَ وَهِيَ تَقُولُ : نَوْ  نَوْ  نَوْ...  نَوْ  نَوْ  نَوْ... نَوْ  نَوْ  نَوْ , وَبَعْدَ ذَلِكَ نَشَأَتْ صَدَاقَةٌ بَيْنَكِ وَ  بَيْنَ هَذِهِ الْقِطَّةِ , فَكَانَتْ تُحِبُّكِ يَا (حَيَاةُ) كَمَا أَنَّكِ تُحِبِّينَهَا أَكْثَرَ مِنْ نَفْسِكِ , قَالَ (أَحْمَدُ) : وَهَلْ تَلْعَبُ هَذِهِ الْقِطَّةُ مَعَكِ يَا (حَيَاةُ)؟! قَالَتْ:نَعَمْ ,تَلْعَبُ الْكُرَةَ  وَتَقْفِزُ فَوْقَهَا وَتَقَعُ وَتَمْرَحُ وَتَرْكُلُهَا بِرِجْلَيْهَا , فَكَانَتْ هَذِهِ الْقِطَّةُ سَبِيلِي وَطَرِيقِي لِإِدْخَالِ السَّعَادَةِ إِلَى قَلْبِي ,وَلِذَلِكَ سَمَّيْتُهَا سَبِيلَةَ, قَالَ (أَحْمَدُ) :- مُتَعَجِّباً- كَيْفَ يَا (حَيَاةُ)؟! قَالَتْ (حَيَاةُ): أَجَلْ سَمَّيْتُهَا وَغَنَّيْتُ لَهَا قَائِلَةً:

دَخَلَتِ الْأُمُّ عَلَيْهِمَا وَهِيَ تَسْمَعُ ابْنَتَهَا تُغَنِّي لِقِطَّتِهَا ,فَنَادَتْ أَبَاهَا - فِي فَرْحَةٍ وَسَعَادَةٍ-  قَائِلَةً: إِنَّ ابْنَتَكَ (حَيَاةُ) شَاعِرَةٌ , قَالَتْ (حَيَاةُ): وَمَا مَعْنَى شَاعِرَةٍ يَا أُمِّي؟! قَالَتِ الْأُمُّ:تُحِبِّينَ الشِّعْرَ وَالْغِنَاءَ, وَقَدْ فَطَرَكِ اللَّهُ عَلَى حُبِّهِ, قَالَ الْأَبُ: سَنُشَجِّعُكِ يَا (حَيَاةُ) عَلَى تَنْمِيَةِ هَذِهِ الْمَوْهِبَةِ الْجَمِيلَةِ الَّتِي فَطَرَكِ اللَّهُ عَلَيْهَا , قَالَتْ (حَيَاةُ):كَيْفَ يَا أَبِي؟! قَالَ الْأَبُ: "سَأُحْضِرُ لَكِ الْكُتُبَ الَّتِي الشِّعْرَ وَالْغِنَاءَ وَأُشَجِّعُكِ عَلَى قِرَاءَتِهَا وَحِفْظِهَا وَمَعْرِفَةِ مَا فِيهَا مِنْ كَلِمَاتٍ جَمِيلَةٍ تُحِسِّينَهَا بِقَلْبِكِ وَتَفْهَمِينَهَا بِعَقْلِكِ" قَالَتْ(حَيَاةُ): شُكْراً, اَلْفَضْلُ كُلُّ اَلْفَضْلِ لَكُمَا بَعْدَ اللَّهِ, اَلْفَضْلُ كُلُّ اَلْفَضْلِ لَكُمَا بَعْدَ اللَّهِ.

وسوم: العدد 747