لكم دفاتركم ولي دفتري

يحيى حاج يحيى

أقصوصة من الواقع :

أمسك بيدها الصغيرة التي راحت تضغط على غلاف دفترها، فنظرتْ إليه بعينين ترقرق فيهما تحد طفولي بريء !؟ كأنها تقول له: دعني وشأني ! لكم دفاتركم ، ولي دفتري أصنع به ما أريد .

- ماذا تصنعين ؟

صمتت الطفلة التي تجاوزت الخامسة، ولم تجب بكلمة . حدّق في غلاف الدفتر ، وبالقلم ذي الرأس المدبب الذي راح يخترق الغلاف، فلم يشأ أن يفلت يدها الصغيرة التي بدأت تتململ بين أصابعه .

أعاد عليها السؤال : ماذا تفعلين ؟

وبشيء من التحدي الظاهر أجابته بعصبية : أقتل هذا، وأقلع عينيه ... وأشارت إلى صورة الطاغية التي طُبعت على الغلاف ..

- ولِمَ تقتلينه ، وتقلعين عينه ؟!

- لأنه قتل ابنة خالتي عائشة !

- من قال لك هذا ؟

- أنا أعرف، وجدتي حدثتني بذلك ...

كانت عائشة في سنها تقريباً، وكانتا كفرخي حمام أبيض في ساحة دارهم الرحيبة القريبة من نهر  العاصي، وقد ألفت كل منهما الأخرى!

ترك يدها التي تعرَّقت ، فأخذت دفترها، ووضعت القلم في داخله ثم مضت إلى محفظتها، وهي تنظر إليه نظرة عتاب غاضبة، وتقول : غداً سأكمل ... إنك خلّصته اليوم ! فمن يخلّصه غداً ؟

ابتسم مشفقاً على مشاعرها وهو يقول : لا أحد يخلّصه – يا عزيزتي الصغيرة – ثم إن الدفتر دفترك ، ولك أن تفعلي به ما تريدين!!

وسوم: العدد 880