ريبورتاج

د. أحمد محمد كنعان

هذه ليست قصة عادية من نسج الخيال، وإنما هي ترجمة حرفية لريبورتاج صحفي (تقرير صحفي) عثرت عليه مصادفة عندما كنت أبحث في أرشيف صحيفة (Los Angeles Times ) عن أخبار ثورة شعبنا السوري عام 2011 ضد دكتاتورية آل "الأسد"، وفيما يلي ترجمة التقرير الذي كتبه مراسل الصحيفة < Keven Starr> الذي كان يعمل ممرضاً في شبابه، فالتحق بفريق الصليب الأحمر ودخل أحد مشافي دمشق في عام 2013 واطلع على العديد من حالات التعذيب التي تعرض لها السوريون على أيدي عناصر المخابرات بحجة معارضة نظام "بشار الأسد" ، ومن جملة القصص التي رواها هذا المراسل حكاية معلمة سورية اعتقلت خلال مظاهرات 2013، ضد نظام بشار، وقد روى المراسل حكاية هذه السيدة كما روتها هي بنفسها، قالت :

صحوت من الغيبوبة، وفتحت عيني بصعوبة، فوجدت نفسي مقيدة إلى الجدار، رددت في نفسي :

-         الحمد لله .

فقد تركني المجرم الذي تولى تعذيبي بالتيار الكهربائي حتى غبت عن الدنيا، ونظرت إلى ثيابي فحمدت الله أني وجدتها تستر جسدي المتهالك، وحركت ساقي فلم أحس بالألم بين فخذي فحمدت الله أن الوحش لم يغتصبني خلال غيبوبتي كما كان يهدد، وفي تلك اللحظة انتبهت إلى وحش آخر على بعد خطوات وقد ألقى إحدى المعتقلات على شيء كالفراش، وراح يراودها عن نفسها وهي تتأبى وتدفعه عنها وتستحلفه أن يتركها، وهو مصمم على ارتكاب جريمته !

وخشيت أن ينتبه لي، فعدت أتظاهر بالغيبوبة، لكني ظللت أتابع المسكينة وقلبي يتقطع عليها، وأضرع لله أن يحميها وينقذها من الوحش الذي يبدو أنه يئس من استسلامها فتركها منكمشة على نفسها تنتحب وترتعد من الخوف، وقام إلى خزانة في الزاوية فأحضر سوطاً غليظاً لكي يهددها حتى تنهار مقاومتها فيغتصبها، ولما اقترب تبين لي أن السوط الذي يحمله ليس معدنياً كالذي أكل من لحمي قبل أيام، وعندما اقترب وصار تحت النور ظهر لي بوضوح؛ فقد ظهر في يده عضو ذكري من البلاستيك يستخدمونه في الاغتصاب أحياناً، وقف الوحش فوق الضحية وراح يساومها بكل وقاحة، مشيراً مرة إلى الشيء الذي يحمله ومرة إلى سرواله المنتفخ في سادية وحشية، والمسكينة ترتعد وتتكور على نفسها مصرة على منع نفسها منه، فلما رأى إصرارها انهال عليها ضرباً بذلك الشيء، فانطلقت تولول وتتوسل وتحاول دفع الضرب عنها بيديها، ولم تلبث أن انهارت مثل جثة، فوقف الذئب ينظر إليها وهو يضحك بصوت في انبساط كأنه أحرز انتصاراً في حرب، ولم يلبث أن انحنى عليها وأخذ يدفع ذلك الشيء في فمها فانفجر الدم وغطى وجهها، فوقف الوحش فوقها غاضباً ساخطاً من تأبيها عليه، ثم انحنى عليها فمزق ثوبها وراح يحشو ذلك الشيء هنا وهناك في الجسد الغائب عن الدنيا، وانتشر الدم هنا وهناك حتى بدأت قدماه تنزلقان فوق الدم وأوشك أكثر من مرة أن يسقط، فلما يئس منها تركها وراح فجلس على الكرسي يسترد أنفاسه الآثمة، وسمعته ينادي أحد الحراس فلما جاءه صرخ فيه الوحش وهو يشير إلى الضحية باحتقار :

-         خذ هذه القحبـ... من وجهي !

-         حاضر سيدي .

قال الحارس وانحنى فأمسك برجل المسكينة وراح يجرها كما يجر الجزار الذبيحة، فاستوقفه سيده وأمره بتركها والذهاب لإحضار علبة السكائر..

فغادر الحارس، فيما عاد الوحش يقف فوق المسكينة، فأرخى سرواله وراح يداعب نفسه بكفه، وهو يضحك في صوت راح صداه يتردد في القاعة الكبيرة كعواء الذئب، وحين بدأ ماؤه يتدفق راح يرشه في نشوى فوق الجثة متعمداً الوجه وما تحت السرة!

وعاد الحارس فناول سيده علبة السكائر فأخذها وصرخ فيه دون أن يداري نفسه :

-         خذ هذه الشرمو .. إلى المحرقة !!

وعندما سمعتُ كلمة "المحرقة" غامت الدنيا في عيني فلم أصحُ إلا في المستشفى!

تعليق المراسل : كانت المتحدثة تقف بين جملة وأخرى تنتحب وتختنق بعبراتها ثم تتماسك وتتابع حديثها الذي ختمته وهي تتوسل لي أن لا أذكر اسمها، ولا مكان اعتقالها ولا تاريخه حتى لا يعود النظام فينتقم منها ومن أسرتها" !

وسوم: العدد 749