أسرة أسد ، والشعب السوري ، والمعارضة ، وكفّ العدس !

عبد الله عيسى السلامة

* المثل المعرف الدارج ، في أنحاء العالم العربي : ( الذي يعرف يعرف ، والذي لايعرف يقول: كفّ عدس !) له قصّة ، قد لايعرفها الكثيرون ، ممّن يرددون المثل، وملخّصها :

أن شاباً يحبّ فتاة ، زارها يوماً ، في بيت أهلها ، خفية عنهم ! وحين شعر أبوها به ، وقام للإمساك به ، وتأديبه .. أسرع الشابّ إلى كومة من العدس ، كانت في فناء البيت ، وقبض منها قبضة ، وهرب ! فلحق به والد الفتاة ، وهو يصيح به ، ويشتمه، ويهدّده .. والشاب يركض ، ممسكاً بقبضة العدس ! وحين رأى الناس المشهد ، قال بعضهم : أفّ لهذا الرجل المأفون ! يطارد شاباً ويشتمه ويهدّده ، من أجل كفّ عدس أخذه من بيته ..! فأطلق الأب ، عندها ، قولته المشهورة ، التي ذهبت مثلاً !

 * حين ينتقل كفّ العدس ، إلى السياسة ، تأخذ الصورة بعداً درامياً ، أشدّ حساسية وخطراً :

 1) كثيرون من الناس ، الذين لايعرفون نظام الأسرة الأسدية ، على حقيقته .. يلومون المعارضة السورية ، التي تسعى لتغيير هذا النظام ، أو إسقاطه .. ويقولون : عجيب أمر هذه المعارضة ! أمِن أجل السعي إلى كرسي الحكم ، تجابِه هذا النظام الصامد ، الممانع ، المتصدّي للمشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة !؟

 2) بعض الناس يقولون : هذه المعارضة البائسة ، تتّهم بعض رجال النظام الحاكم ، بشيء من السرقات ، من المال العامّ ! وهل ثمّة دولة في الدنيا ، لا يسرق حكّامها من المال العامّ ، بطريقة أو أخرى !؟ أفلا يشفع لهذا النظام الصامد الممانع ، أنه الوحيد الذي مايزال رافعاً شعار الممانعة والصمود ، في وجه المخطّطات الصهيونية الأمريكية !؟

 3) بعض الناس يقولون : أمِن أجل بعض الاعتقالات ، التي يمارسها النظام السوري ، ضدّ بعض معارضيه ، تقوم المعارضة ولا تقعد ، وتعكّر مزاج الحاكم الممانع ، وتشغله عن مجابهة الصهيونية ، والاستعمار الأمريكي الجديد !؟

 4) بعض الناس يتّهم المعارضة ، بأنها مجموعة من الخونة العملاء .. سخّرتهم الصهيونية ، لإعاقة مشروع الممانعة ، الذي يحمله نظام الأسرة الأسدية النبيلة !

 * لو عرف هؤلاء المشفقون على الممانعة ، وحمَـلةِ مشروعها ، من بني أسد .. لو عرفوا حقيقة آل أسد ، وحقيقة ممانعتهم ، بل حقيقة عمالتهم ، حتّى النخاع .. للصهيونية القابعة في تل أبيب ، تحميهم وتحرسهم ، وتَعدّ محاولة إسقاطهم خطاً أحمر.. لأن نظامهم ضرورة حيويّة لأمن إسرائيل القومي ..! لوعرف هؤلاء المشفقون على الممانعة ، الحقيقةَ .. لتغيّرت نظرة المنصفين منهم ، ولقالوا : أعان الله سورية وأهلها ، على هذا النظام الشاذّ المقيت ، الذي ليس له في التاريخ نظير، سوى عصابات القرامطة والحشّاشين ، في سالف الأيام ! ( ولن نتحدّث ، هنا ،عن المرتزقة ، الموظّفين لخدمة آل أسد ، داخل سورية وخارجها .. فهؤلاء جزء من الجوقة الأسدية ، ولهم شان آخر، في نظر الشعب السوري ، ونظر معارضته !) .

 * ويظلّ السؤال المطروح على المعارضة السورية ، بسائر أطيافها .. نيابة عن الشعب الذي تمثّله .. والتي لانجد أحداً أولى منها ـ بهذه الصفة التمثيلية لشعب سورية ـ بالإجابة على هذا السؤال ، الذي تتفرّع منه مجموعة من الأسئلة.. وهو :

إن قضيّتكم واضحة ، كالشمس في عزّ الظهيرة .. ولم يعد كفّ العدس يخدع الناس ، عن حقيقة النظام الأسدي ، وخيانته المعلنة على رؤوس الأشهاد ، وبصفاقة عجيبة ، والتي تنسف كل وهم قد يتوهّمه مغفّل ، حول ممانعة آل أسد ، أو مقاومتهم للمشروع الصهيوني ..!

فما بال الكثيرين ، من أبناء أمّتكم العربية ، ممّن لا يتّهمون بالعمالة لآل أسد.. ما بال هؤلاء، مازالوا يحسنون الظنّ بنظام أسرة أسد، وينظرون إليكم بعين الشكّ ، أو الريبة ، أو الاتّهام ؛ بأنكم أصدقاء للصهيونية ، التي يحاربها نظام آل أسد ، أو يُعدّ نفسه لمحاربتها ، حين تسنح له الظروف ، ويستطيع تحديد الزمان والمكان ، المناسبين لهذه الحرب الضروس ، القادمة !؟

 أهذا تقصير منكم ، في إيصال قضيتكم إلى الناس ، بشكل صحيح !؟ أم هو قصور في الأدوات الإعلامية التي تملكونها !؟ أم أن الإعلام المعادي ، لكم ولقضيتكم ، أقوى كثيراً من إعلامكم !؟ أم هذه الأمور مجتمعة !؟

 وغنيّ عن البيان ، أن الأسئلة الموجّهة إلى المعارضة ، التي نزعم الانتماء إليها .. إنّما هي ـ كسائر الأسئلة التي نطرحها على أنفسنا ، في العادة ـ أسئلة تحفيزية..لا تعجيزية ! وليست موجّهة إلى طرف واحد ، دون سائر الأطراف .. فرقاب الجميع تحت خناجر الجزّارين ، من آل أسد الأشاوس .. النبلاء !

 كما لا يغيب عن بال اللبيب ـ في معرض الحديث عن المثل الشعبي السوري ـ أن الكنّة ، المعنيّة بالإجابة على السؤال ، داخل البيت ، ليست وحدها التي تسمعه ..! بل للجارة خارج البيت ، نصيب منه ؛ وهو المراد به ، حفزها على التأمّل والتفكير، ومحاسبة النفس ، بشيء من الهدوء ، وصفاء العقل والقلب ، ونقاء الضمير!

وسوم: العدد 763