حول التصنيفات والعقوبات والإقرارات الأمريكية، لا نصفق للمتغطرس وإن أصاب !!

زهير سالم*

ما تزال التصنيفات والعقوبات والإقرارات الدولية أحيانا والأمريكية حينا .. تنثال على منطقتنا . ولا يزال بعض سكان هذه المنطقة ، يحرض بعضهم على بعض ويشمت بعضهم ببعض !! في مرحلة سكر بها بعض الناس بخمار السلطة ، وانتشى آخرون بنشوة تحالفات عارضة أذهلتهم عن بدائه العقول ..

ونتساءل في سياق ما تأتي به الأخبار هذه الأيام : مَن مِن المستضعفين المطحنوين الأحرار لن يطربه في ردة الفعل المباشرة أن تصنف الولايات المتحدة الأمريكية الحرس الثوري الإيراني وحزب الله منظمتين إرهابيتين ، بعد كل الذي فعلته هذه الميليشيات وأذرعها الضاربة في العراق وسورية ولبنان واليمن؟!

أي مستضعف مضطهد مظلوم لن يرتاح ضميره حين يسمع أن عقوبات أمريكية تفرض على بعض الأدوات هنا وهناك ؟! عقوبات اقتصادية أو عقوبات لوجستية مكذوبة مدعاة.

وحين نستمع أحيانا إلى التشكي من وقع العقوبات فلا يجوز أن نغفل أن هذا التشكي من تمام اللعبة . أنا أضرب العصا بالجدار وأنت تصيح وتستغيث في مشهد بدائي معروف ومكشوف .

وقبل الدخول في بعض التفصيل يجب أن ندرك أن جميع الجرائم الأسدية والصفوية التي تمت على شعبنا في سورية بشكل خاص إنما تمت بالرضا والمشاركة الروسية - الأمريكية على السواء . سيصعب على أي مسئول أو دبلوماسي أو محلل أمريكي أن يعترف أن ما فعلته الميليشيات الصفوية في سورية كان تحديا للدولة الأمريكية ، وكسرا لإراداتها . وأصبعا في عين الدولة الأعظم ..هذا ما يحدثنا عنه في كل لحظة مراجع إيران وحسن نصر الله ..ونرى الساسة الأمريكيين يبتسمون ؛ فهل تراهم يقرون حين لا يردون ؟!

قد يجد الضحايا الأولين أنفسهم معذورين في سياق التشفي أو التوقي أن يصفقوا حين يكسر المجرم في لحظة عصاه ..

وحين تصبغ الولايات المتحدة بعض المجموعات في المنطقة بالإرهاب سيصفق لها من بني جلدتنا قوم . وحين تستدير إليهم لتصفهم بما تشاء سيصفق لها الأولون ..ويجب أن نربأ بأنفسنا أن نخوض مع الخائضين وأن نرتع مع الراتعين ..

فلا العقوبات الأمريكية ، ولا التصنيفات الأمريكية ، ولا الإقرارات الأمريكية مرة في القدس ومرة في الجولان ؛ يجوز أن تستفزنا أو أن تطربنا ..

الذين ما زالوا يأملون بدور إيجابي للولايات المتحدة أو للروس في منطقتنا إنما يحلبون بقرة الوهم ويبيعون حليبها..

ولا تملك أي قوة متغطرسة في العالم الحق في تصنيف الناس ، أو في معاقبتهم ، أو في التلاعب بخرائط وجودهم الجغرافي والديمغرافي على السواء ..

وفي حقيقة الأمر لقد كشفت ميليشيات الولي الفقيه ، وفي مقدمتها الحرس الثوري الإيراني وأذرعه ومنها حزب الله اللبناني ، عن وجه إرهابي طائفي مقيت . وأشعلت نار الفتنة في منطقتنا . وعانت منها شعوبنا في العراق وسورية ولبنان واليمن ما عانت وما تزال تعاني ..

ندرك كل ذلك ، ونرفضه ، ونرد نار الفتنة على أهلها ..ولكننا لن نكون بحال جمرا في موقد الفتنة الدولي أو الأمريكي ...

وهذا ليس دعوة إلى مثالية خرقاء ، أو انغماس في حالة من النقاء المدعى ، هذا لأننا قوام هذه المنطقة . قوام الديموغرافيا وأصحاب هذه الجغرافيا ..

ندعو إلى معايير إنسانية عدلية لقواعد الحق والعدل والعلاقات بين الحضارات والثقافات والشعوب والأفراد . معايير لا تفرضها غطرسة القوة وقوانين السوق !! وإنما يتوافق عليها العقلاء من الناس . معايير ترفض الاستعلاء ، والتمييز ، والعبث بمقادير الناس .

ويجب أن يظل شعارنا في عالمنا وفي منطقتنا ، رفض إملاءات الغرباء ، والأخذ على أيدي السفهاء ، والانتصار للحق والعدل ولإنسانية الإنسان ..

كنا وسنبقى ضد الجريمة الصفوية على أرضنا ، ضد الحرس الثوري الإيراني ، والحشد الشعبي والزينبيين والفاطميين وحزب الله ضد المنادين بثارات الحسين والرافعين للرايات الطائفية على طريقتنا وليس على طريقة الروس ولا على طريقة الأمريكيين .

وستبقى فلسطين بعاصمتها القدس مسلمة عربية .. وسيبقى الجولان عربيا سوريا ولن تنفع الإشهارات والإقرارات لا من المدعين ولا من شهود الزور على السواء.

لن نستنكر ولن نشجب ولن نحتج ولن ندين ... ولكننا بكل تأكيد لن نقر للمتغطرس بحق تصنيف الناس ..ولا بحق إطلاق الأحكام ولا الشهادة على الحقوق !!

هذه هي لعبة مكر وخداع لا نعترف بمدخلاتها ولن نقر بمخرجاتها ...

ولن نصفق للمتغطرس وإن أصاب في بعض الأمر ..كما يصفق بعض الذين لا يعلمون.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 819