فلسطيني: لهذا… تقدمت بدعوى ضد غانتس وايشل في “لاهاي”

اسماعيل زيادة يتفقد الدمار الذي خلفته غارة إسرائيلية على منزله وقتلت ستة من أفراد أسرته

وقف داود وألقى كلماته. جوليات (هنا في دور بني غانتس) لم يكن موجوداً في الساحة، بل اكتفى بطاقم بولندي من محامين (مدعومين برأي ثلاثة محامين آخرين). حدث هذا في يوم الانتخابات 17 أيلول، بمحكمة مركزية في لاهاي. داود، المدعو إسماعيل زيادة، وهو فلسطيني من قطاع غزة، والآن مواطن بولندي. استخدم زيادة تشبيه داود وجوليات لوصف واقع حياته والمشهد القانوني الذي يدعي فيه على رئيس الأركان الإسرائيلي السابق وضد قائد سلاح الجو السابق امير ايشل.

ثلاثة قضاة هولنديين سمعوا ادعاءات حول مسوغ صلاحيتهم في البحث في دعوى أضرار مدنية ضد من سيحل محل بنيامين نتنياهو كرئيس حكومة، ولماذا يتجاوز هذا الأمر صلاحيتهم. لقد سمعوا ادعاءات حول سبب قتل مدنيين بقصف جوي متعمد على بيوتهم في جريمة حرب، وسبب السماح لمحكمة هولندية بمناقشته، وسمعوا العكس أيضاً.. لماذا لا يسمح لهم بذلك. وضمن أمور أخرى، سمعوا أن المحاكم الإسرائيلية هي في متناول يد فلسطينيين يريدون مقاضاة الجيش الإسرائيلي على قتل أولادهم ونسائهم وشيوخهم، أي أن هذه هي الأجندة التي حاول ممثلو جوليات بيعها للقضاة.

ممثلو جوليات أيضاً سمعوا ادعاءات حول حصانة تلقائية لشخصيات إسرائيلية رفيعة، عملت في خدمة الدولة، وأن تقديمهم للمحاكمة سيمثل مساً بسيادتها. لقد أشاروا إلى تعقيدات دبلوماسية قد تظهر إذا قررت محكمة هولندية مناقشة الدعوى ضد جنرالين في الاحتياط، بل قالوا إن الدعوى جزء من حملة مناهضة لإسرائيل. وطالبوا أيضاً برفض الدعوى بشكل مطلق والفرض على المدعي دفع 15 ألف يورو تكاليف المحكمة.

في نهاية يوم نقاشات كامل استمر من الساعة التاسعة والنصف حتى الرابعة والنصف، أعلن القضاة بأنهم سيعقدون الجلسة المفتوحة المقبلة في نهاية كانون الثاني 2020. وسيقرأون في حينه قرار الحكم فيما إذا كان لجهاز القضاء في هولندا صلاحية لمناقشة دعوى الأضرار المدنية، عن قتل مفتية زيادة (70 سنة)، من مواليد الفالوجة ولاجئة في مخيم البريج، وأولادها: جميل، وعمر، ويوسف، وحفيدها شعبان، وزوجة ابنها بيان، وذلك في 20 كانون الثاني 2014.

كشف زيادة للقضاة بأن رجلي قانون هولنديين عملا بجدية من أجل إقناعه بتقديم الدعوى، هما: زوجته الدبلوماسية انغليك آيفا، وعمها هانك زانولي. حصل زانولي على وسام الصالحين من بين الأمم بسبب إنقاذه (هو ووالدته) طفلاً يهودياً في فترة الاحتلال النازي في هولندا. في 2014 أعاد الوسام إلى مؤسسة “يد واسم” كاحتجاج على قتل أبناء عائلة زيادة. هكذا خرجت هذه العائلة من المجهول والنسيان الدولي وغيابها الذي يغلف مئات العائلات الفلسطينية الأخرى التي أفنتها إسرائيل، عندما قصفت بيوتها في مخيمات اللاجئين والمدن، في وقت كانوا فيه يتناولون العشاء، أو كانوا نائمين في الليل، أو وهم يجتمعون في الظهيرة في الغرف الأكثر برودة.

“في الوقت الذي فيه لزوجتي وعمها ثقة كبيرة بسبل الإنصاف القانونية الممنوحة في هولندا، فإن حياتي زودتني بتجربة مختلفة عن مزايا القانون وتطبيقه”، قال زيادة للقضاة بلغة منضبطة ومفهومة، بالإنجليزية والهولندية، لكن بالعبرية كانت بحاجة إلى ترجمة: حياة الفلسطيني تثبت له في كل لحظة أنه لا يستطيع توقع العدالة من الجهاز القضائي في إسرائيل. “سنة 2014 لم تكن المرة الأولى التي أصبت فيها بنشاطات للجيش الإسرائيلي”، قال، “لقد أصابت قدمي رصاصة حية وأصيب رأسي بإطلاق نار من مسافة قصيرة، برصاصة مطاطية، وكنت شاهداً على إطلاق النار على رأس طفل آخر كان بجانبي وقتل على الفور. لقد ضربني الجنود الإسرائيليون، كل ذلك حدث قبل أن أبلغ 15 سنة. هذا طرف جبل الجليد فقط لأمور جربتها شخصياً، ولم يحاسب عليها أحد، وإن التفكير بتقديم طلب للحصول على مساعدة قانونية من أي نوع كان أبعد من الخيال… في الوقت الذي لم يلتئم فيه جرحي بعد، وأسأل أحياناً، هل سأظل أحكه بلا توقف. لا يمر يوم لا نتحدث فيه عن شيء ما مرتبط بالإجراء القانوني أو ننشغل به”.

في الدعوى المدنية التي رفعها زيادة، يطلب فيها تعويض بمبلغ 600 ألف يورو. بالنسبة له، تعد هذه الدعوى أمراً مبدئياً، إذا ربحها وحصل على التعويض سيتبرع بجميع المبلغ لصالح أطفال فلسطينيين ومدنيين هم ضحايا حروب أخرى، قال. ولكنه طلب من القضاة الذين في حالة معاكسة (رفض الدعوى)، على الأقل أن لا يغرموه بنفقات المحاكمة هو وعائلته. وزارة العدل في إسرائيل تمول تمثيل غانتس وايشل، قال زيادة، في حين أن عائلته تعتمد على التبرعات، وهي الآن تجد نفسها في أزمة مالية. وحسب قوله، الحكم عليه بدفع النفقات سيردع آخرين عن البحث عن العدل في المحاكم، وأكد أن هذا سيضيف الخطأ على الجريمة، إذا تم إلزام عائلات الضحايا بدفع التعويض للدولة التي اعترفت بمسؤوليتها عن قتل أبناء هذه العائلة.

وسوم: العدد 843