هل سيسترجع قيصر روسيا القسطنطينة ؟!

د. موفق السباعي

ومرت منذ أيام ، الذكرى الرابعة الأليمة ، الكئيبة للغزو الروسي القيصري لسورية ، وبمباركة بابا الكنيسة الأرثوذكسية اللعينة .. الأشد عداوة للمسلمين من سواها ..

وبمباركة البيت الأسود للعم سام أيضاً .. وعلى عكس ما حدث في الغزو السوفياتي لأفغانستان ، قبل أربعين سنة .. حينما كان كارتر يحكم البيت الأسود .. فأعلن استنكاره الشديد للغزو السوفياتي لأفغانستان .. ثم جاء بعد سنة واحدة ريغان ، الخبيث ، الماكر ، الداهية ، فأطلق خطة ماكرة ، لإسقاط الإتحاد السوفياتي .. والقضاء عليه نهائيا !!!

وذلك باستغلال حركة المجاهدين  .. الذين تقاطروا إلى أفغانستان من أصقاع العالم .. ومدهم بالسلاح .. وخاصة صواريخ ستنغر المحمولة على الكتف .. والقادرة على إسقاط الطائرات السوفياتية .. ليس لسواد عيونهم .. ولا محبة فيهم .. ولكن لاستخدامهم كأدوات ، للتخلص من عدوه اللدود !!!

وثمة سؤال كبير وهام جدا ، لا يسأله أحد !!!

يا ترى ما هو الهدف الحقيقي للغزو الروسي لسورية ؟!

هل هو فقط السيطرة على سورية ، وعلى الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط ، أم لها مآرب أخرى ؟!

هل هو للمحافظة على نظام الأسد ؟!

هل هو للانتفاع بخيراتها ، وتشكيل قواعد عسكرية لمحاربة أعدائها ؟!

هل هو للقضاء على الفصائل المسلحة ، وخاصة التي تحمل طابعاً إسلامياً ؟!

الحقيقة التي لا مراء فيها .. أنها جاءت بهدف ديني بحت ، مغلف بمظاهر مادية ..

طالما أن الكنيسة الأرثوذكسية هي الراعية ، والمؤيدة ، والمباركة للحملة الروسية على سورية .. فهي تحمل هدفاُ دينياً خالصاً ..

إنها تريد .. أن تمنع أي قوة إسلامية ، تود السيطرة على الحكم ..

لأنها تكره الإسلام ، وتحقد عليه أشد الحقد ، وتعتبره العدو اللدود لها ، ولبني إسرائيل الذين يسيطرون على فلسطين .. فأي قوة إسلامية تسيطر على دمشق .. يعني تهديد للكيان الصهيوني ، وتهديد للكيان الروسي ، والكيان الأمريكي ..

ولكن بالإضافة ، لهذا الهدف الرئيسي الأول للغزو الروسي لسورية ..

فهناك هدف آخر مخفي لا يدري عنه أحد ، لأنه غير معلن ، وغير ظاهر !!!

إنها تريد أن تتخذ من سورية .. قاعدة للهجوم المستقبلي على تركيا ، وإن كانت تتظاهر بالود لتركيا ، وتتعاون معها على أنها الضامن الأول .. ولكنها في الحقيقة تحمل في نفسها ثارات ، ثلاثة قرون ونصف من الصراع المرير ، مع الدولة العثمانية ، التي انتزعت منها القسطنطينية بقوة السلاح عام 1453 .. والتي كانت عاصمة مملكة هرقل الروم ، للقيصر الروسي الأرثوذكسي ..

فهي لا تزال تضمر في نفسها .. الحقد والكراهية للدولة العثمانية .. ولكل من يحكم القسطنطينية .. ويُظهر شيئا من الإسلام .. ولو كان إسلاميا تقليديا .. أو صوفياُ .. والحكم معلن رسمياً بأنه علماني !!!

ولا تزال تخطط لاسترجاع القسطنطينية .. وستسترجعها يوما ما ، قد يكون قريباً أو بعيداً !!!

وقد يكون هذا الكلام صادماً لكثير من الناس ، وصادماً حتى للأتراك !!!

ولا يصدقونه ، ويكذبونه !!!

ولكنه حقيقة ، ستقع في يوم من الأيام ، وهذا الغزو الروسي .. هو مقدمة لحصول ذلك ...

 لأن الرسول صلى الله عليه وسلم .. لا يكذب .. ولا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، فهو يؤكد بأنه سيتم فتح القسطنطينية ، في آخر الزمان ..

( عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ ، وَخَرَابُ يَثْرِبَ خُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ ، وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ ، وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ خُرُوجُ الدَّجَّالِ " ) . حديث صحيح ..

( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ، قَالَ : " هَلْ سَمِعْتُمْ بِمَدِينَةٍ جَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَرِّ وَجَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ ؟ " فَقَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَغْزُوهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ بَنِي إِسْحَاقَ ، حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا نَزَلُوا ، فَلَمْ يُقَاتِلُوا بِسِلَاحٍ وَلَمْ يَرْمُوا بِسَهْمٍ " قَالَ : " فَيَقُولُونَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ فَيَسْقُطُ أَحَدُ جَانِبَيْهَا " - قَالَ ثَوْرٌ : وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ : - " جَانِبُهَا الَّذِي يَلِي الْبَرَّ ، ثُمَّ يَقُولُونَ الثَّانِيَةَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، فَيَسْقُطُ جَانِبُهَا الْآخَرُ ، ثُمَّ يَقُولُونَ الثَّالِثَةَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ فَيُفْرَجُ لَهُمْ فَيَدْخُلُونَهَا فَيَغْنَمُونَ ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ إِذَا جَاءَهُمُ الصَّرِيخُ : أَنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَرَجَ ، فَيَتْرُكُونَ كُلَّ شَيْءٍ وَيَرْجِعُونَ " " يُقَالُ إِنَّ هَذِهِ الْمَدِينَةَ هِيَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ قَدْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ إِنَّ فَتْحَهَا مَعَ قِيَامِ السَّاعَةِ ) .

فهذه الأحاديث تؤكد بشكل يقيني على أن القسطنطينية .. ستسقط بيد المشركين .. وسيفتحها المسلمون مرة أخرى .. وبمساعدة سبعين ألفاً من بني إسحاق ..

ومن هو إسحاق ؟

إنه ابن إبراهيم وأبو يعقوب ( إسرائيل ) عليهم السلام ..

يعني إنهم من أهل الكتاب .. من نصارى أوروبا ، بعد أن دخلوا في الإسلام ..

بل هم سيكونون الغزاة الفاتحين للقسطنطينية .. وسيفتحونها بالتكبير والتهليل ، وليس بالصواريخ ، ولا الطائرات ..

إن سلاح الإيمان ، واليقين بالله ، هو السلاح الفعال في ذلك الوقت .

ومن يراجع تاريخ الحروب القيصرية مع الدولة العثمانية ، خلال ثلاثة قرون ونصف الماضية .. يجد أنه قد حصلت ثلاثة عشر حرباً بينهما .. من عام 1568 إلى عام 1918 نهاية الحرب العالمية الأولى ..

وكانت أول معركة اسمها أستراهان عام 1568 ، وهي ولاية تابعة للقرم ، فاحتلتها روسيا ..

وفي السنة الثانية لاستلام عبد الحميد الثاني الحكم في عام 1877 حصلت حرب الثلاث والتسعين بين روسيا والدولة العثمانية ..

وفي الحرب الأخيرة ، اجتاحت الجيوش القيصرية أراضي الدولة العثمانية ، ووصلت قريباً من استنبول .. وكادت أن تسيطرعليها ، لولا تدخل بريطانيا وفرنسا ، اللتان منعتاها من ذلك .

لذلك .. من يظن أن روسيا ستخرج من سورية قريباُ ، فهو واهم ، وجاهل بطبيعة الصراع الصليبي الإسلامي ..

فهي ما جاءت لأجل مطامع مادية فقط ، وإن كانت تتظاهر بذلك ، ولكنها جاءت للقضاء على الإسلام الذي تسميه إرهاباً ، ولاسترجاع عاصمة دولتها القديمة ..

فهي تتظاهر بالتحالف مع تركيا ، وتمثل نفسها أنها الضامن الأول ، لتأمين حياة المدنيين في مناطق أطلقت عليها اسم ( خفض التوتر ) !!!

فهل يا ترى وفت بوعدها ؟!

على العكس .. إنها هي القاتل الرئيسي للمدنيين !!!

وطائراتها منذ أربع سنوات ، وهي تقذف بحممها .. وصواريخها على المدنيين ، وجربت عشرات الأسلحة الجديدة ، في أجسام المدنيين !!!

فإذا نكثت بوعودها ، ونقضت عهودها ، وبطشت بطش الجبارين في سورية ..

فهل ستفي بوعودها ، وعهودها لتركيا ؟!

لا .. قطعاً ويقيناً ..

إنها تحضر ، وتخطط للتمكن من الإستقرار في سورية كلها ، وستستغل الآن انشغال تركيا ،  والمقاتلين السوريين ، في حرب شرق الفرات ، وتهجم على إدلب ، وتعيدها إلى نظام الأسد ظاهرياً ورسمياً ، ولكن إلى سيطرتها فعلياً ، ومن ثم ستنطلق إلى غزو تركيا ، من البر والبحر والجو ، والوصول إلى استنبول ، وهي الهدف الرئيسي لذلك الغزو ..

ولكن متى سيحصل هذا ؟!

وهل الأتراك يدركون هذه الخفايا ، والنوايا الروسية ؟!

ربما يحصل الغزو بعد عدة سنوات ، أو ربما بعد عشر سنوات ، أو أكثر ، الله أعلم ..

ولكنه سيحصل يقيناً ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يكذب ..

أما علم الأتراك بذلك ، فعلى الأغلب أنهم لا يدركون .. والله أعلم ..

على كل حال هذه المقالة ، هي تحذيرية لهم ولجميع المسلمين ، لأن الأمر ليس خاصاً بالأتراك وحدهم ، وإن كانت استنبول هي بؤرة الصراع والحرب ، ولكنه عام للمسلمين ، فهم مهددون في دينهم وعقيدتهم ..

فالقيصر الروسي .. بتحالفه ضمنياً وعملياً مع القيصر الأمريكي والأوربي ، يريدون القضاء على الإسلام والمسلمين !!!

لأنهم يعتقدون .. أنهم هم العدو الأوحد لهم ، بعد سقوط الشيوعية ، والاتحاد السوفياتي ..

وسوم: العدد 848