مظاهر التدخل الإيراني ومشروعه التخريبي في العالم الإسلامي

أدباء الشام

في هذا المقال  سوف نحاول تتبع مظاهر التدخل الايراني  وفي مقدمتها السعي الحثيث إلى خلق حرب طائفية ، وتفجير الأمن الإقليمي برمته ، وفرض طوق حصار استراتيجي حول الدول  العربية  كما نصت على ذلك نظرية أم القرى  الشيعية التي تدرسها إيران في جامعاتها  في تخصص العلوم السياسية( د. نبيل العتوم ، مقولات في الاستراتيجية الوطنية ، مركز أميه للبحوث والدراسات الإستراتيجية ، 2017) ، والسعي إلى  توسيع النفوذ الإيراني في دول مثل سوريا والعراق ولبنان شمالا واليمن جنوبا، انسجاماً مع الخطة التي رسمتها طهران ، وأقرها  مجلس الأمن القومي الإيراني ، وصرح به قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين سلامي (جريدة جمهورى اسلامى ، 15/9/ 2019) وذلك من خلال وكلاء إيران الممثلين في حزب الله اللبناني والحشد الشعبي الشيعي وجماعة الحوثي، فضلا عن تمويل وتحريض جماعات مناوئة للدول العربية ،  إضافة إلى مد النفوذ الإيراني في منطقة القرن الأفريقي بل وفي دول أخرى ذات تأثير في الأمن الوطني الخليجي مثل باكستان وأفغانستان وبعض الدول الأفريقية، تحت عنوان إحياء محور الممانعة العالمي ( علي لاريجاني ، صحيفة كيهان ، 13/4/2017)

هذا إلى جانب  إطلاق يد الحرس الثوري بما يمتلكه من موروث دموي  طائفي للدول العربية ، حتى أن الجنرال قاسم سليماني قائد الحرس الثوري بات ظهوره بشكل  ميدانيا في كل من العراق وسوريا مسألة مألوفة ، يوجه العمليات العسكرية ، ويحاول إغراق المنطقة بالصراعات الطائفية والمذهبية ، حيث حصل على أعلى وسام تمنحه إيران على دوره في إغراق المنطقة بالفوضى ( جريدة جام جم ، 7/ 2019)، وبات اللعب بالورقة الإقليمية وتوظيفها لصالح إيران أحد إستراتيجيات طهران المهمة والحيوية ، وأعلنت على لسان مسئوليها استعدادها لمقايضتها إقليميا ودوليا . ( علي لاريجاني ، جريدة اطلاعات 19/8/ 2018)

التدخلات الإيرانية لم تقف عند هذا المستوى بل باتت تنفذ مشروع عمليات تطهير عرقي وخطط إعادة هندسة ديموغرافية واضحة المعالم في المدن والمحافظات العراقية والسورية مستغلة فكرة الحرب على الإرهاب لمواجهة  تنظيم داعش والقاعدة ، والتي أثبتت التطورات أن جزء من دعمها بالمال والسلاح والاستخبارات وتنفيذ المآوى كان يتم برعاية إيرانية ( جريدة نيويورك تايمز ، 23/9/ 2019) وتسكين مهجرين شيعة من باكستان وأفغانستان وإيران في العراق وسوريا  بدلا من سكانها الأصليين السنة من أجل تهيئة المجال أمام خيارات التفكيك والانفصال في كل من العراق وسوريا بهدف تغيير موازين القوى الإقليمية وتعديل هياكلها لمصلحة إيران، وتفجير الأمن الاقليمي ، وإشغال العالم الاسلامي عن التعاطي مع الخطر الإسرائيلي وحل القضية الفلسطينية ، وإحداث أكبر هجرة في التاريخ الحديث خاصة تجاه تركيا والأردن ،ودول العالم كافة ، مما خلق أكبر أزمة لجوء إنساني في التاريخ الحديث . 

أما سعي إيران بشتى الطرق إلى الضغط استراتيجيا للتأثير على الوضع الداخلي الإسلامي  باعتبارها ركيزة الأمن ، وذلك عبر مخططات ومؤامرات تتخذ أنماطا مختلفة تبدأ من التوظيف السياسي للشعائر الدينية وتنفيذ مخططات فتنة واضطراب ، وإحياء شعائر دينية دموية لتشويه صورة الإسلام  ، ومحاولة تخريب الخارطة الديمغرافية والدينية ، هذا عدا عن محاولة تخريب  موسم الحج الذي يجمع نحو 3 ملايين مسلم في الأراضي المقدسة بمكة والمدينة من أجل تطبيق مخطط تدويل الأماكن الإسلامية المقدسة، على غرار الفاتيكان ، وهو ما جاهرت به إيران على لسان أكثر من مسئول وعلى لسان المرشد خامنئي نفسه .

ومن مظاهر الخطر الإيراني يتمثل في مواصلة احتلال الجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى) والتعنت الشديد في رفض أيّ مقترحات تسوية سلمية تعرضها دولة الإمارات في مختلف المناسبات والمحافل، بما يعكس تصميم الجانب الإيراني على فرض إرادة الاحتلال على هذه الجزر التي تثبت الوثائق التاريخية كافة ملكيتها لدولة الإمارات العربية المتحدة ، هذا عدا عن أكبر عملية استهداف للسنة داخل إيران ، وشن حرب شعواء على العالم الاسلامي من خلال تدريس مناهج مدرسية تكرس من خلالها ثقافة الكراهية والتحريض عرفها التاريخ الحديث ( نبيل العتوم ، موسوعة الكتب المدرسية الإيرانية : صورة العرب في الكتب المدرسية الإيرانية ، صورة أهل السنة في الكتب المدرسية الإيرانية ، الأساطير والخرافات في الكتب المدرسية الإيرانية ، عسكرة التعليم في إيران ، منشورات مركز أمية للبحوث والدراسات الإستراتيجية ، 2017).

وسوم: العدد 855