المؤامرة على تركيا

م. هشام نجار

اعزائي القراء 

يوماً بعد يوم تتقدم الولايات المتحدة خطوة خطوة تجاه محاصرة تركيا كان اخرها  اعتماد الكونجرس لمشروع  قرار بمعاقبة تركيا بشأن ما دعي  بمجازر الأرمن في أوائل القرن الماضي، اضافة الى مؤامرة  تقسيم سوريا وتركيا  والذي مازال قائما  فهو مشروع استراتيجي غربي اسرائيلي مازال في  أولويات هذه الدول  ، ويعتبر مثل هذا الاستفزاز ضوءاً اخضراً منحته امريكا لاعداء تركيا في المنطقة  من اجل التحرك بحرية  ضد تركيا والمؤسف ان حكاماً عرب تقف وراءه .وباعتقادي ايضاً ان دخول الروس على الخط في ليبيا لم يكن بعيدا عن اتفاق سري بين الولايات المتحدة وروسيا شبيهاً بالاتفاق السري بينهما في سوريا . نضيف الى  ذلك :

- تحرك إعلامي من جانب اليونان 

- مناورات مصرية بحرية في شرق المتوسط 

- استفزاز اسرائيلي لتركيا في تحدي لها في المنطقة المشمولة بالاتفاق البحري مع ليبيا  

- واخيراً لا آخراً تصريح السيسي المتفق عليه مع دول غربية معتبراً ان حكومة الوفاق لاتمثل الشرعية بسبب اختراقها بمنظمات ارهابية على حد قوله  ، هذا الصوت الهزيل قد يجد صدى من قبل دول غربية هي اصلاً من شجعته على إطلاق مثل هذه التصريحات . 

لماذا تركيا ؟

الواقع المر الذي تعيشه الدول العربية  والمتمثل  بسقوط حكام الدول  العربية بيد الكيان الاسرائيلي والإدارة الأمريكية   والنظام الإيراني بحيث تحول جميع الحكام العرب الا من رحم ربك دمى تتحرك باوامر خارجية هو احد الأسباب المشجعة لأمريكا لتركيز مؤامرتها تجاه تركيا ، وفي نفس الوقت تحاول تركيا ان تتحرر من الهيمنة الغربية والتي كبلتها منذ ان تسلط عسكر تركيا عليها فكان المطلوب منها غربياً في العهود الانقلابية ان تبقى تركيا قوية عسكرياً، ولكنها فقيرة اقتصاديا لتكون المدافعة عن الغرب ضد الاتحاد السوفيتي  دون طموحات اقتصادية فحشدت نصف مليون جندي على اهبة الاستعداد على جبهة البحر الأسود في سنين الحرب الباردة.ولكن وبعد انتقال الحكم الى حزب العدالة والتنمية حدث تغير كبير في السياسة التركية الداخلية والخارجية  وخاصة باتباع تركيا  استقلالية منحتها حرية الحركة،   فتم تنظيف هياكلها المختلفة من الفساد، واهتمت بالتصنيع  والسياحة  فأبدعت بالمجالين وبنفس الوقت لم ينس القائمون على الحكم  تعزيز القوة العسكرية فتم تصنيع معدات عسكرية متقدمة محلياًكل هذا كان مصدر ازعاج للغرب وانظمة الخليج ومصر  والذين يسعون لاسقاط ديموقراطية تركيا قبل عام ٢٠٢٣ حيث تنتهي معاهدة لوزان المقيدة لها منذ ١٠٠ عام  ليصنعوا من  تركيا دولة فاشلة على غرار نظامي السيسي و الأسدي عبر تصنيع تحالف  مع اليونان  برضى غربي  فنسي الحكام العرب مخاطر ايران واتجهوا  لمحاصرة تركيا .لم تكن تركيا غافلة عن كل مايجري حولها ولكنها تشكو من عدم صدقية من ادعوا انهم حلفاء لها واخص منهم الروس والذين اعتبرهم مع  امريكا  في نفس الزاوية في حربهم المبطنة ضد تركيا  . اما قطر فقد تكون داعمة ماليا لتركيا وهذا عامل مساعد لها لتبقى قوية في تعاملها مع المؤامرة.  لقد كانت الاتفاقية البحرية والأمنية مع الحكومة الليبية هي الشرارة التي اخرجت المؤامرة ضد تركيا الى السطح ، بينما كانت الخطة محاصرة تركيا بحرياً في المتوسط وبرياً في سوريا . فتصبح قوة مكبلة بحرياً وبرياً ، دولة قوية ولكنها مكبلة داخل حدودها. امريكا مازالت  تغذي المرجل ضد تركيا بوقود المؤامرة  بزيادة الضغط عليها  فيما يتعلق بصفقة  اس ٤٠٠ الروسية المضادة للطائرات بينما كانت صامتة طيلة سنوات وسنوات خلال جولات المناقشات بين العسكريين الأتراك والروس  ومنحتها تركيا وقتاً كافيه لتعدل سياستها تجاهها وبالتالي كان بالإمكان إلغاء الصفقة قبل ان تصل لمرحلة التنفيذ ، ولكن اثارة الموضع مجدداً هو مرحلة من مراحل المؤامرة على تركيا .يبدو ان الوضع بين تركيا والغرب وأمريكا على وجه الخصوص دخل عنق الزجاجة بعد تلميح تركيا باغلاق قاعدتين أمريكيتين في تركيا  وان كانت هذه التهديدات مازالت في مرحلة التصريحات المبكرة .تهديد في محله وهو رد مناسب ويعتبر الخيط الرفيع الذي يربط تركيا مع الغرب عموماً وأمريكا خصوصاً  ، ولكن هل استعدت امريكا له ؟سؤال في محله !فهل يكون جوابه  هو بناء قاعدة أمريكية متكاملة  في شمال شرق سوريا ،بديلاً عن قاعدة أنجرليك وخاصة ان امريكا تسرح وتمرح هناك فالماء بجانبها والبترول تحت اقدامها والزراعة في متناول أيديها ومعتوه سوريا لايعدو عن كونه كما يقال " شرابة خرج"ولكن ماذا إذا تزايدت الضغوط على تركيا فما هي الاستراتيجية التركية العسكربة  والسياسية للرد ؟المؤامرة مازالت في مرحلة جس النبض واعتقد ان عام ٢٠٢٠ سيكون عاماً حاسماً على مستوى سوريا وعلى مستوى العلاقات التركية الغربية .

 ويبقى الانتظار سيد الموقف .

وسوم: العدد 855