لماذا يختلف القرباء، واحد .. واحد .. واحد نظام الملالي والكيان الصهيوني واحد

زهير سالم*

يقولون الشيطان يكمن في التفاصيل . وتعودت حين أنظر إلى صورة من صور الاختلاف بين قوم المنتظر منهم أن يكونوا متفقين ، أن أصوب في البحث عن جذور الخلاف . وقد فجر مقتل سليماني عاصفة خلافية كبيرة في المشهدين العربي والإسلامي ، وفي ساحة الخصوصية الدعوية الإخوانية ..

ليست حركات المقاومة الفلسطينية وحدها هي التي عزت بالسفاح مغتصب الأعراض وقاتل الأطفال قاسم سليماني ، بل هناك أرخبيل من المعزين ولكل باعثه ودافعه ..

ربما اشتد النكير على حركات المقاومة لأن العتب كما يقولون يكون على قدر المحبة . وللاعتراف أيضا لأن وراء هذا النكير أطراف مريبة تدعمه وتغذيه وتستثمر فيه وهذا ما يجب أن يخاف ويحذر العقلاء المرجوون من أصحاب البقية

كيف نستطيع أن نتجاوز حالة الرفض المطلق التي يعيشها المظلوم وهو يجد ظالمه تحق عليه كلمة العذاب ثم يجد من يعتبره أخاه يذرف الدمع على قاتله ويحزن لأن الله قد خفف عن أخيه !! صعبة جدا على العقول والقلوب والضمائر . وكأن الحزن على السفاح المقتول تعبير عن رغبة خفية في استمرار عمليات القتل والانتهاك وسفك الدماء . وهذا افتراض عقلي لا نظنه يكون .

بالنسبة للشعوب المستضعفة التي ذاقت قسوة السوط الأمريكي باليد الإيرانية ثمة حقيقة واقعة قاطعة لا تقبل النقاش ألا وهي أن : إيران وإسرائيل في العداوة للعرب والمسلمين كيان واحد . و المشروعان الصفوي والصهيوني مشروع واحد . وربما يقول غيري وليس أنا بل إن الصهيوني أقل شراسة في مسلخ الذبح ويستشهد على ذلك فتسعفه مئات الشواهد والوقائع والحكايات ..

ومن هذا المنطلق ، وليسمح لي الإخوة المسوغون والمرقعون والمتفاقهون ، فإن كل كلمة تقال في ترقيع العلاقة مع إيران تنقلب حسب المنعكس الشرطي التلقائي في ذهن المكتوين بالهولكست " الصفوي " لتقايس على العلاقة مع بني صهيون !! واقع مختلط مضطرب صنعه ملالي طهران بقصد وإرادة وقدرة ، وربما هذا ما كانت تريده قوى الاستكبار وهي توظف الملالي فيه . وهي تطلق قطعان كل الميليشيا الطائفية المنفلتة من كل خلق على أديم الشعبين العراقي والسوري وقد أعانهم الطشوم من ملالي طهران على خلق الانطباع الذي يريدون ، وبالتالي فقد جاء الدور على الصهيوني ليستثمر ، بتسويق وترويج صفقة القرن ، وما أدرانا ما صفقة القرن !!

لقد نجح ملالي طهران خلال بضعة عقود أن يقنعوا سواد الأمة العام أنهم الأخطر وأنهم الأكذب وأنهم الأشد عداوة وحقدا ولؤما وجرأة على الدماء والأعراض وعلى الرجال والنساء والولدان وأنهم المقصودون في هذا العصر بقوله تعالى لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ..

أقول مع كل التفهم ..للوقائع الجزئية المنفصلة إن الأمر في سياقاته الاستراتيجية العامة أكبر وأخطر من عملية تعزية بروتوكولية أو قلبية نسوغها أو نفندها !! فاللعبة أكبر من موقف. وأكبر من تعزية . والموقف قد يقود إلى حالة شقاق عام تتعزز وتتكرس وتنتشر ، ومعظم النار من مستصغر الشرر . وانظروا من يدفع للزمار. فتنة تكون ارتداداتها على الضمير الجمعي للأمة في شرخ يتسع ويتعمق وترعاه دول وتنفق عليه أموال .

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 858