أمّ قَشعَم : أين ألقتْ رحلها ؟ ومَن يُطعمها لحمَ شعبه ؟

عبد الله عيسى السلامة

قال الشاعر، زهير بن أبي سلمى ، في معلقته المشهورة ، متحدّثاً ، عن قائد حرب :

فشَدَّ ، ولمْ يُفزع بيوتاً كثيرةً    لَدى حيثُ ألقتْ رَحلَها امُّ قَشعَمِ !

أمّ قَشعم : هي أنثى النسر، التي تستقرّ، حيث تَكثرالجُثث ، التي تخلّفها الحروب ! ويُطلق الاسم، على أشياء متعدّدة ، مثل : المَنيّة ، والداهية .. وغيرهما !

نماذج أم قشعم ، كثيرة ، جدّاً ، في الحروب ، القديمة والحديثة ! ولو أردنا ضرب الأمثلة ، لضاق بنا المجال ؛ بَيدَ أن الحديث ، هنا ، هو:عن أمّ قشعَم ، معيّنة محدّدة ، وهي التي يُطعم فيها، الحاكم ، أو الزعيم ، أو رئيس القبيلة .. لحمَ شعبه ، بأبدي أنصاره ومؤيّديه ، أو بأيدي أناس غرباء ، يجتلبهم من خارج بلاده ، لتثبيت حكمه ، المرفوض من قبل شعبه .. أو لإخراجه ، من مأزق ، يعاني منه ، في بلاده ؛ بسبب غضب شعبه عليه ! وقد كَثرت أمّات قشعَم ، اللواتي يُطعمهن المتنفّذون ، في بعض الدول ، لحوم شعوبهم ، في موجات الربيع العربي ! مع ملاحظة، أنّ أمّ قشعم ، هي رمز، تأخذ اسمَها ، من طريقة الموت ، التي يفرضها الحاكم ، على شعبه ! فقد تكون أمّ قشعَم، هي أنثى النسر، وقد تكون المنيّة ، ذاتَها:غرقاً في البحار، أو تعذيباً في السجون، أو قتلاً ، في المدن والقرى والبوادي !

نماذج حديثة ، من أمّ قشعم !

أمّ قشعم السورية : صارت مثلاً يُحتذى ، ويردّد على ألسنة الحكّام والشعوب ، وفي وسائل الإعلام ؛  لكثرة ماقتل الحكّام ، من أبناء الشعب السوري ، بأيديهم ، ثمّ بأيدي الغرباء ، الذين جلبوهم ، لمؤازرتهم في قتل شعبهم ، من : رافضة ،  ومرتزقة تجلبهم الرافضة ، من أنحاء الأرض ، ومن روس ، وغيرهم !  وقد تعدّدت وتنوّعت أشكال القتل ، بين القتل بالطائرات والصواريخ ، وبين القتل بالتعذيب ، داخل السجون ، وبين القتل ، غرقاً ، في البحار،عبر الهجرات المستمرّة ، خوفاً من القتل بالأساليب المتنوّعة ، داخل الدولة !

أمّ قشعم العراقية : لقد بدأت أمّ قشعم العراقية ، بأكل لحم الشعب العراقي ، منذ سقوط النظام العراقي ، على أيدي القوات الأمريكية ، بدعوة ومؤازرة ، من رافضة العراق ، أنفسهم ، وبدعم وتأييد ومشاركة ، من رافضة إيران ! وما يزال حكاّم العراق ، يُطعمون أمّ قشعم ، لحم شعبهم، المطالِب بتطهير بلاده ، من الفساد والفاسدين ، وبتحريرها من القوى الأجنبية ، التي تحتلها ، والتي تحمل جنسيات عراقية ، وتدّعي الانتماء إلى العراق، الوطن والدولة ، كما تدّعي الانتماء، إلى أمّة العرب ، أو أمّة الإسلام !

امّ قشعم اليمنية : أمّا أمّ قشعم اليمنية ، فما عادت تدري ، مَن يُطعمها لحم شعبه ، بعد أن أكلت منه طويلاً ، في عهد الرئيس السابق ! فهي تأكل بأيدي الرافضة ، المحسوبين على الشعب، التابعين لرافضة إيران ، وبأيدي حكّام الدول المجاورة ، الذين زعموا ، أنهم ثارت نخوتهم ، لنجدة اليمنيين ، ضدّ الحوثيين ، أذناب رافضة إيران !

أمّ قشعم الليبية : بعد أن أكلت ، من لحم الليبيين ، طوال أربعين سنة ، على أيدي القذافي .. جاء، من المحسوبين عليهم ، مَن يطعمها من لحمهم ، من أجل أن يكون زعيماً عليهم ! وآزره بعض المحسوبين على الأمّة ، من جيران الدولة ، ومن الدول البعيدة ، ممّن راهنوا ، على الحصان ، الذي رُشّح، ليكون زعيماً: لغايات متعدّدة ، وأسباب مختلفة ، منها الاقتصادي، ومنها السياسي، ومنها العَقَدي ..!

أمّ قشعم المصرية : أمّا هذه ، فقد تفنّنت أمزجةُ المسؤولين ، في إطعامها لحم المصريين ،  في سجون المدن ، و في البوادي والأرياف ، بحجج شتّى ، وذرائع مختلفة ، أهمّها : الوهم ، بأنّ مَن تُطعَم أمّ قشعم لحومَهم ، هم مناهضون لنظام الحكم ، أو ثائرون عليه ، أو يُظّنّ ، أنهم سيثورون عليه ، يوماً ما !

وسوم: العدد 861