بثينة شعبان و«حارس القدس» + وحشيتان

غالباً ما نستبعد مقارنة الظلم، الذي يحلّ بنا كعرب من قبل أنظمتنا بما فعلته إسرائيل، فرغم أن مبرر المقارنة قناعتنا بأن إسرائيل هي الأفظع، توحشاً وظلماً ودموية، وأن المرء غالباً ما يستحضر النسخة الأصلية من كل شيء ليقيس بها، إلا أننا كنا نخجل من النتيجة، فقد يحسب البعض أن في ذلك تحسيناً لصورة إسرائيل أمام الرعب الذي تتركه الأنظمة، خصوصاً في حالة النظام السوري.

ورغم أن الكثيرين نجحوا في تجاوز إعلان تلك المقارنة على الملأ، وهي الحاضرة على لسان كل عربي صباح مساء (فمن منا لم يقل مرة عند مواجهة ظلم فادح: «إسرائيل ما عملتها»..) إلا أن بثينة شعبان، مستشارة رأس النظام السوري، أصرت هي أن تحضر دبّ المقارنة إلى كرم النظام الممانع، حين كتبت في مقال مدائحي لمسلسل «حارس القدس»، الذي أنتجه نظامها أخيراً «وأنا أشاهد «حارس القدس» يتعرّض لأنواع التعذيب والإذلال في غياهب سجون الاحتلال أستذكر أسرى سجن الخيام وعذاباتهم على يد جلاديهم، وأستذكر عذابات الأسرى العراقيين في سجون الاحتلال الأمريكي في «أبو غريب» وغيره، وأستذكر الأسرى العرب الذين ما زالوا يقبعون اليوم في سجون الاحتلال، دون أن يكون هناك عمل إقليمي ودولي يفضح أساليب الاحتلال ويرغمه على إطلاق سراح هؤلاء الشرفاء». تذكرتْ شعبان سجني «الخيام»، و»أبو غريب»، ولم يخطر لها السجون تحت شوارع وساحات دمشق، حيث يقبع في هذه الأثناء آلاف المظلومين، وحيث قضى الآلاف شهداء تحت التعذيب، كما سلخ الآلاف من قبل أعمارهم هناك. شعبان، مثل نظامها، لا تخجل، هي تعرف ماذا يجري تحت قدميها، والسوريون جميعاً يعرفون ما يجري، لكن من يتوقع أن يخجل من ارتكب كل تلك الفظائع!

وحشيتان

«الشرطة الأمريكية تدهس المتظاهرين وتعتدي عليهم». «العفو الدولية تدعو السلطات الأمريكية لإيقاف العنف ضد المتظاهرين». «المتظاهرون يضرمون النار في سيارات الشرطة الأمريكية في فيلادلفيا احتجاجاً على عنصريتها». «الشرطة تعتقل مراسل الـ سي أن أن».. هذه بعض عناوين إعلام النظام السوري في تغطيته المثابرة للاحتجاجات، التي عمّت مدناً أمريكية بعد مقتل مواطن أمريكي أسود على يد رجل شرطة.

مخطئ من يظن أن إعلام النظام يرمي إلى فضح الوحشية الأمريكية تجاه الأمريكيين، إنه فقط يحاول تبرير وحشيته ودمويته هو، تلك التي مارسها تجاه السوريين لعقود طويلة، والتي يجهد لإدامتها إلى الأبد.

وسوم: العدد 879