وزير لبناني يعترف بالقتل على هواء «المنار»… ودريد لحام بين الحلم الأمريكي والكابوس السوري

حكاية مأساوية ترويها المعتقلة السورية السابقة فدوى محمود لبرنامج «الحكي سوري» على تلفزيون «الحرة»، ولعلها تدرجها في سياق مقدرة حافظ الأسد على شقّ العائلة الواحدة.

تعود محمود إلى بدايات مجابهة الأسد «لمّا طلعنا معارضة ضد الأسد، كنا أنا وأخي عدنان ضده، لكنه فيما بعد تطوّع في الجيش، قبل أن تتطور الأمور ليصبح رئيس قسم التحقيق في فرع الأمن السياسي. إلى جانب أخ خرج من سوريا تفادياً للاعتقال. عندما أراد عدنان تسلّم رئاسة الفرع ذهبنا إليه أنا وأخي عادل (في محاولة لردّه)، قلنا له قد تضطر لاعتقالنا. لكنه أصرّ وقال إنه سيساعدنا ويكون غطاء لنا. لكن للأسف ما حدث تالياً أنه هو من اعتقلني على خلفية نشاطي في «حزب العمل الشيوعي». كانت لحظات قاسية. صحيح أنني لم أتعذّب جسدياً كثيراً في المعتقل، لكن كانت الصفعة التي تلقيتها منه أصعب من كل شي يمكن أن يمرّ على الإنسان. كان عندي ولدان صغيران، ولم يشفع لي ذلك».

حكاية أخرى من حكايا سوريا – الأسد، تكاد، على فظاعتها، تكون مرحلة تمهيدية للتوحش والإجرام الذي يملأ شاشات العالم منذ تسع سنوات.تتابع السيدة المكلومة، والتي تنتظر الآن زوجاً معتقلاً منذ سنوات (عبدالعزيز الخير)، إلى جانب ولدها ماهر: «في يوم خروجي من المعتقل توفيت والدتي. كانت في الكوما، عند دخولي إليها فقط فتحت عينيها، أمسكت بيدي وبيد عدنان وقالت: برضاي عليك تسامحي أخوك».

لا يبدو أن محمود (المعتقلة لسنة وثمانية شهور بين عامي 92- 93) قد حسمت أمرها بخصوص المسامحة، خصوصاً أن الجرح ما يزال مفتوحاً، والقصة لمّا تكتمل.

لكن في الإمكان العثور على بقية هذه الحكاية في برنامج «يا حرية»، الذي عرض على «تلفزيون سوريا»، عندما قالت: «عندما سألني ولدي ماهر (بعد العودة من الاعتقال)، لماذا تركتِنا وأنت تعرفين حاجتنا لك، أجبته أن ذلك كان من أجلكم، من أجل ألا تتعرضوا للأسوأ. لكن مع الأسف لم نستطع أن ننقذ هذا الجيل، فأنتم تتعرضون اليوم لأسوأ مما تعرضنا له».

الرجل البخاخ

ارتبكت مواقع التواصل الاجتماعي أخيراً بصور لمعتقلين قضوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري، خصوصاً مع تداول صورة للمعتقل عدنان الزراعي، الممثل وكاتب السيناريو، قيل إنها صورته بين صور قيصر. احتدم الجدل بين متأكدين من أنها صورته، وآخرين مشككين، ما استدعى بيانات قيل إنها من أهل الزراعي تنفي أن الصورة له. لكن في كل الأحوال استعيدت حكاية هذا الشاب الشجاع، كما استعيدت لوحته المشهورة والمحبوبة من السلسلة الكوميدية «بقعة ضوء»، تحت عنوان «الرجل البخاخ».

وفيها كان البطل، الرجل البخاخ، يكتب شعارات دوّخت السلطات. واعتُبرت اللوحة في حينها من الأعمال الجريئة.لكن اللوحة الكوميدية اكتسبت أهمية أكبر بعد اندلاع الثورة في البلاد، أولاً لأن الرجل البخاخ بات ظاهرة سورية مع انتعاش الغرافيتي، رعب النظام الأول، ورحنا نسمع عن رجل بخاخ في كل سجن يعود منه معتقل، إذ يقول كل خارج لقد رأيت الرجل البخاخ في سجن كذا، فيما يقول آخر رأيته في سجن آخر. وثانياً بعد اعتقال الزراعي، صاحب اللوحة، فبات كأنه هو مخترع الرجل البخاخ، خاصة الثورة السورية.

الكابوس السوري

سئل الممثل السوري دريد لحام، في مقابلة متلفزة أخيراً، عن قانون قيصر، فقال «أستغرب من يبحث عن الحلم الأمريكي، الحلم الأمريكي شوفوه بعيون جورج فلويد، اللي قال ما عم اقدر اتنفس. دولة مع شعبها مو رحيمة».

وأضاف، مستشرفاً مصير الرئيس الأمريكي: «أتوقع للقيصر ترامب، اللي عمل قانون قيصر، أن يقول لأحد مساعديه: حتى أنت يا بروتوس!».

إذا كان هذا هو رأي دريد في الحلم الأمريكي، فما عساه يكون في الكابوس السوري؟!

الوزير القاتل

لا ندري إن كان يحرز الأمر؛ أن يستعين وزير الداخلية اللبناني محمد فهمي بحكاية قتل كي يثبت العلاقة الوجدانية مع الرئيس ميشيل عون. وأي قتل! لقد اعترف الوزير على هواء تلفزيون «المنار» بأنه قتل اثنين العام 1981: «قتلت اتنين، من حزب قوي كتير». حينها استدعاه الجنرال عون إلى مكتبه، قائلاً له: « ليك يا محمد، طول ما فيي نفس ما حدا بيدقك بشوكة».

محمد، الملازم أول حينذاك، بدا في غاية سعادته، أمس اليوم وغداً، لأن ضابطاً كبيراً ناداه باسمه، وكان ذلك وجدانياً بما يكفي!

يستحيل أن تجد رجل دولة في العالم يقدم اعترافاً كهذا على شاشة التلفزيون، حتى لو كان مكلفاً بقرار قضائي بتنفيذ حكم الإعدام. كذلك يستحيل أن تجد إعلامياً في العالم (إعلاميّ بحق) يمكن أن يمرّ على اعتراف بهذا المستوى في برنامجه، من دون مساءلة واستهجان، كما فعل محاور الوزير، عماد مرمل.

دافع البعض عن الوزير، مفسرين الأمر على أن الرجل كان ضابطاً في الجيش ولم يقتل سوى اثنين من الزعران! لكن ألا تجدون في هذه الحكاية المستعادة من وزير داخلية، من رجل دولة، عليه أن يكون على مسافة واحدة من الجميع، نوعاً من إحياء لأجواء الحرب القديمة ذاتها، استعادة للانحياز وسهولة القتل.

لا يمكن أن يكون من الإنسانية في شيء من بإمكانه الاعتراف بالقتل، بهذه العلنية، وبهذه السهولة، من دون أي أثر على وجهه لامتعاض، من منظر الدم، صوت الرصاص، رائحة البارود، من بكاء ابن محتمل للقتيل، حتى لو كان الأخير مجرم حرب.

لكن ماذا فعل لبنان بهذا الاعتراف الخطير؟!

لا شيء، حذفت «المنار» مقطع الاعتراف من المقابلة، الذي يبدو أنه قد تسبب في شيء من الحرج لجنرال يفترض فه أن يكون رئيساً لجميع اللبنانيين، 

وسوم: العدد 883