في اليوم العالمي لضحايا التعذيب .. السوريون ... معذبون داخل السجون وخارجها

زهير سالم*

صادف أول أمس الجمعة 26 / 6 / اليوم العالمي لمناهضة التعذيب . وهو اليوم الذي أقرته الأمم المتحدة منذ 1998 ، يوما عالميا لمناهضة التعذيب وللتعاطف مع ضحاياه.

ستبقى عناوين هذه الأيام المعبرة التي تقرها الأمم المتحدة ذات طبيعة رمزية ، مثيرة للإشفاق حينا ، وللسخرية أحيانا ؛ ما دام المجرمون الذين يعتدون على حرمة القيم التي تمثلها هذه الأيام ، يجدون أماكنهم على منابر هذه المؤسسات الدولية فاعلين وخطباء مدعين.

لا يدرك القائمون على المنظمة الدولية حجم الضرر الذي يلحقه بالمنظمة وبفكرة القانون الدولي ، ظهور صورة مجرم ممثل لنظام الجريمة على منابر هذه المنظمة . ومهما قالوا عن المقتضيات الشكلية ؛ تبقى الحقائق الإنسانية غير قابلة للتجزيئ والتشييء .

وبالتالي لتكون المنظمة الدولية في مخيال ملايين المبتلين بمثل هؤلاء المجرمين ، شريكة لكل الأنظمة الموقعة على المواثيق الحقوقية ، وهي التي تتلبس بأفظع الانتهاكات ..

في اليوم العالمي لضحايا التعذيب ..

سورية الأسد وشعار التعذيب للتعذيب

يعلم العالم أجمع أن سورية الوطن الجميل تحولت على مدى نصف قرن إلى " مؤسسة للتعذيب " وأنه في سورية " الأسد " وحدها ظل يرفع شعار " التعذيب للتعذيب" . بمعنى أن التعذيب كان يصاحب المبتلى " السجين " طوال فترة سجنه دون انقطاع . فلم يكن التعذيب فقط للتحقيق " أو لانتزاع المعلومات " كما جرت العادة حتى في سجون النازيين . وإنما كان التعذيب للانتقام ، وإشباع الحقد وإرواء الغليل .. يكفي أن نراجع السرديات الأدبية التي كتبت في هذا السياق تحت شتى العناوين !!

سورية الأسد : مؤسسة للتعذيب بالوكالة ..

سورية الدولة والحكومة كانت أيضا مؤسسة للتعذيب بالوكالة ، أو التعذيب بالأجرة ، أو بالقطعة ، فقد كان يعجب هؤلاء أن يعتمدوا لدى السادة الموكِلين كخبراء ناجحين في انتزاع المعلومات . أكثر من واقعة المواطن الكندي " ماهر عرار " تشهد أن أقبية التعذيب السورية ، هي مؤسسات عاملة ناصبة باسم بعض وكالات الاستخبارات العالمية ، تقدم خدماتها وتقبض على القطعة أحيانا مكنة وأخرى تمكينا . والكلام في مثل هذا يطول ..

سورية الأسد : مؤسسة بإشراف النازيين وبعلم الصهاينة والأمريكيين

ويعلم كل هؤلاء أيضا أن بعض الخبراء النازيين ، كانوا هم أساتذة فنون التعذيب في سورية . حتى كوهين فيما كتب عنه ، حين وضع يده على أحد هؤلاء وقابله وجلس إليه ، وظن أنه قد ظفر ، وكتب تقريرا ظفرويا لحكومته وكأنه المنتصر ، جاءه الأمر الحاسم أن يدير ظهره لمثل هذا ، فهذا ليس من اختصاصه ؛ بل ويقال إن هذا كان سبب فضحه وتسليمه للبعثيين ، بطريقة لا يمكن تداريها . كان بقايا النازيين هؤلاء يقدمون الخدمات للصهيونية بالتدريب على طرائق إبادة السوريين . وجود النازيين في دمشق لم يكن مقلقا للموساد ، ولا للسي آي إيه ، فالأمور كلها كانت تجري بتدبير وتقدير ..

رابعا : التعذيب في سورية الأسد معمم على الجميع ..

السذج فقط هم الذين يظنون أن التعذيب كان وقفا على الذين يقبعون داخل الزنازين ، من معارضين أو مخالفين . ظل السوريون جميعا يغنون بصمت " حياتي عذاب"

وهذا العذاب المعوم والمعمم على كل السوريين ، كان القصد منه إشغال السوريين عن قضاياهم الكبرى في التحرر والتحرير والتنمية ، ومن هنا فقد صرنا إلى هذا الذي نحن فيه اليوم ..

خامسا القتل بالتجويع والتعطيش أحدث وسائل التعذيب

لن يسهل على عاد أو واصف أن يعدد أو يصف جل أساليب وأدوات التعذيب في هذا الوطن المنكوب ، بحكم أعدائه الموصوفين ؛ ولكن ربما من أغرب ما كشفته وثائق قيصر أن يبخل مجرم على ضحية بما يسمى ، رصاصة الرحمة . بل أن يصر المجرم بعد أن يمعن في إنهاك جسد الضحية بألوان التعذيب ،أن يعمد إلى تركها تلقى مصيرها المحتوم بعد رحلة لا إنسانية تحت سياط التجويع والتعطيش ..!!

الجديد في المشهد الأسدي اليوم أن هذه الطريقة اللا إنسانية على قسوتها ، قد كسرت حاجز الزنازين والسجون ..فالأطفال الذين لم تقتلهم في سورية الصواريخ والبراميل ونداء الكراهية بالثأر لحسين الروافض المزعوم ..سيقتلهم اليوم في بيوت الوبر والمدر : العطش ..والجوع ...!!

ويرجع القول إلى المنظمة الدولية والقائمين عليها : بقليل من المصداقية ربما تفلحوا ..نقولها لكل رعاة التعذيب في سورية وحول العالم .

في اليوم العالمي لمناهضة التعذيب نهدي الإنسانية الظمأى للمسة رحمة وحنان قول رسول الرحمة :

" دخلت امرأة النار في هرة حبستها ، لا هي أطعمتها ، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ، حتى ماتت ."

وقوله صلى الله وسلم عليه " بينما كلب يطوف بركية قد كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فاستقت له به فسقته ...فغفر الله لها ...

هل يعلم ترامب وبوتين وأضرابهم والأمين العام للأمم المتحدة ...ماذا يجري على المعتقلين في سورية .. اليوم اليوم .. والساعة الساعة .. واللحظة اللحظة !!

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 883