أدوار حزب اللات في سورية والعراق واليمن

محمد فاروق الإمام

لبنان ملعب ميليشيات الموت التي يعدها حزب اللات ليزج بها فيما بعد إلى حدائق خلفية كسورية والعراق واليمن

بعد أن أصبحت لبنان رهينة بيد نصر اللات وحزبه بدعم من النظام السوري وأصحاب العمائم السوداء في قم، وحولها إلى ملعب يجري عليه تدريباته غير البريئة لإعداد فرق الموت والاغتيالات، التي دشنها باغتيال رفيق الحريري والنخبة الوطنية اللبنانية، راح بتحريض من طهران خامنئي يفتش عن حدائق خلفية يمارس فيها ألعابه الدموية على يد فرق مدربة تعشق سفك الدماء والولوغ في مستنقعاته الآسنة.

فقد سجّل دخول حزب اللات المتدرّج الأراضي السورية ومشاركته في معارك دفاعه عن النظام السادي في دمشق مرحلة جديدة من تاريخه أكّدت، من جهة، موقعه الراسخ كقوّة إقليمية ضاربة لصالح إيران، ولكنّها، من جهة أخرى، أصابت ادعاءاته حول مقاومة إسرائيل والشيطان الأكبر الأمريكي في مقتل وأظهرت وجهاً طائفيّاً صريحاً؛ كما كشفت انتهاكات بالغة بحق المدنيين السوريين وخططاً للتغيير الديمغرافي عبر القتل والتهجير الممنهجين.

البراغماتية السياسية الكاذبة لقيادة حزب اللات

وأظهرت تداخلات حزب اللات الإقليمية، والتي تجاوزت سورية إلى العراق واليمن والبحرين، تناقضات واسعة لا يمكن لـ"البراغماتية" السياسية لقيادته رتق خروقها، كما أنها أشّرت إلى مناطق شديدة الغموض والألغاز يتداخل فيها الأمنيّ والعسكريّ مع قضايا الاغتيالات والفساد الماليّ والإرهاب وتأمين التغطية لتجار مخدّرات كبار وإدارة معتقلات مرعبة داخل سورية، بحيث يحضر ملفّ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري والعديد من الوطنيين اللبنانيين، مع ملفّات أكثر غموضاً لمقتل مسؤولين محسوبين على النظام السوري وحزب اللات نفسه.

دراسة أمريكية ترصد أدوار حزب اللات في سورية والعراق واليمن

كشفت دراسة أمريكية عن أدوار حزب اللات اللبناني الإجرامية في كل من سورية والعراق واليمن، حيث رأت هذه الدراسة أن حزب اللات بات "لاعبا إقليميا يشارك في صراعات تتجاوز منطقة عملياته التاريخية".

وأشارت الدراسة إلى أن "الحرب في سورية غيرت حزب الله بشكل كبير. ففي السابق، كان يقتصر التنظيم على التنافس على السلطة السياسية في لبنان ومقاومة إسرائيل، ولكنه أصبح الآن لاعباً إقليميا يشارك في صراعات تتجاوز حدود منطقة عملياته التاريخية، وغالباً ما يحدث ذلك بالتعاون مع إيران".

ولفتت الدراسة إلى أنه "مما يؤكد هذا التحول الاستراتيجي أنّ حزب اللات نقل مقاتليه الرئيسيين الذين كانوا متمركزين سابقاً قرب الحدود الإسرائيلية -اللبنانية إلى مركز قيادة أنشئ حديثاً في سورية ومواقع أمامية أبعد من ذلك في الخارج، أي في العراق واليمن".

الدراسة الأمريكية تكشف حقيقة موقف أمين عام حزب اللات حسن نصر اللات

وتعرضت الدراسة إلى موقف الأمين العام للحزب حسن نصر اللات من القتال غير المتكافئ في سورية بين المعارضة والنظام السادي المدعوم من إيران وروسيا؛ إذ لفتت إلى أن "نصر الله في البداية، عارض إرسال مقاتلين إلى سورية لدعم بشار الأسد-كما تقول الدراسة- على الرغم من الطلبات المتكررة من القادة الإيرانيين، وخاصة من قائد فيلق القدس قاسم سليماني، ولكن كما ذكرت بعض التقارير، أذعن الحزب لذلك بعد تلقيه أوامر من المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، تطلب من حزب الله أن يدعم حكم الأسد؛ ونتيجة لذلك، فقد تحوّلت عمليات الحزب نحو سورية وخارجها إلى حدوث تغيير في استراتيجية حزب الله من منظمة لبنانية تركز على السياسة الداخلية إلى قوة طائفية إقليمية تعمل بتحريض من إيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط".

حزب اللات يزج بقتلته ومجرميه للقتال في سورية إلى جانب مجرم الحرب بشار الأسد

واستعرضت الدراسة الأثر العالمي لحزب اللات "في لبنان"، والمؤشرات الهيكلية التي تعدّ أقوى الدلائل على حدوث تحوّل في حزب اللات، "فمنذ عام 2013، أضاف التنظيم قيادتين جديدتين إلى قواعده الموجودة في جنوب وشرق لبنان، الأولى على الحدود اللبنانية السورية، والثانية داخل سورية ذاتها. وتشير عملية إعادة التنظيم المذهلة إلى التزام جدي من قبل الحزب بالمشاركة في الصراعات الأهلية التي تتجاوز الحدود اللبنانية".

وواصلت الدراسة ذكر دلائلها قائلة: "ومن خلال تثبيت وجوده الجديد في سورية، نقل حزب الله عناصر رئيسية من القيادة التقليدية العليا في الجنوب على طول الحدود اللبنانية مع إسرائيل. وكان رئيس العمليات الإرهابية الأجنبية في حزب الله مصطفى بدر الدين قد بدأ بتنسيق الأنشطة العسكرية للحزب في سورية عام 2012، ويرأس حاليا القيادة السورية للتنظيم. وبدر الدين هو أحد القادة المخضرمين داخل حزب الله، وكان متورطاً في عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في عام 2005، والتفجيرات الإرهابية في الكويت، من بين هجمات أخرى".

ورأت الدراسة أن "تعيين بدر الدين هو أقوى إشارة قد يعطيها حزب الله عن التزامه تجاه الحرب الأهلية في سورية. وتشمل تعيينات العناصر الأخرى، القائد في حزب الله منذ فترة طويلة، أبو علي الطبطبائي، الذي نُقل من أحد المواقع في جنوب لبنان إلى قيادة حزب الله في سورية، حيث شغل منصب أحد كبار الضباط تحت قيادة بدر الدين، وأشرف على العديد من الجنود المدربين تدريباً عالياً الذين كانوا سابقا تحت قيادته في لبنان".

وتابعت الدراسة: "يمتد تركيز حزب الله على الصراع السوري ليشمل الصفوف العليا في التنظيم أيضا: فقد وجّه نصر الله أنشطة الحزب في سورية على الأقل منذ أيلول/ سبتمبر 2011، عندما ذكرت بعض التقارير أنه بدأ يجتمع بالأسد في دمشق لتنسيق مساهمات حزب الله في الحرب الأهلية في البلاد".

حزب اللات يمتد بأنشطته الإجرامية إلى العراق بدعوى حماية المقامات الشيعية

وفي السياق-ولكن بمنطقة أخرى- ينشط فيها حزب الله، قالت الدراسة إنه "حتى بينما يعمّق حزب الله أنشطته في سورية، يواصل التنظيم مساعدة المليشيات الشيعية في العراق، ويرسل أعدادا صغيرة من المدربين المهرة إلى العراق والشام، والدفاع عن المقدسات الشيعية هناك".

الدراسة الأمريكية تفضح حزب اللات وانشطته التجارية الفاسدة

وذكرت الدراسة أنه "وفقا لوزارة الخزانة الأمريكية، استثمر حزب الله أيضاً في منظمات واجهة تجارية لدعم عملياته في العراق. وكان عضو حزب الله أدهم طباجة، وهو صاحب أغلبية الأسهم في شركة العقارات والإنشاءات "مجموعة الإنماء للأعمال والسياحة" ومقرها لبنان، قام باستغلال الشركات العراقية التابعة لمجموعته لتمويل حزب الله، وذلك بمساعدة رجل الأعمال اللبناني المرتبط بحزب الله، قاسم حجيج، والعضو في وحدة الإرهاب الخارجي التابعة للحزب، حسين علي فاعور".

وطبقا للدراسة، "فكما هو الحال في العراق، لم يرسل حزب الله سوى عدد قليل من المدربين والمقاتلين من ذوي المهارات العالية إلى اليمن. ولكن كما هو الحال في سورية، تشير المكانة البارزة للعناصر، التي أرسلها إلى هناك، إلى الأهمية التي يوليها الحزب للحرب الأهلية الدائرة في اليمن".

رؤوس إجرامية كبيرة من حزب اللات إلى جانب الحوثيين في اليمن

كما "يشرف قائد العمليات الخاصة السابق والمستشار المقرب من نصر الله، خليل حرب، على أنشطة الحزب في اليمن ويدير عملية نقل الأموال إلى التنظيم داخل البلاد -وكثيراً ما يسافر إلى طهران لتنسيق أنشطة حزب الله مع المسؤولين الإيرانيين. ونظرا لخبرته في العمل مع منظمات إرهابية أخرى، وعلاقاته الوثيقة مع القادة الإيرانيين وحزب الله، وخبرته في العمليات الخاصة والتدريب، لا شكّ في أنّ تعيين "حرب" للعمل في اليمن منطقيّ جدا بالنسبة إلى حزب الله".

وبينت الدراسة أنه "مع ذلك، فإن "حرب" ليس أبرز الناشطين من حيث المكانة، الذين تمّ إيفادهم إلى اليمن من قبل حزب الله. ففي ربيع عام 2015، أرسل الحزب القائد الأعلى للقوات المرابطة في سورية سابقا، أبو علي الطبطبائي، لرفع مستوى البرنامج التدريبي لجماعة الحوثيين المتمردين في اليمن، الذي ينطوي تدريبهم على تكتيكات حرب العصابات، كما ذكرت بعض التقارير".

تبجحات بعض قادة ميليشيات حزب اللات

وختمت الدراسة بالتذكير بما قاله أحد قادة حزب اللات لصحيفة "فاينانشال تايمز" في أيار/ مايو الماضي: "لا يُفترض تسميتنا حزب الله، فنحن اليوم لسنا حزباً، بل نرتدي طابعاً دولياً. نحن في سورية، وفي فلسطين، وفي العراق، وفي اليمن. ونتواجد حيثما يحتاج إلينا المظلومون، حزب الله هو المدرسة التي يطمح كل ساع للحرية إلى ارتيادها".

ومن أولى مؤشرات الحرية التي يتشدق بها هذا المجرم عندهم؛ قتلهم لأهل السنة والجماعة حيث وصلوا إليهم في سورية والعراق واليمن.

المصادر

*عربي 21-28/7/2015  

*شفق نيوز-2020/7/27

*القدس العربي-5/9/2017

وسوم: العدد887