من وراء انفجار بيروت؟

محمد فاروق الإمام

خبر صاعق صدر عن وكالة رويترز الأمريكية للأنباء

قبل الحديث عن اهتمامات الصحف العربية بتبعات الانفجار الهائل الذي ضرب مرفأ بيروت والذي أودى بحياة أكثر من مئة شخص وأصاب نحو أربعة آلاف آخرين، فضلا عن الأضرار المادية الجسيمة، ننقل الخبر العاجل الذي نقله مركز نورس للدراسات اليوم عن وكالة أنباء رويترز الأمريكية والذي جاء فيه: أن "الرئيس اللبناني ‎ميشال عون ورئيس الحكومة المستقيل ‎حسان دياب، تلقيا تحذيرا من خطر نترات ‎الأمونيوم في ‎مرفأ بيروت عن طريق مستندات سرية قبل الانفجار بأسبوعين".

وإذا ما صح هذا الخبر فإننا سنشهد تطورات خطيرة في لبنان على كل المستويات الحكومية والشعبية.

الصحف العربية التي أشارت صراحة إلى أن حزب اللات متورط في تفجير بيروت

لقد اتهم عدد من الصحف العربية حزبَ اللات بالمسؤولية عن الانفجار، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فهل يعجل الحادث بنهاية حزب اللات؟ نرجو من الله ذلك حتى لا يقع لبنان في دوامة العنف وتشهد ساحاته حرباً أهلية أو إقليمية تكون أعنف وأشد من حربه السابقة التي دامت نحو خمسة عشر عاماً (1975-1990).

تقول صحيفة عكاظ السعودية: إن "استخدام مادة نترات الأمونيوم مرتبط بحزب اللات بحسب وقائع سابقة مثبتة، فقد تم اعتقال أحد عناصر حزب اللات في قبرص عام 2012 وصودرت لديه 8.4 طنا من هذه المادة، وفي عام 2015 اعتقل ثلاثة عناصر من الحزب في الكويت وصودرت كمية كبيرة من هذه المادة".

وتتساءل عكاظ: "ولكن هل هناك احتمال أن يكون حزب اللات هو من فجّر عمدًا عنبر الأطنان من المادة المتفجرة التي خزّنها على مدى سنوات؟ الجواب: ولم لا. فالحزب لا يهمه أبدًا لبنان فقد تسبب في إحراقه ودماره مرات سابقة كلما وجد نفسه في مأزق، هو يعمد إلى خلط الأوراق وخلق أزمة جديدة لصرف النظر عن أزمة قائمة تحاصره".

وتحت عنوان: "هل يعجل بنهاية حزب اللات؟"، تقول جريدة الشرق الأوسط اللندنية: "إن انفجار الميناء هو عمل آخر من أعمال حزب اللات الذي يقع (الميناء) تحت سيطرته. فيه يخزن أسلحته ومتفجراته، وسط مناطق المدنيين عامدًا، وغير عابئ بسلامتهم. هذا عدا تغوله على السلطة الشرعية، وبنائه قوة عسكرية وأمنية تفوق قوة الدولة يستخدمها في الحروب الداخلية والخارجية".

وفي مقال آخر للجريدة نفسها يقول: "إن نترات الأمونيوم تم تخزينها في موقع تابع لحزب الله بين المدنيين الأبرياء. اكتشف اللبنانيون أن هذه المادة شديدة الخطورة لم تخزن بالقرب من الحدود الإسرائيلية لتحرير القدس، كما تشير الشعارات إياها، وإنما تم تأمينها لضرب استقرار لبنان واللبنانيين، واستغلالها في الإرهاب الإقليمي والدولي".

وتضيف الشرق الأوسط قائلة: إن "الحل في لبنان ليس عبر لجنة تحقيق ستحقق مع الكل إلا حزب اللات وأدواته والتابعين لحزب له.

ووصفت الجريدة علاج السرطان اللبناني اختصارا: "الداخل قبل الخارج. إذا لم يتخلص اللبنانيون من هذا السرطان الذي انتشر في كافة مفاصل بلادهم، فلن يستطيع أحد من الخارج مساعدتهم".

وقالت صحيفة السياسة الكويتية: "كلُّ أصابع الاتهام، كيفما وجَّهتها، تتجه نحو حزب اللات، فمنذ أن تسلَّط على الحكم، وأرسى ثقافة لا تمت بصلة إلى تاريخ لبنان وتعدديته وانفتاحه، بدأ يروّج لانتصارات كاذبة، وراح يشتري السياسيين ووسائل الإعلام بالقوة والمال الإيراني، ويغسل الأدمغة بشعارات الممانعة والمقاومة الخادعة".

وتضيف السياسة قائلة: "إن الكارثة التي تسبَّب بها حزب اللات تثير أسئلة عدة، فهو على بُعد يومين من حكم العدالة الدولية بقضية اغتيال الشهيد رفيق الحريري، ورفاقه، وهو الحكم الذي سينزع آخر أوراق التوت عن عورة الحزب الإرهابية ... لذلك لا يُستبعد أن يكون ما جرى في مرفأ بيروت الذي يسيطر عليه لعبة من ألاعيبه لحرف الأنظار عن الحكم المرتقب صدوره غدًا".

ويقول موقع "إرم نيوز" الإماراتي، إلى أن "القراءة التحليلية للخطاب تشير إلى أن لبنان أصبح "رهينة للصراع بين حزب الله وإسرائيل".

ويقول: "قرأ محللون في خطاب الأمين العام لمنظمة "حزب اللات" اللبنانية، حسن نصر اللات، "إن خروج لبنان من النفق المظلم، الذي جذب إليه خلال السنوات الأخيرة، أصبح أقرب إلى الخيال، على الأقل في الوقت الراهن، إذ سقط اللبنانيون بين شقي الرحى، وتحولوا بالكامل إلى رهينة للصراع بين الذراع الإيرانية في بلادهم وبين إسرائيل، وكل منهما يسعى إلى تحقيق نقاط، وإنجاز سياسي وعسكري واستراتيجي يخدم مصلحته الشخصية، على حساب الدولة والشعب اللبناني بالكامل".

وتشير جريدة "الوطن" البحرينية إلى أن "الإجابات تتضح شيئاً فشيئاً، بشأن التساؤلات عن أسباب الانفجار ومن يقع وراءه، لكن الثابت بأنه سواء كانت جهة رسمية جراء إهمال، أو حزب اللات الذي حول لبنان إلى أرض أسيرة لديه، يتحكم في غالبية الأمور فيها بالأخص إدخال السلاح وتخزينه، إلا أن الإجابة الأهم هي تلك المعنية بالسؤال، حول استمرار سطوة هذا الحزب الموالي لإيران؟".

ويتابع: "النظام الإيراني أعلن، في عدة مرات بفخر، أنه يسيطر على أربع عواصم عربية عبر ميليشياته وأذرعه، وكان يقصد لبنان وسورية والعراق واليمن، ويكفي أن ذراعه العسكري الرسمي المعلن حزب اللات معقله في لبنان، ما يجعلنا أمام حقيقة واقعة، مفادها أن أي وجود للنظام الإيراني أو ممثليه على أي أرض عربية لا يعني سوى الدمار، والأذى لهذه الأوطان وأهلها".

صحيفتا رأي اليوم اللندنية والجمهورية اللبنانية تشككان في مسؤولية حزب اللات عن الانفجار

وتحت عنوان "لماذا اتهموا حزب اللات منذ الدقيقة الأولى؟"، تقول صحيفة رأي اليوم اللندنية: "منذ اللحظة الأولى للانفجار انفردت" محطة تليفزيون "سعودية بالتأكيد على أنّ الانفجار ناجم عن مخزن سلاح لحزب اللات في مرفأ بيروت، في تحميلٍ مباشر للحزب وقيادته بالمسؤوليّة عنه، رغم أن كل التّقارير الرسميّة تؤكد أنّ الحادث كان عرَضيًّا ونتيجة للإهمال وسوء الإدارة، في تحريض مباشر ضدّ الحزب، وقطاع عريضٍ من الشّعب اللبناني، وتحويل أصابع الاتّهام عن إسرائيل وأمريكا".

وناقشت صحيفة الجمهورية اللبنانية، السيناريوهات المحتملة للتفجير، حيث تقول "السيناريو الثالث المتداول يشير إلى تورّط حزب اللات بنحو أو بآخر، وهو الأمر الذي يستبعده حتى خصوم الحزب بالقول إنه لا مصلحة لديه مُطلقاً في قتل المئات من المواطنين اللبنانيين والتضحية بهم مقابل لا شيء! إذْ ما هي مصلحة الحزب في إحداث مأساة كهذه تُزعزع السلم الأهلي في المرحلة الراهنة؟".

أما صحيفة الأخبار اللبنانية القريبة من حزب اللات فتقول: "أن التفجير جاء عقب تهديد الحزب لإسرائيل بالرد على غاراتها على سورية"، مضيفة: إن "هؤلاء الذين يراهنون على أن يؤدي انفجار المرفأ إلى إلغاء حزب اللات قرار الرد على جريمة سورية، يفكرون مرة جديدة بطريقة خاطئة، لأنهم يعتقدون أن المقاومة في ورطة، وأنها تحتاج الى سلّم للنزول عن الشجرة. لكنهم سيدركون أن رد المقاومة واقع حتماً، وسيكون دمويا ضد قوات الاحتلال، وهدفه عقابي وردعي أيضا".

صحف عربية ترد على ادعاءات نصر اللات

ناقشت صحف عربية ردود الأفعال على الخطاب، الذي ألقاه الأمين العام لحزب اللات اللبناني، حسن نصر اللات، الذي نفى فيه وجود أي ذخيرة أو سلاح للحزب في مرفأ بيروت، ودعا من خلاله إلى تحقيق عادل وشفاف في الانفجار الدامي، الذي هز العاصمة الثلاثاء الماضي.

وفيما شككت صحف في مصداقية نصر الله، أشارت أخرى بأصابع الاتهام إلى إسرائيل.

وذهبت صحف إلى أن لبنان أصبح "رهينة للصراع بين حزب اللات وإسرائيل"، اللذين يتبادلان الاتهامات حول الوقوف وراء التفجير.

صحيفة "البدع" الإلكترونية من جهتها شككت في رواية نصر اللات، قائلة: "أطل أمين عام حزب اللات حسن نصر اللات على اللبنانيين، المنكوبين بانفجار مرفأ بيروت الذي حوّل جزءاً واسعاً من العاصمة اللبنانية إلى ركام، رافضاً كل الاتهامات التي وجّهت له، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة من جهات عدّة محلية ودولية، منذ اللحظات الأولى للفاجعة، نظراً لوقائع سابقة مثبتة حول تورّطه في تخزين مادة نترات الأمونيوم، وجدت بحسب تقارير دولية مع عناصر تابعة له في عواصم غربية عدة، ويحاكمون اليوم بسببها بتهمة الإرهاب".

ونقلت الصحيفة عن الخبير العسكري والاستراتيجي العميد المتقاعد، خالد حمادة، قوله: "الكل يعلم مدى حرية حركة حزب اللات داخل مرفأ بيروت، وقدرته على إدخال وإخراج البضائع دون المرور بالجمارك اللبنانية، وبالتالي هو يتصرّف هناك بحرية تامة ومن دون مراقبة رسمية"، مضيفاً أن "كلام نصر اللات عن أن لا نفوذ لحزبه في المرفأ غير واقعي. فهو يريد المرفأ تحديداً من أجل تسهيل عملية إخراج وإدخال بضائع، باتت جزءاً أساسياً من اقتصاده الخاص وبنيته العسكرية".

المصدر

*عربي نيوز-6/8/2020 و8/8/2020

*وكالة رويترز-10/8/2020

*مركز نورس للدراسات-11/8/2020

وسوم: العدد 889