موسكو تدعو إلى مؤتمر لعودة اللاجئين السوريين

محمد فاروق الإمام

طيلة السنوات الأخيرة من عمر الصراع في سورية بين شعب انتفض يريد انتزاع حريته والفوز بكرامته، ونظام سادي مجرم استباح سورية شعباً وأرضا، مستعيناً بقتلة موسكو وطهران والضاحية الجنوبية، وقد تمكنت روسيا المجرمة من الدفع مؤخراً باتجاه انتزاع الملف السوري ‏من أروقة المسار الأممي للحل، وحصره بمساراتها الخاصة، وحشدت لذلك كل الإمكانيات ‏الدبلوماسية والسياسية.‏

وتأكد لموسكو أن القرار 2254 لعام 2015، الذي تم تبنيه بدفع غربي وأمريكي، هو بداية ‏الطريق لمرحلة سياسية جديدة في سورية.‏

النظام يعلن عن تاريخ ومكان عقد المؤتمر

لقد أعلن معاون وزير خارجية النظام السوري أيمن سوسان أن الصين وروسيا وإيران ولبنان والإمارات وباكستان وعًمان، ستكون من بين الدول المشاركة بمؤتمر اللاجئين الذي يستضيفه النظام السوري في دمشق في 11 و12 تشرين الثاني/نوفمبر.

وقال سوسان: إن الأمم المتحدة ستشارك في المؤتمر بصفة مراقب. وأضاف أن بعض الدول تعرضت لضغوط كي لا تشارك في المؤتمر.

وينطلق المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين السوريين في قصر المؤتمرات بدمشق الأربعاء 11/11/2020، بضغط روسي، لكن بغياب الدول الكبرى والفاعلة، ما يفقده أهميته وتفريغه من معناه، وتستند الدعوة التي وجّهتها وزارة الدفاع الروسية إلى ما تصرّح به روسيا حول أن "المعارك في سورية قد انتهت والوضع استقر في البلاد وباتت الظروف ملائمة لعودة اللاجئين"، وكأن صواريخها وقذائف طائراتها التي تصب حممها على ادلب وريفها لا يسمع بها أحد.

الموقف الأوروبي والكندي من المؤتمر

أعلن وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الثلاثاء 10/11، أن دول الاتحاد لن تشارك في المؤتمر الدولي حول اللاجئين والنازحين.

وأضاف بوريل أن وزراء خارجية عدد من دول الكتلة وهو نفسه تلقوا دعوة للمشاركة في المؤتمر، ولكن "الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه لن تحضر هذا المؤتمر".

وقال: إن "الأولوية في الوقت الحاضر هي للتحرك الفعلي لتهيئة الظروف للعودة الآمنة، والطوعية، والكريمة، والمستدامة للاجئين والنازحين لمواطنهم الأصلية، بما يتماشى مع معايير عودة النازحين بسورية، التي أصدرتها الأمم المتحدة، ومن هذا المنطلق، فإن المؤتمر سابق لأوانه".

وتابع أن "الظروف الحالية في سورية ليست مؤاتية للعودة الطوعية على نطاق واسع"، مضيفاً أن "عمليات العودة المحدودة التي حدثت توضح العوائق والتهديدات التي لا تزال تواجه النازحين داخليا واللاجئين، خاصة التجنيد الإجباري، والاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، والتعذيب، والعنف الجنسي والجسدي، والتمييز في السكن والحصول على الأراضي والممتلكات".

كما أكدت كندا أنها لن تشارك في "مؤتمر عودة اللاجئين". وغرّد حساب "كندا وسورية"، التابع للحكومة الكندية، أن كندا "لن تحضر الحدث الذي تستضيفه روسيا وسورية حول عودة اللاجئين في دمشق".

وأضافت التغريدة أن كندا "تدعم عودة اللاجئين الآمنة والطوعية والكريمة"، مشيرة إلى أن "شروط مثل هذه العودة في سورية غير موجودة".

موقف الائتلاف الوطني من المؤتمر

وفي السياق، أوضحت منسقة مكتب شؤون اللاجئين في الائتلاف الوطني السوري أمل شيخو أنه لا يوجد بيئة آمنة ومستقرة في سورية تسمح بعودة اللاجئين السوريين إليها حتى الآن.

وأضافت أن مكتب اللاجئين في الائتلاف الوطني مستمر في تسجيل حالات نزوح وتهجّير جديدة في سورية، وذلك بسبب حالات الاعتداء المتكررة من قبل نظام الأسد وداعميه على المدنيين في مختلف المناطق.

وقالت شيخو إنه من خلال التواصل مع اللاجئين السوريين يتبين رغبتهم الكبيرة في العودة إلى سورية، وتمسكهم بحقهم في ذلك، لكن في الوقت نفسه فهم يعبرون صراحةً عن استحالة عودتهم في الوقت الحالي إلى حين الخلاص من نظام الأسد، وممارساته الإجرامية المستمرة بحق المدنيين.

كذلك لفت فريق "منسقو استجابة سورية" إلى أن التسوية التي يدعو إليها المؤتمر ومن خلفه روسيا والنظام السوري، لا يمكن تحقيقها بوجود القوات الروسية في سورية وبوجود مجرم الحرب بشار الأسد وزمرة القتلة التي تحيط به في سدة الحكم.

وأوضح أن الادعاء بأن الهدف الأساسي للمؤتمر هو إعادة النازحين واللاجئين السوريين إلى سورية، هو محاولة لتعويم النظام السوري دولياً وهو أمر لا يمكن تحقيقه بأي شكل من الأشكال في الوقت الحالي.

موسكو تصر على عقد المؤتمر وتعطيل المسار الأممي

ومن المضحك المبكي أن تحرص روسيا على عقد مؤتمر للاجئين السوريين، وهي التي استخدمت ‏كل أسلحتها الفتاكة في قتل الشعب السوري وتدمير مدنه وبلداته وقراه، ولا تزال ترتكب أبشع ‏الجرائم بحقه، وهي من فرض الهجرة والنزوح على أهله، وهي تصر اليوم على تعطيل ‏المسار ‏الأممي، وإلا فما الذي يدفع دولة مثل روسيا، التي ليس لديها لاجئين سوريين، ولا حدود لها ‏مع سورية، ولا ‏تتحمل عبء اللاجئين لا مادياً ولا معنوياً، إلى تكرار المبادرة تلو الأخرى لعقد مثل ‏هذا المؤتمر؟!‏

ولا أعتقد أن عاقلا يعزو ذلك لأسباب إنسانية، وهي التي أثبتت منذ تدخلها في سورية دعماً ‏لنظامها السادي أنها مجرمة حرب بامتياز.

روسيا هدفها خلط الأوراق

وتتحرك روسيا في هذا الإطار من أجل إعادة خلط الأوراق في سورية، من خلال القفز على مسار اللجنة الدستورية، والذهاب نحو مؤتمر للاجئين في 11 و12 من الشهر الحالي. وواضح أن الهدف من هذا المؤتمر هو المرور نحو ملف إعادة الإعمار الذي يتم التعويل عليه كطوق نجاة لموسكو وطهران ودمشق في ذات الوقت. ولهذا نشطت الدبلوماسية الروسية في الأسابيع الثلاثة الأخيرة من أجل الترويج للمؤتمر وكسب التأييد له، وخصوصا من طرف دول الجوار، تركيا، الاردن، ولبنان، والتي تستقبل قرابة 7 ملايين لاجئ سوري. وتقوم الأطروحة الروسية على أن الحرب في سورية انتهت، وبات الطريق مفتوحا أمام عودة اللاجئين، وتصوير الملايين التي تركت سورية على أنها في صف النظام الذي حسم الحرب لصالحه.

وليد المعلم يحاول مساومة المندوب الأممي والتنصل من موعد اجتماع الدستورية

وتسرب بعد زيارة المندوب الأممي غير بيدرسون مؤخراً إلى دمشق أنه خضع لمساومة من قبل النظام عندما التقى بوزير الخارجية وليد المعلم. وتفيد التسريبات أن النظام ربط تحديد موعد اجتماع اللجنة الدستورية بصدور موقف غربي إيجابي من مؤتمر اللاجئين. وتبين هنا أن تنصل النظام من موعد اجتماع الدستورية الذي كان مقرراً في الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي هو من أجل هذا الغرض، وعكس بيدرسون جانباً من المسألة في الإحاطة التي قدمها إلى مجلس الأمن في الثامن والعشرين من الشهر الماضي، وجاء صدى ذلك في ردود فعل بعض الأطراف الدولية مثل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا، وحث نائب المندوب الأميركي في مجلس الأمن ريتشارد ميلز، المجلس على "بذل كل ما في وسعه" لمنع الأسد من عرقلة الاتفاق على دستور جديد في عام 2020، وأكد ميلز أن "سورية غير مستعدة على الإطلاق لإجراء انتخابات بطريقة حرة ونزيهة وشفافة تشمل مشاركة الشتات السوري"، داعيًا الأمم المتحدة إلى تسريع تخطيطها لضمان مصداقية الانتخابات السورية المقبلة، في سياق أعمال اللجنة الدستورية.

المندوب الألماني يفضح تكتيكات النظام وألاعيبه

في حين تحدث نظيره الألماني كريستوف هيوسجن، عما وصفه بـ "تكتيكات المماطلة والعرقلة" التي يتبعها الأسد بشأن عمل اللجنة الدستورية بأنها "بغيضة فقط"، موضحًا أنه "لن يجري الاعتراف بالانتخابات إذا أجريت في ظل الظروف الحالية". وبدوره انتقد السفير الفرنسي، نيكولا دي ريفيير، "رفض الأسد الانخراط بحسن نية" في العملية السياسية، ودعا إلى الاستعداد لبدء الانتخابات التي تشرف عليها الأمم المتحدة. وقال إن فرنسا لن تعترف بالنتائج التي لا تمتثل لهذه الأحكام، وأضاف، "لن ننخدع بمحاولات النظام لإضفاء الشرعية على نفسه".

لقد حصدت موسكو نصف الفشل للمؤتمر لحظة الإعلان عنه من دون تفاهمات سياسية فعلية مع الولايات المتحدة وأوروبا.

موسكو وتكتيك العرقلة

ويبدو أن إصرار روسيا على عقد المؤتمر بمن حضر رغم علمها بالفشل مسبقاً غير بعيد عن "تكتيك العرقلة"، وما تخطط له هو تعطيل اللجنة الدستورية والحيلولة دون كتابة دستور جديد أو تعديل الدستور الحالي، وبالتالي تريد إجراء الانتخابات الرئاسية في منتصف العام المقبل وفق الدستور الحالي، وبالتالي التجديد لمجرم الحرب بشار الأسد في ولاية رئاسية جديدة. وهنا تكمن العقدة الكبرى والمعركة القادمة، وإذا صدقت الدول الكبرى بأنها لن تعترف بنتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة، فإن ذلك يرتب عليها خوض معركة مع روسيا ومن حول الأسد، وفي جميع الأحوال ليس هناك ما يوشر إلى تغيّر في الموقف الأميركي والأوروبي من مسألة إعادة الاعمار، والتي تربطها هذه الأطراف بإطلاق عملية سياسية جادة تسمح بعودة طوعية وآمنة للاجئين.

من جهتها تبذل روسيا قصارى جهدها لعقد مؤتمر دولي حول اللاجئين السوريين، حيث أوفد الرئيس فلاديمير بوتين، مبعوثه الخاص إلى سورية، ألكسندر لافرنتييف، في زيارات مكوكية إلى كل من بغداد وعمّان وبيروت، لحشد تأييد للمؤتمر، وبهدف إيجاد مسار جديد يطول لجولات عديدة، ويشغل الرأي العام، دون أن يكون له أثر مباشر على تغيير قواعد الاشتباك في سورية، على غرار اجتماعات أستانا، التي أتاحت لموسكو فرصة الإمساك بخيوط الأزمة السورية.

موسكو لا تجيد إلا تصيد الوقت واللعب على حبال المماطلة

مرة أخرى تثبت موسكو أنها عاجزة عن ابتكار حلول سياسية واقعية معقولة، ترضي أطراف الأزمة السورية، من خلال طرح الأفكار نفسها بنسخ متعددة.

وتسعى موسكو، منذ فترة، لتكرار التكتيك نفسه، لكن هذه المرة تحت عنوان "عودة اللاجئين"، مستغلةً الانشغال الأمريكي بالانتخابات الرئاسية، وحالة اللامبالاة المزمنة عند الأوروبيين، وخروج جامعة الدول العربية من دائرة الفعل والتأثير.

العالم كله يعرف أن التدخل العسكري الروسي في سورية منذ 30 سبتمبر/ أيلول 2015 وحتى الآن، أسفر عن نتائج كارثية على كافة المستويات الإنسانية، في ظل مجازر وضحايا وعمليات تهجير وتدمير للبنية التحتية.

الدور الإجرامي الذي لعبته موسكو في سورية

لقد جعلت موسكو من المدن والبلدات السورية الخارجة عن سيطرة قوات النظام إلى ساحة حرب وأرض محروقة، تصب الترسانة العسكرية الروسية كل قوتها التدميرية فيها، وهو مشهد يوصف بأنه الأكثر تدميرا ودموية منذ الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945)، ووثقت فرق "الدفاع المدني السوري"، بين 30 سبتمبر 2015 و20 سبتمبر 2020، مقتل 3966 مدنيا، بينهم أطفال ونساء. وهذا الرقم لا يشمل عددا كبيرا من الضحايا توفوا بعد إسعافهم، أو بعد أيام من إصابتهم.

كما وثقت ارتكاب روسيا 182 مجزرة قتلت 2228 مدنيا وأصابت 3172 آخرين. وأغلب تلك المجازر كانت باستهداف منازل مدنيين وأسواق وأفران ومستشفيات ومدارس ودور عبادة وأماكن مكتظة بالمدنيين، بهدف إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا معظمهم من الأطفال والنساء، وبهدف تهجير أكبر عدد من المدنيين، وتدمير كافة أشكال الحياة التي تدعم استقرارهم.

وقد استهدفت الطائرات الحربية الروسية – كما وثقت ذلك وكالات الأنباء ومعظم وسائل الإعلام - 69 بالمئة من تلك الهجمات منازل مدنيين، بواقع 3784 هجوما، وحلت الحقول الزراعية في المرتبة الثانية بـ15 بالمئة من الهجمات (821 هجوما)، ثم الطرق الرئيسية والفرعية 6 بالمئة (324 هجوما)، والمشافي والمراكز الطبية بـ70 هجوما.

وبعدها مراكز للدفاع المدني بـ59 هجوما، وأسواق شعبية بــ53 هجوما، ومدارس بـ46 هجوما، ومخيمات نازحين بـ23 هجوما، إضافة لعشرات الهجمات استهدفت مساجد وأفرانا ومعامل وأبنية عامة.

موسكو كانت وراء تهجير السكان في حلب ودمشق وأريافهما

لقد أدى تدخل الروس عسكرياً في سورية، وتهديدهم بتدمير الأحياء الشرقية من مدينة حلب (شمال) عام 2016، إلى تهجير سكانها.

لقد انتقلت عدوى التهجير إلى ريف دمشق الغربي وأحياء دمشق الشرقية، في 2017، وكان 2018 عام التهجير بامتياز، إذ شمل الغوطة الشرقية والقلمون وأحياء دمشق الجنوبية بريف دمشق، وريف حمص الشمالي، إضافة للجنوب السوري، الذي يضم القنيطرة ودرعا.

وترافقت حملات التهجير مع قصف مكثف من الطيران الحربي الروسي، ووصفت الأمم المتحدة موجات النزوح التي شهدها الشمال السوري خلال الحملة العسكرية للنظام وحلفائه العام الماضي، بأنها الأكبر في تاريخ سورية، حيث أُجبر أكثر من 1,182,772 مدنيا على ترك منازلهم والهرب من الموت خلال عام 2019.

فيما بلغ عدد النازحين، منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 وحتى نهاية فبراير/ شباط 2020، أكثر من 1,037,890 شخصا، منهم من نزح أكثر من خمس مرات على فترات متفرقة، بالتزامن مع الحملات العسكرية التي شنها النظام وروسيا على مناطقهم في أرياف إدلب وحماة وحلب، بالإضافة إلى المدن القريبة من خطوط التماس، مثل أريحا وسرمين ودارة عزة والأتارب.

وتوجه نصف مليون نازح إلى مخيمات الشريط الحدودي مع تركيا، والتي كانت تضم نحو مليون نازح، ليرتفع العدد فيها إلى مليون ونصف مليون، بينما توجه القسم الآخر إلى ريفي حلب الشمالي والشرقي وعفرين واعزاز والباب وجرابلس.

ومنذ تدخلها العسكري، سعت روسيا إلى صياغة المشهد السوري بطريقة تمكنها من الإمساك بزمام الأمور، معتمدة على تفوقها الجوي، ودعم المليشيات الإيرانية على الأرض، واستخدام سياسة الأرض المحروقة، على نموذج "غروزني"، فاستطاعت قلب موازين القوى العسكرية لصالح النظام على حساب المعارضة.

موسكو وطهران كانتا وراء التغيير الديموغرافي

وبعد تحقيق التفوق العسكري، وبينما اتبع الإيرانيون سياسة تهجير السكان من أرضهم، حدثت أكبر عملية تغيير ديمغرافي في التاريخ الحديث، حيث دفعوا بالملايين من سكان الغوطة وحمص باتجاه إدلب، التي بقيت من حصة المعارضة.

وبالتزامن، أجرى الروس ما أطلقوا عليها "مصالحات"، وهي عملية إخضاع لمن رفضوا التهجير القسري لسلطة نظام الأسد.

أهداف ترجوها روسيا من عقد مؤتمر اللاجئين السوريين على رأسها:

*الالتفاف على العملية السياسية، حيث دأبت روسيا على الالتفاف على المسارات الأممية، التي تمنح المعارضة السورية نوعا من الندية مقابل نظام الأسد.

فبعد فشلها في عقد مؤتمر للاجئين السوريين عام 2018، ها هي موسكو تكرر المحاولة لعقده، دون أن تطرح أفكاراً ومشاريع ورؤى جديدة، فهدفها هو حرف الأنظار عن العملية السياسية.

*الاستفادة من الأموال التي ستجمعها روسيا باسم اللاجئين السوريين، في تمويل نظام الأسد، الذي يبدو على وشك الإفلاس.

*الالتفاف على "قانون قيصر" (عقوبات أمريكية على نظام الأسد ومتعاونين معه)، عبر إدخال/ تهريب الأموال والمواد وجميع احتياجات النظام على أنها مساعدات للاجئين.

*إعطاء رسالة للعالم بأن سورية تحت الوصاية الروسية، حيث حرصت موسكو على توجيه الدعوات للمؤتمر باسم وزارة الدفاع الروسية، وهذه مصادرة للقرار السوري الذي طالما تشدق الروس بشرعيته.

*حصر المساعدات المقدمة للاجئين السوريين عبر قنوات النظام فقط، بعد أن نجح الروس في إغلاق أحد المعبرين الإنسانيين في الشمال السوري، ليبقى معبرا واحدا.

الموقف الأمريكي من المؤتمر

لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية منشغلة بانتخابات الرئاسة، التي أُجريت في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري ولم تُعلن نتيجتها رسميا بعد، لكن المبعوث الأمريكي لشؤون سورية، جيمس جيفري (أعلنت واشنطن استقالته الإثنين مع اقتراب تقاعده بنهاية نوفمبر)، قال مؤخرا إن الحل في سورية لن يكون إلا بموجب القرار الأممي رقم 2254، المتعلق بوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية، مشيرا إلى "وحشية النظام وحلفائه خلال الحرب ضد السوريين".

وقد أشارت البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة إلى وقوف النظام السوري عائقا أمام جهود المبعوث الأممي لعقد الجولة الرابعة من أعمال اللجنة الدستورية.

وطالبت البعثة نظام الأسد بالتوقف عن استهداف السوريين، الذين عادوا إلى مناطق سيطرته، وتهيئة الظروف التي تسمح للاجئين بعودة آمنة وطوعية وكريمة وفي الوقت المناسب إلى البلاد، في إشارة واضحة إلى صعوبة عودة اللاجئين من دون صياغة الحل النهائي.

موسكو تحاول إقناع أوروبا بتمويل عملية إعادة الإعمار

لقد حاولت روسيا إقناع الأوروبيين بتمويل عملية إعادة الإعمار بحجة إعادة اللاجئين، لكن الموقف الأوروبي مثل موقف معظم دول العالم كان رافضا لبحث إعادة الإعمار قبل إنجاز التغيير السياسي وفق القرار 2254 وغيره.

لكن يبدو أن الروس مُصرين على الالتفاف على الإرادة الدولية، خصوصا بعد أن حققوا نجاحا جزئيا في اختزال العملية السياسية بالتركيز فقط على اللجنة الدستورية.

لماذا تجنبت موسكو دعوة أنقرة إلى المؤتمر؟

لقد تجنبت موسكو دعوة كل من تركيا وأوروبا وهذا مؤشر على عدم الجدية، وعلى أن الروس لا يستهدفون حل مشكلة اللاجئين.

كما تجنّب مبعوث الرئيس الروسي زيارة تركيا، رغم أنها تستضيف حوالي أربعة ملايين لاجئ سوري، وهم أكثر من نصف اللاجئين السوريين.

أي أن عودة اللاجئين إلى ديارهم لن تكون إلا بالضغط والإكراه، وهذا ما لا يمكن أن تقبل به تركيا أو أوروبا.

كما أن ضبابية بنود المؤتمر وعدم وضوح جدول أعماله، تكشف أنه محطة روسية جديدة لتمييع الملف السوري في أروقة المسارات المتعددة للحل.

فاكتفاء لافرنتييف بالتنسيق مع العراق والأردن ولبنان، من دون المرور بتركيا وأوروبا اللتين تستضيفان الملايين من اللاجئين، هو مؤشر على عدم الجدية الروسية في حل مشكلة اللاجئين، بقدر استخدامها كورقة لكسب الوقت.

المصدر

* المدن-10/11/2020

*وكالة الأناضول-11/11/2020

*تلفزيون سورية-8/11/2020

وسوم: العدد 903