الحرب تنتقل من المشرق إلى المغرب العربي

حماد صبح

ظلت دول المغرب العربي ، باستثناء ليبيا ، بمنأى عن الحروب العربية الداخلية والبينية التي اتقد أوارها وسعارها في المشرق العربي ؛ في العراق بعد الغزو الأميركي ، وفي سوريا في 2011 ، وفي مصر ، في سيناء في 2013 ، بل قبل هذا العام الذي شهد توسعها ، وفي الجزيرة العربية بالعدوان السعودي الإماراتي ومن حالفه من الدول على اليمن في مارس 2015. انتقلت الآن كرة اللهب إلى المغرب العربي بانفجار القتال بين المغرب والبوليساريو ( الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ) الذي برره المرب بأن البوليساريو تعترض انسياب حركة مرور الناس والبضائع في معبر الكركرات المنطقة المتفق علي كونها منطقة عازلة محايدة بين الجانبين منذ وقف إطلاق النار في 1991 . ويبدي كلا الجانبين الآن تصميما على التصدي للجانب الآخر إيمانا بعدالة موقفه . وأيا كانت عدالة اتهام أحدهما إلى  الآخر فاليقين أن قوى خارجية وراء انفجار القتال لإيقاع المغرب العربي كله في دوامة حروب بينية وربما داخلية تالية مثل المشرق العربي . والقوى هي الغرب بقيادة أميركا وفي ركابه إسرائيل . ومسارعة الدول العربية المشتركة في الحروب البينية المشرقية إلى الوقوف في صف المغرب تبين أن هذه الدول جزء من المؤامرة الغربية الإسرائيلية الجديدة . والدول التي أيدت المغرب هي النظام السعودي والإماراتي وقطر والأردن ، وعمان التي لا تشارك في حروب المشرق . وفي 4 نوفمبر الحالي   افتتحت الإمارات قنصلية لها في العيون عاصمة الصحراء الغربية .  ويتهم  عبدالرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم ، أكبر حزب إسلامي جزائري ،  الإمارات بالبدء في زعزعة استقرار المغرب العربي ، وكتب في تغريدة : " الإمارات في العيون . أينما حلت الإمارات تعقدت الأزمات وسالت الدماء " . وحتما سيثير تأييد هذه الدول غضب الجزائر ويوتر علاقاتها بها . والجزائر حكيمة العرب ووسيطة خيرهم إذا غضبت سيكون غضبها شديدا حديدا . وقد تجد نفسها طرفا في القتال إذا اتسع بين المغرب والبوليساريو مؤازرة للبوليساريو التي تؤيد دولتها المسماة الجمهورية العربية الصحراوية منذ إعلانها في 1976. وهذا خطر مرعب قد تنجذب إليه تونس وموريتانيا وربما ليبيا الممزقة المنشغلة الآن بذاتها ومشكلاتها المعقدة المزمنة . وهذا هو الهدف الحقيقي للغرب وإسرائيل ومن يأتلف معهم من الأتباع العرب في المشرق . وإسرائيل ساعدت المغرب في آخر ثمانينات القرن الماضي في إقامة الجدار الفاصل بين ما يسيطر عليه من أراضي الإقليم ، 80 % والجزء الباقي الذي  تسيطر عليه البوليساريو . ومما سيوسع  الحرب البينية في المغرب العربي عنفا وتطاولا زمنيا أن حدود كل دوله مفتوحة على أوسع أبواب تهريب السلاح والمقاتلين المرتزقة . والتطور الأخطر ، ولاشك أنه في أهداف المؤامرة ، تفجير الصراع بين العنصرين الأساسيين في المغرب العربي ،  وهما العربي والأمازيغي ، وثالثهما العنصر الأفريقي الصغير . أعداء العرب والمسلمين يرونهم كتلة واحدة ، ويعادونهم ابتداء من هذه الرؤية ، وبعض العرب يقاتلون مع هؤلاء الأعداء في خندق واحد بمالهم وسلاحهم وقلوبهم في حماسة وصدق يُشعر أبناء الأمة أن هؤلاء العرب أقسى عداوة  وأبشع خسة وحقارة من الأعداء الغرباء .  

ولولا المؤامرة الغربية الإسرائيلية المبيتة على المغرب العربي مثله مثل المشرق العربي لسهل حل الصراع بين المغرب والبوليساريو بتنفيذ الاستفتاء لشعب الصحراء المتفق عليه منذ 1991 وقت وقف إطلاق النار بين الجانبين ، وتأسست لتنفيذه المينورسو التابعة للأمم المتحدة . لماذا يتأخر التنفيذ 30 عاما ؟! ليكون فاتحة قتال بين الجانبين ، وهو ما يجري الآن ، يتسع لاحقا ليعم كل المغرب العربي أسوة بالمشرق العربي.

وسوم: العدد 903