أذناب العلمانية يستهدفون الإسلام بشكل هستيري مستغلين الخلط بين قضية الوحدة الترابية وقضية التطبيع

سبق أن حررت مقالا سابقا  بخصوص تهافت الربط بين قضية وحدتنا الترابية وقضية التطبيع لوجود بون شاسع بينهما ولا رابط يربط بينهما إلا إذا تعسف المتعسفون في هذا الربط .

فقضية الوحدة الترابية لا يمكن أن يزايد فيها أحد على غيره في هذا الوطن مهما اختلفت المعتقدات والقناعات والتوجهات ، وشأن المغاربة مع قضية الوحدة الترابية كشأن أبناء مع أمهم لا يمكن أن يدعي أحدهم أنه أولى بها من غيره . وهذا باب يجب أن يسّد مرة واحدة لأن الإسلامي في هذا الوطن كالعلماني فيما يخص الموقف الثابت الذي لا يتزحزح من  قضية الوحدة الترابية، إذن فلا مبرر لمزايدة أحدهما على الآخر في ذلك .

أما قضية التطبيع فقضية فيها خلاف مرده اختلاف المعتقد والقناعة والتوجه .ولا يمكن أن يدعي أحد أن هذه القضية حولها إجماع  بين جميع المغاربة كما هو الشأن بالنسبة للإجماع الخاص بقضية الوحدة الترابية .

وتزامن التطبيع مع اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة بلدنا على أقاليمنا الجنوبية ،علما بأن هذه السيادة لا يزيد فيها معترف بها  شيئا  كما لا ينقص  منها منكر لها  شيئا ، فهي قائمة بإرادة الله عز وجل وإرادة هذا الشعب هو ما جعل  أذناب العلمانية يصابون  بالهستيريا في استهداف الإسلام بأسلوبهم  الماكر المعهود الذي ظاهره استهداف من ينعتونهم بالإسلاميين ، وباطنه استهداف الإسلام نفسه . ولقد أبى العلمانيون بإصرار كبير إلا الحكم على من عبر عن رفضه للتطبيع بأنه ضد الوحدة الترابية ، وهذا بهتان عظيم ،واتهام خطير من حق كل مواطن مغربي  يرفض التطبيع سواء كان محسوبا على الإسلام أو على  غيره، واتهم بهذه التهمة الملفقة  أن يقاضي من يتهمه بها  أمام العدالة في دولة الحق والقانون .

ولقد مضت على الشعب المغربي بكل أطيافه عقود وهو يرفض التطبيع بل يرفض احتلال الكيان الصهيوني لأرض فلسطين دون أن يذهب أحد مذهب أذناب العلمانية في اتهام أحد  بأنه ضد الوحدة الترابية للوطن  إن هو رفض التطبيع . فكيف اختلقت هذه التهمة  الملفقة بين عشية وضحاها بسبب تزامن التطبيع مع القرار الأمريكي بالاعتراف بسيادتنا على ما هو ملك لنا لا ينازعنا في ملكيته إلا خصوم وحدتنا الترابية ؟

وإذا  كان كل المغاربة ملزمين بموجب واجب ديني ووطني أن يكونوا جميعا  على قلب رجل واحد فيما يخص قضية  وحدتنا الترابية ، وكل من خرج عن إجماعهم يعتبر مرتدا، فإنه لا يوجد ما يلزمهم بالإجماع على التطبيع ، ولا يمكن أن يدان أو يتهم من يرفضه . ولا يمكن جعل التطبيع في مرتبة قدسية الوحدة الترابية لأن هذا التطبيع يقدح في قدسية القضية الفلسطينية التي أخذ المغاربة  عهدا على أنفسهم بنصرتها أمام الله عز وجل، وهم على ذلك كما كانوا دائما لا يضيرهم من خالفهم في ذلك .

وعلى أذناب العلمانية البحث عن ماء عكر آخر للسباحة  فيه عوض الخوض في موضوع الخلط بين قضية الوحدة الترابية وقضية التطبيع واستغلال ذلك لتصفية الحسابات العقائدية والسياسوية والحزبوية  مع من يخالفونهم في التوجه . ولن يكون المغرب المسلم علمانيا أبد الآبدين إلا إذا ولج الجمل في سم الخيّاط .

وسوم: العدد 910