ملحمة غزة....وقفات وتبعات

ياسر سعد الدين

ما يحدث على أرض فلسطين المباركة أكبر بكثير من معركة، وأعظم من حرب. أحداث تاريخية ومفصلية لها ما بعدها وهي اشبه ما تكون بزلزال سياسي وقيمي. في أيام معدودات هوت أوثان سياسية وتمزقت صور نمطية وتصوبت مفاهيم كثيرة وبدت إسرائيل نمر من ورق، دولة مهزوزة متصدعة منقسمة متردية، وظهر النظام العربي بمطبعيه و"مقاوميه" هزيلا سقيما عقيما، ميتا وجيفة بالية لا تستحق سوى الدفن وفي أعماق الأوحال والقيعان. فيما ظهر السياسيون الغربيون في صور بائسة يدعمون جرائم الصهاينة بوجوه صفراء والسنة متلعثمة تدوس على قيم الغرب ومبادئه المعلنة وتظهره منافقا كاذبا أفاكا.

يتحكم بنتائج الحروب والصراعات بشكل كبير الإيمان العميق بصدقية الموقف والروح المعنوية والثبات النفسي، يكفي أن تشاهد الفلسطيني وقد فقد أهله وداره وهو مبتسم راضيا بقضاء الله محوقلا حامدا وبشكل يكاد يكون عاما وشاملا، فيما ترى على الجانب الصهيوني الفزع والهلع والنواح والصياح والعويل، لتميز صاحب الحق من أهل الباطل ولتوقن لمن النصر الكاسح والفوز المبين ولو بعد حين.

ملحمة غزة كشفت في أيام وأكدت على حقائق كما إن لها من التبعات ما يمكن تلخيص بعض منها في النقاط التالية:

في الحرب تغير الأيام من المفاهيم والحقائق ما قد يستغرق في أيام السلم سنوات وأعوام. وعندما يتعلق الأمر بمقدسات إسلامية وتعمد إسرائيلي لإنتهاكها كنوع من إذلال وترويض للعقل العربي المسلم، وحين تفشل أنظمة تبالغ في تقديس وتعظيم حكامها في إدارة الحكم وبناء الدول بل والتعامل مع أزمات ككورونا، وتتعامل مع شعوبها بفظاظة وقسوة فيما تتعامل بصغار ومذلة مع المحتل والمعتدي، وحين ينهض المحاصرون الفقراء فيردوا للإمة كرامة هي متعطشة لها....فإننا قد نكون مقبلين على رياح تغيير إن لم نقل عواصفها وبراكينها!

وسوم: العدد 929