الحياة الحزبية على مفترق الطرق

زهير سالم*

ويصل الناس إلى مفترق الطرق لأسباب اعتقادية، أو فكرية، أو عملية، أو شخصانية؛ وكل ذلك مشروع.

والحل عند هذا المفترق في قوله تعالى (وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ)

الفراق الجميل أجدى من عناق الدب. فريقان متضامان يعرقل كل واحد منهما صاحبه.

الأخ المعطَّل، بفتحة فوق الطاء المشددة وكسرها أيضا. مجني عليه وجان. يقول أحدهم: انتسبت إلى الحزب لأعمل، وليس لأتحمل مسئولية عمل الآخرين. يقول آخر: يقولون لي أرسل إلينا مالك لنتصدق به!! وكأنني عاجز عن التصدق بمالي.

يقول ثالث: قلتم هذه عبء ثقيل تنوء به العصبة أولو القوة، نحتاج إلى أن نتعاون على حمله، ثم سجلوا اسماءنا على ورقة مثل تميمة العراف، وانفردوا بأنفسهم بالعبء فاستخفوه مع أنهم زعموا أنه ثقيل.

أجمل وصف "حفظته من الانجيل "العهد الجديد" وصف "قائد المائة" لا بد أنه وصف عسكري روماني لما يسمى اليوم تقريبا قائد الكتيبة.

ولكي يكون المرء قائد مائة، ينبغي أن يكون قادرا على إدارتهم، واستخراج أقصى ما عندهم من طاقة وقدرة وإبداع ، ثم توظيف كل ذلك في مشروع المائة.

الشيخ على المنبر يقول: إني داع فأمنوا، فيؤمن المصلون على دعائه. في الحياة العامة نقول:

فقلت ادعي وأدعوَ إنّ

أندى …لصوت أن ينادي داعيان..

العبء الذي يحمله الرجلان فقط لا يُحتاج فيه إلى العصبة، والعبء الذي تحمله العصبة، لماذا تجتمع عليه المائة، والعبء الذي تكفي فيه المائة لماذا يتورط فيه الألوف!!

أتذكر عنوان "قوة الطرد المركزية" تخيلوها من مدينة الملاهي، المحور القوي الذي يدفع كل الكراسي المعلقة به بعيدا عنه. حرصا على التفرد. أظن هذه الحسابات دقيقة جدا، وقد حسبها نيوتن من قبل، وتأتي لحظة، إن زادت قوة الطرد عن حدها، أن تتبعثر الكراسي المشدودة إلى المحور في الهواء.

مصطلح البعثرة يذكرني بقوله تعالى (بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ)

أتبكي على لبنى وأنت تركتها!!

هذا تعليق على بيان يتداوله الناس اليوم في المجامع، حتى لا نشرد بعيدا.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 989