أينَ العُلماءُ الرَّبَّانِيُّون؟ مِنْ تَطاوُلِ الرُّوَيبِضَاتِ الدُّعَّارِ الفُجَّارِ على: ثَوَابِتِ أمَّتِنا الإسْلَامِيَّة ولُغَتِنَا العَرَبِيَّة

سيد أحمد بن محمد السيد

بَينَ يَدَيِ القَصِيدَةِ

*مِمَّا لا شَكَّ فيه أن منطقتنا شَهِدَت في العَقْد الأخير تَغَيُّرًا، بَلْ تَفَلُّتًا وتَسَيُّبًا وفوضَى واضطِرابًا في كل شيء؛ في السياسة والأمن والاجتماع، وحتى في المفاهيم والأخلاق والأدب والاحترام للأديان والشرائع والمقدسات؛ فنَبتَت فينا نابِتة، أو لِنَقُلْ تطوَّرَت وكبِرَت وعظمت، حتى صار لها صوت وصدى ومنابر تَعرِض منها - بل تَقِيءُ- على الناس وقاحاتِها وتعدِّياتها، وتَجَاوُزاتِها وانتهاكاتها الصارِخة والفجَّة، وتحَدِّيها للكثرة الكاثرة من هذه الأمة؛ أهل السُّنَّة والجماعة؛ فبدأنا نسمع لرُويبِضات وحُثالات المجتمع آراءً مُخالفةً لديننا الإسلامي الحنيف، ولغتنا العربية العظيمة، وبعض ثوابتنا وفرائضنا وواجباتنا، والمعلوم من ديننا بالضرورة؟! وهُجومًا على بعض رُموزنا الكبار الدينية والعلمية، وأبطالنا وشخصيَّاتنا التاريخية العظيمة؟!

1- فقديما قبل نحو ربع قرن من الزمان ظهر على بعض القنوات العربية مسلسل "العائلة" المصري السيِّئ، وكان من مُمثليه التافِهين محمود مُرسي، وآخرُونَ معه؛ وهو الذي كان يقطُرُ سُمًّا ناقِعًا في سُخريته ومُحاربته لكثير من شعائر الإسلام وثوابته وقضاياه؛ كبناء المساجد، والحِجاب، والمصارف الإسلامية، وإنكار نعيم القبر وعذابه ... . وكان مِمَّن أنكره الشيخ السعودي صالح الدرويش عبر قناة الشارقة الفضائية، جزاه الله خيرا؛ فتوقَّف عَرضُه على بعض القنوات، ثم اعترض ذلك الشيخُ على سباقات الإبل "الهِجن" الذي يُقيمه بعض الشيوخ والأمراء في الإمارات؛ فطُرد وسُفِّرَ مِنها!

وحصل مثلُ ذلك أيضا للعلامة والمحدث الرباني الشيخ د. عبد الرحيم الطحَّان لمَّا اعترض على تعذيب بعض الدعاة والعُلماء لدى استقبالهم في بعض المطارات ثمَّةَ، بينما يُستقبل المُطربون والمُطربات والمُمثِّلون والمُمثلات، والتافهون والتافهات أحسنَ استقبال وتُفرَش لهم الوُرود؟!

2- ثم سمعنا مرة دُريد لحام - ذلك الوقح القَمِيء ومِمْسَحَة نظام بشار وإيران الرافضية الطائفية- يَسخَر من اللغة العربية بقوله: إن حروفها أكثر من 50 حرفا "يقصد الخَبيث مع الحَرَكات"؟!

ومَرَّة أخرى سمعته قريبًا يُشَكِّك في الأمَّة العربية فيقول الخائبُ الخاسِر الأعمى: "هل تُوجَد أمَّة عربيَّة، أنا لا أرى أمةً عربيَّة"؟!

3- وقبل ذلك سمعنا الصَّفِيقَ عبَّاس النوري يتطاول على قامة عظيمة من تاريخنا الإسلامي، ألا وهي شخصية بطل حطين ومُحرِّر القُدس صلاح الدين الأيُّوبي فيقول شلَّ الله لِسَانَه: "الناس يتكلَّمُون عن صلاح الدِّين، وصلاحُ الدِّين كِذْبَة كبيرة"؟!

4- وأيمن زيدان الساقِط المارِق الماذِق سمعناه يقول قبل أيام: "لا تُوجَد آخرة، وإذا كانت موجودة فتُوجد جَنَّة فقط، ولا تُوجَد نارٌ أو جهنَّم"؟! كبُرَتْ كلمةً تخرجُ من أفواههم.

5- ونِضال نعِيسة ذلك المِسْخُ الذي لا تعرف له انتِمَاءً، سمعتُه قبل سنوات يُشكِّك في كل شيء؛ من الإسلام واللغة العربية، والأمة العربية ... إلخ، بلا حياء ولا خجل ولا وَجَلٍ؛ حتى إن المُشاهد والمُستمع لِهَذّيَانِه، لَيَحارُ في تصنيفه من أيِّ أصناف الزنادِقة هو؟؟!!

6- وإبراهيم عيسى وما أدراك ما إبراهيم عيسى؟ البارِع في التشكيك في الدين الإسلامي الحنيف فقط، سمعنا أنه يشكك في الإسراء والمعراج، وصحيح البخاري، ويطعن في أبي هريرة والشيخ الشعراوي؟! و، و ... .

7- وقبلهم العَجُوز الدَّرْدَبِيس المُتصابِيَة إلهام شاهين "الشيخة" (بلهجة المغرب) سمعناها تُفتي وتَنتَقِد في أمورٍ شرعيَّة إسلامية؟! وقد أهداها مُصحفًا قبل سنوات المُخبر ومفتي البراميل المتفجرة أحمد حسون، وقال: هي في أفلامها موجهة للجيل أكثر من كونها سينمائية؟؟!! وغير هؤلاء المُتَطَرِّفين العابثين والمُخَرِّبين، وغيرهم كثير.

وقد يلومُني بعضُ الإخوة فيقول: لماذا لا نسكتُ عنهم، كيلا نَشْهَرَهُم؟

ولندَعْهُم يتكلَّموا مَحْصُورِين في مَواقِعهم فحَسْبُ؟!

أقولُ: كلامُكَ - يا أخي- هذا حقٌّ، لو كان هذا قبل ثلاثين أو أربعين سنة، لمَّا كان أحد هؤلاء السفهاء و"الرُّويبِضَات"، كما سَمَّاهُمْ سَيِّدي وقُرَّةُ عَيني رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلَّم - وكانوا قلة يومئذ بالطبع- يتطاول على الإسلام وثوابت الأمة في إذاعة أو مَجَلَّة أو صحيفة فنِّيَّة صغيرة، أو في مكان محدود لا يسمعه فيه أو يُشاهده ويُتابعه إلا قِلَّة قليلة من الناس.

أمَّا اليوم فهم يُعطون مَنابرَ فضائية كبيرة، ومواقع يُتابعها الملايين، وهم يطعنون في ديننا وثوابتنا، وينفُثون سُمومَهم على سمع وبصر هذه الأمة؛ التي تُشكِّلُ أغلبيَّةَ المجتمع وأكثريَّتَها، وهم وإن لم يُؤثِّروا في الخاصَّة، لكنهم يُؤثرون في كثير من العامَّة، ويُجَرِّئون غيرَهم على السفاهة والتطاول على الثوابت، والتهويش والتشويش.

وهذا -الطعن في الثوابت- لا تجده مع الأسف إلا في بلادنا العربية والإسلامية، ولا تكاد تجده في بلاد الغرب؛ فقد أصبح سَبُّ الدين والتشكيك في ثوابته في بلادنا دُرْجَةً "مُوضَة"، يتجرَّأ عليها كثير ممن يدعون الانْتِسابَ إلى دين هذه الأمَّة وثقافتها ومُجتمعها؟!

ومن العجيب أن هذا الطعن والثلب والتشكيك لا يَطالُ إلا الإسلامَ واللُّغَةَ العرَبيَةَ، وهذه الأمَّةَ فحَسْبُ؟! أما "الأديانُ" الأخرى، كاليهودية والنصرانية، حتى الهِندُوس وعُبَّاد الشيطان، والشاذِّين والشاذَّات فلا ينتقِدونهم، ولا يذكُرُونهم بِسُوء، ولا يَنبِسُون عنهم بِبِنتِ شَفَة؟!

ومما يزيد الطِّينَ بِلَّةً، ويُجرِّئ هؤلاء السفهاءَ أكثر على التطاوُل والتشكيك والتشويه، سُكوتُ بعض الحكومات على ذلك، والأدهى والأمرُّ سكوت وصمتُ أكثر عُلماء الأمَّة عليهم، وتَرْكُهم أحرارًا يشتُمون ويُشَكِّكُون ويطعنون، ويسرَحون ويمرحون، ويصُولون ويجولون، ويُخَرِّبُون ويُهَوِّشُون ويُشوِّشون على العامَّة دينَهم ومبادئهم، ولا يجدون من يردعهم أو يَرُدُّهم عن غيِّهم وضلالهم وإضْلَالِهم هذا؟!

هذا وقد ذكَّرَتني هذه الفوضى في الهُجوم على الإسلام وثوابته رسالةً صغيرة في حجمها، لكنها كبيرة في فائدتها ونفعها للعلامة الربَّاني الشيخ أبي الحسن الندوي رحم الله روحَه ونوَّر ضريحَه عنوانها: "رِدَّة ولا أبا بكر لها".

فها نحن أولاء نشهد هذه الرِّدَّةَ تعودُ إلينا من جديد بأعظمَ مما كانت عليه من قبل، ولا نجد من يصدُّها ويمنعها، أو يقفُ في وجهها، إلا القليلَ جِدًّا مِمَّن رحِمَ ربي، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

*والآن هيَّا بنا إلى القصيدة في موضوعنا الخطير هذا:  

أأعْلامَ الهُدَى في ذا الزَّمَانِ!

       و أرْبَابَ البَلَاغةِ ،   و البَيَانِ!

و أصْحَابَ الفَضيلةِ و المَعَالي

       و أربابَ الفَصَاحَةِ ، و اللِسَانِ!

و أتباعَ الهدى في كل صُقْعٍ!

       و أهلَ الحق   في هذا الأوَانِ!

و يَا أتْبَاعَ   طَهَ ؛   مُصْطَفَانا

       و مَن قَدْ جاءَ بِالسَّبْعِ المَثَانِي

و وُرَّاثًا   لِرُسْلِ اللهِ ؛   طُرًّا !

       خِيَارِ الخَلْقِ ؛ مِنْ إنْسٍ و جَانِ

*********

لِمَاذَا الصَّمْتُ يَا فَخْرَ البَرَايَا!

       عَنِ الدُّعَّارِ ؛   مُجَّانِ   الزَّمَانِ

عَنِ الزُّعْرِ الرَّوَابِضِ في حِمَانَا

       وِقَاحِ الوَجْهِ ، و اليَدِ ، و اللِّسَانِ

عن السُّفَهَاءِ مَن طَالُوا لِسَانًا

     وخَاضُوا في الجَلِيلِ مِن المَعَانِي؟!

عن المُتَطرِّفِينَ   ذُيُولِ الَاعْدَا

       بَنِي العَلْمَانِ ؛ مِن جَانٍ و شَانِي

كعبَّاسٍ ، و أيمَنَ ، معْ دُرَيدٍ

       و يَرْفُدُهُمْ   نِضَالُ أخُو الهَوَانِ

وإبرَاهِيمُ عِيسَى؛ رَهْطُ سُوءٍ

       و إلْهَامُ   الشَّيَاطِينِ ؛   المِهَانِ

وغَيرُهُمو ، و غيرُهمو كثيرٌ

       شَيَاطينُ الضَّلَالِ ،   لِلِافتِتَانِ

أئِمَّةُ لِلضَّلَالِ ، و هُمْ   دُعَاةٌ

       لِنَارِ جَهنَّمٍ   ؛   ذُلُقُ   اللِّسَانِ

و مَنْ يَسْمَعْ لَهُمْ قَذَفُوهُ فِيهَا

       فَيَخْسَرُ دِينَهُ ؛ يُمْسِي كَـ "مَانِي"!      

                             *********

فَقَامُوا يُنكِرُونَ   لِكُلِّ عُرْفٍ

       يَدُكُّونَ   الثَّوَابتَ ؛   مِنْ مَبَانِي

بإنكارٍ   لِبَعْضٍ ؛   واجِبَاتٍ

         مِنَ الإسلَامِ جاءَتْ   فِي القُرَانِ

كَنَارِ جَهَنَّمٍ ،   و عَذَابِ قَبْرٍ

       كَذَاكَ   نَعِيمُهُ ؛   لِذَوِي امْتِنَانِ

وحَمْلَتِهِمْ على الجَبَلِ البُخَارِي

         و حامِي   سُنَّةٍ   مِن كُلِّ   جَانِ

و إنْكَارٍ   لِمِعْرَاجٍ   ،   و أقْصَى  

     و تَطبِيعٍ   مَعَ الأعْدَا   الهِجَانِ

و طَعْنِهُمُ بِفُصْحَانَا ؛   بِوَصْفٍ

       لَهَا بِالعَجْزِ عَنْ دَرْكِ المَعَانِي

و زَعْمِهُمُو صُعُوبَتَهَا ؛   بِنَحْوٍ

       وصَرْفٍ، والبَلَاغَةِ، والمَعانِي

و تَدْرِيسِ العُلُومِ     بِأعْجَمِيٍّ

       بِدَعْوَى العُقْمِ فِيهَا و التَّوَانِي!

و دَعْوَى   أنَّهَا     لُغَةٌ   لِشِعْرٍ

       و آدَابٍ ،   و تَنْمِيقِ   البَيَانِ

و أمَّا   لِلحَدَاثةِ ؛   فَهْيَ   ضِدٌّ

       و عاجِزَةٌ ، و بَكْمَاءُ الِّلسَانِ؟!

و تَشجِيعٍ     لِلَهْجَاتٍ   رِكَاكٍ

         و عُجْمَاتِ الرَّطَانَةِ   و البَيَانِ

و تَشْكِيكٍ   بِأمَّتِنَا ،   و مَدْحٍ

       و إعجابٍ   بأعدانا   الشَّوَانِي

و طَعنِهُمُ بِنَاصِرِنَا ؛ صَلَاحٍ

       مُحَرِّرِ قُدْسِنَا ؛   بَطَلِ العَوَانِ

                               *********

فيا عُلمَاءَ   أمَّتِنَا     الأجِلَّا !

           و مَفْخَرَ كُلِّ   إنسِيٍّ ، و جَانِ

لماذا تَصْمُتُونَ عنِ المَخَازِي

           و كُلِّ مُجَاهِرٍ ؛   قَذِرِ اللسانِ

ألم يُؤخَذْ عليكُم   عَهْدُ رَبِّي؟  

         بِتِبْيَانِ الحقائقِ ،   و المَعَانِي

و إنْكَارِ المَنَاكِرِ   فِي البَرَايَا

         لِرَدْعِ الشَّانِئَاتِ ، و كُلِّ شانِي

و صَدِّ الماجِنِينَ   بِكُلِّ   قُطْرٍ

         و رَدِّ الداعِرِينَ   ذَوِي الإرَانِ

فتغييرُ المَنَاكِرِ   ليسَ   فَرْضًا  

         بِفِعْلٍ ، أو بِقَولٍ ، أو جَنَانِ؟!

و صَمْتُكُمُو ألَيْسَ نَذِيرَ شُؤْمٍ؟

         بِسُوءٍ   في العَوَاقِبِ مِن زَمَانِ

بِإهْلَاكٍ   كَمَا   قَدْ قالَ رَبِّي

         بِمُحْكَمِ   ذِكْرِه ؛   مَلِكِ البَيانِ

و تَعْمِيمِ العُقُوبَةِ جَا صَرِيحًا

         بِقَولِ المُصْطَفَى العَذْبِ الجُمَانِ

                             *********

فَهُبُّوا   يَا ذَوِي الإيمَانِ هَيَّا

         بِوَجهِ مُخَرِّبِينَا ،   ذا   الزَّمَانِ

قِفُوا في وَجْهِهِم و لْتَفْضَحُوهُم

         وصُدُّوا مَكْرَهمْ في ذا الطِّعَانِ

و إن سَكَتَتْ حُكُومَاتٌ عَلَيْهِمْ

           و للسُّفَهَاءِ   أرْخَتْ   للعِنَانِ!

فَرُدُّوا كَيْدَهم   ذا   في نُحُورٍ

         لَهُمْ، ولْيَخْسَؤُوا في ذا الهَوَانِ

و أدُّوا   واجِبَ التِّبْيَانِ   حَقًّا

           و أبرُوا ذِمَّةً   فِي ذا البَيَانِ

لِكَي تحْظَوا   بمَعْذِرَةٍ و غَفْرٍ

         مِنَ المَولَى الكَرِيمِ مَعَ الأمَانِ

و رَبِّي   نَاصِرٌ   لَكُمُو عَلَيْهُمْ  

         بِإظْهَارِ الحَقِيقَةِ ،     لِلْعِيَانِ

و لِلشَّانِينَ قُلْ: مُوتُوا   بِغَيْظٍ

           فَدِينُ اللهِ باقٍ ،   رَغْمَ شَانِ

(فلِلإسلامِ نُورٌ ، لَيْسَ يَخْفَى)  

         تُضِيءُ بِهِ اللَّيَالِي في الدِّجَانِ

(يُرِيدُ الحانِقُونَ ؛ لِيُطفِئُوهُ)

             بِكَيدِهُمُو، ومَكْرٍ في الزَّمَانِ

(و يَأبَى   اللهُ   إلَّا أنْ   يُتِمَّهْ)

           و لو كَرِهَ العُدَاةُ أُولُو الدِّهَانِ

وسوم: العدد 1007