المعارضة السورية حين تطالب بالحل السياسي..!!

زهير سالم*

وفي البدء كانت متلازمة داون..

خرج السوريون في ثورة. ونادوا بصوت واحد لا لحن فيه: الشعب يريد إسقاط النظام.

ومنذ اللحظات الأولى للثورة السورية، خرج بالمقابل الرئيس الأمريكي أوباما، يعلن تمسكه ببشار الاسد، المؤسس أصلا على تمسكه بإيران، وبكل ميليشياتها في العراق وفي لبنان، فطرح على السوريين عنوان: "الحل السياسي" المريب.

ثم بعد سنوات من الطرح "الأوبامي" المشبوه، عن ترقيعة الحل السياسي، التي تجعل العصبوية الطائفية المتمثلة في "زمرة" بشار الاسد، بأي بعدٍ شئنا، شريكا "فوقيا" مكافئا لكل المجتمع السوري.

وبعد سنوات من المعافسة الروسية الأمريكية، ٢٠١٥ ولد القرار الدولي الخداج والأعجف، ٢٢٥٤ بلغة المغمغة نفسها التي ولد بها القرار ٢٤٢ بعد حرب السابعة والستين، والذي ما زال مضغة من لا مضغة له. وعلكة من لا علكة له من الحاملين زورا عبء القضية…

ثم ليصبح القرار ٢٢٥٤ تكأة العاجزين الذين لا يملكون مثل منسأة سيدنا سليمان، يتوكؤون عليها كسليمان الميت يتظاهر بالحياة.

لقد كانت وستظل الدعوة إلى الحل السياسي مع نظام الجريمة، مهما كان وصفه في سورية، دعوة مشبوهة مفخخة، لا يمكن لجيل الثورة ولا لأي ممثل حقيقي لها أن يقبل بها، بله أن يطالب بالشراكة مع الأسد العقلاء!! فيكونون كمن يقول للناس ضعوا الغل في أعناقنا.

في سورية النداء الثوري الوحيد الذي ما زال يتعلق به الثوار والذي مات عليه مليون شهيد، وتهجر من أجله أكثر من نصف المجتمع: الشعب يريد إسقاط النظام.

في سورية لا يمكن أن يكون من قتل واغتصب واستحل وخان وهان وباع وتآمر شريكا في بناء سورية المستقبل.

في الاسلام السخرية من الآخرين محرمة، محرم أن يسخر قوم من قوم، ومحرم أن يسخر نساء من نساء، فهل جائز أن يسخر إنسان من نفسه أو من عقله أو من قومه؟؟

هل يمكن لعاقل ان يتحدث عن حل عادل، مع مغتصب دخل بيته عنوة وفرض نفسه عليه في غرفة جلوسه وطعامه ونومه..

ما لكم- يا قوم- كيف تحكمون؟؟

أين أولو الأحلام والنهى في الناس. أما آن لنا أن ننفك من متلازمة داون التي ركبتنا عبر هذه التمثيليات الوطنية الهزيلة وتوارثها السوريون من ألفهم حتى يائهم

ندرك أن الموقف في سورية، صعب، وتحمل عبئه أصعب، ولكن تبعة الموقف أمام الله ثم أمام التاريخ، ثم أمام الشهداء الذين قضوا منذ نصف تدمر والثمانين، أكبر وأكبر وأكبر..

فمن لم يكن قادرا على النطق بالحق كما يتطلبه الموقف، فالصمت والاستغفار عن الضعف بالناس أولى..

وفي مبادئ الثورة كل شيء واضح وصريح ولا يجوز المغمغة فيه، وليذهب الحل السياسي الأوبامي إلى الجحيم، وليذهب القرار ٢٢٥٤ إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم..

ولتسقط زمرة الاستبداد والفساد والقتل والاغتصاب والسارين والكلور ولتسقط زمرة البراميل وقصف المدنيين، ولتسقط مافيا المخدرات والكبتاغون بكل جناياتها.

وبعد التخلص من كل الساقطين..

يلتقي السوريون الأحرار من نظيفي القلوب والأيدي والأثواب، على اختلاف مشاربهم، للبحث عن الصيغة الأمثل للدولة والمجتمع الأجمل..

وهذا هو الحل السياسي الوحيد الذي يؤمن به، ويدعو إليه كل سوري حقيقي، وما عدا ذلك فحديث مخاريق وخداع وتضليل..

ونقول للناس: هذه رؤيتنا، وهذه قدرتنا و(لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) ثم نمضي على بصيرة وعزيمة..

وامصيبتاه يا قومنا إذا تاه الدليل..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1013