العمل الجاد

زهير سالم*

وحدثني عن نية بعض الشباب المأمول في تشكيل مجموعة عمل وأمل سورية تسد الفراغ الناشئ عن تقاعس المطوقين..

فكتبت مستعينا بالله راغبا في النصح…

ونعم المسعى مسعاكم.

وتحتاج هذه المجموعة..

أولا ان تكون مفتوحة لعموم السوريين بحدود قول الله تعالى (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)

بعيدة عن الحزببة الضيقة، والتطبيقية المباشرة..

وأن يجتمع على المشروع ابتداء قريب من أربعين سوريارجلا وامرأة، على نمط الرجال القرشيين الخمسة الذين نقضوا صحيفة قريش القاطعة الظالمة. جميل ان نتعلم من طريقتهم في تكوين الفريق. والنواة الصلبة منه على الأقل. ويكون ذلك ممن يعرف محلهم، ويشهد لهم بالخير، ولا تخلو صفحاتهم من جرح شائن..

وأن يتفق رجال هذا الفريق فيما بينهم على استراتيجية عامة موجزة.

وبرامج عمل وقتية. ومع كل برنامج ما يلزم من آليات عملية ممكنة للعمل على التنفيذ. ولا معنى لطرح برامج لا نملك آليات لتنفيذها..فتبقى شعارات عائمة، أو برامج في فراغ.

لو قلت لي سأسافر من حلب الى دمشق، مشيا على الأقدام..

سأقول لك، يحتاج سفرك لو مشيت مشي الجاد بضعة عشر يوما، وعلى هذا يكون الحساب..

وأن يتذكروا في كل مرحلة من مراحل التفكير والتقدير أن أصل معركتنا هي التخلص من نظام الاستبداد والفساد، في تشخصاته المحدودة، وأن جميع النجاحات والانتصارات الفرعية تبقى بلا قيمة، إن لم يتحقق هذا. في أخطر وأدق العمليات الجراحية، يكون المعول دائما على طبيب التخدير..فاحذروا جرعة المخدر الزائدة!!

ثم يحتاجون في هذا الفريق أن يعلنوا عن أنفسهم واستراتيجيتهم، وبرامج عملهم، تحت عنوان وطني جامع ومفتوح.

تأمل معي هذا الايجاز الرباني المعجز من سورة الحديد (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) أكمل وأجمل إيجاز. ليقوم الناس بالقسط وكفى.

وقيام الناس في سورية بالقسط عنوان جامع يكفينا.

وأن يكون نهجهم الجذب والاحتواء وليس النبذ والاقصاء…

ومن يخاف على مقعده سيدفع عنه أقصد عن نفسه كل الناس.

أعرف جماعات تعدادها بالألاف ينوء بالعبء فيها آحاد. يقولون للناس: ابتعدوا فنحن نكفيكم..

وأن يلتقوا على الخطوط الأعرض ويتجنبوا الخوض بالتفاصيل.

ثم ان يثبتوا حضورا عمليا بتحديد مواقف رزينة من كل المستجدات على قواعد حساب المصالح والمفاسد. المقرر شرعا في التحقيق والدرء.

ومعيار نجاحهم ان يظلوا في سعيهم يكثرون وليس يقلون..

وهو المعيار المهم الذي سأل عنه هرقل ابا سفيان رضي الله عنه، عن اصحاب سيدنا رسول الله

قال: أصحابه يقلون أو يكثرون!!

بارك الله في همة الشباب التي تذلل الصعاب، بإذن الله.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1023