مرتزقة العلمانية الغربية عندنا وبإيعاز وتوظيف منها يستهدفون الإسلام باقتباس أسلوب التحريف ممن سجل القرآن الكريم احترافهم له

 مما جاء في كتاب الله عز وجل قوله تعالى : ((  من الذين هادوا يحرّفون الكلم عن مواضعه )) ، وقد جاء في كتب التفسير أن التحريف عموما هو الميل بالشيء إلى الحرف أي إلى جانبه وحافته ، كما قيل أنه مشتق من حرف الكلام المكتوب ، والمقصود في قول الله تعالى هو تغيير أو تبديل ما أنزل على  نبيه موسى عليه السلام والانحراف به عن معناه المقصود لموافقة  أهواء المحرفين.

ودون الخوض في موضوع طوائف شتى عرفها تاريخ الإسلام والتي اقتبست من مخترعي التحريف الأوائل  تحريفهم للانحراف بالقرآن الكريم عن مقاصده التي أرادها الله تعالى إلى ما كانت تمليه عليهم أهواؤهم لأنهم كُثر ، ويطول الحديث عنهم، ويتشعب كثيرا ، سنقف عن المحرفين من فلول العلمانية الغربية أو طوابيرها الخامسة في بلاد الإسلام ، والذين استأجرتهم للنيل منه باعتباره مهددا لها خصوصا وأنها تريد عولمة نفسها دون منافس  في كل أرجاء المعمور ، وهي ترى أنها النموذج المثال الذي انتهت إليه البشرية  في هذا العصر والذي يجب أن يستمر ويدوم ، وأنه لا بديل له أو عنه  .

ولقد اشتد نشاط تلك الفلول أو تلك الطوابير الخامسة عندنا في الآونة الأخيرة ،وفيهم متعاطي السفسطة بادعاء الانتماء إلى الحقل  الفلسفي ، وفيهم المحسوب على الاختصاص في طب الأعشاب  والتغذية ، وفيهم خريج السلك الإعدادي المتعالم  الذي يدعي أنه قد طوى مراحل التعلم وهو إنما زبّب قبل أن يحصرم وفيهم المحسوب على التعاليم العالي الذي يستبيح ما لا يحق له من اختصاص... إلى غير ذلك من هؤلاء الذين يجمع بينهم استهداف الإسلام قرآنا وسنة باعتماد أسلوب التحريف كما سبق ذكره آنفا ليصير هذان المصدران مسايرين للهوى العلماني  إرضاء للعلمانية الغربية ، وهؤلاء يمكن وصفهم " بالمُحرّفة الجدد " والذين يتنطعون ، ويتطاولون على التراث الإسلامي، وعلى أئمته وعلمائه سلفهم وخلفهم، ويدعون أنهم قد اكتشفوا تأويلات و فهوما جديدة لكتاب الله تعالى ولحديث رسوله صلى الله عليه وسلم  ، وقد نصبوا أنفسهم مصححين لهذا الأخير يقبلون منه  ويردون ما تريده أهواؤهم المشبعة بالفكر العلماني قاصدين بذلك إيقاع  العوام ،وأشباه المتعلمين، والأغرار في شراك التشكيك في القرآن والحديث ، وقد فسحت لهم مواقع على الشبكة العنكبوتية  والمحسوبة على التيار العلماني المجال واسعا ، و هي تمول من جهات عربية  مغرضة أوكلت إليها العلمانية نقل المجتمعات المسلمة خصوصا العربية منها من أجواء الحياة  والقيم الإسلامية السوية  إلى أجواء الحياة والقيم العلمانية  المتهتكة بذريعة نشدان التطور والتحضر على النمط العلماني الغربي .

وهكذا بدأ تيار التحريف المسلط على القرآن الكريم والحديث الشريف  أو" المُحرّفة الجدد " يتنامى باطراد في المجتمعات العربية ، وقد توزع أصحابه مهام التحريف فيما بينهم لتحقيق ما أوكلته إليهم العلمانية الغربية المستأجرة لهم بواسطة عرّابين  عرب ، وهو النيل من الإسلام .  وهكذا صار لا يمر بنا  يوم إلا وخرج علينا هؤلاء بشكل جديد من التحريف في غياب من يسائلهم عن ذلك أو يحاسبهم ممن تقع عليهم مسؤولية حماية كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم  من كل استهداف مهما كان نوعه أو شكله أو مصدره .

ولقد صار " المحرفون الجدد " يدعون العلم  بجميع العلوم المتعلقة بالكتاب والسنة ، لا يراعون في ذلك احترام شرط الاختصاص أو التخصص ، وهم يقتحمونها على أصحابها ، ويسفهونهم ، ويجهلونهم ،ساخرين منهم مستهزئين بهم متجاسرين عليهم ، ومحرضين عليهم أشباه المتعلمين، والعوام والسوقة، والأغرار، والسفهاء حتى بلغ الأمر بهم مخاطبة من يجب احترامه لباعه العلمي الطويل  مخاطبة الجاهل ، وعمدوا إلى تسويق فيديوهات تشهّر بهم ، وتغري كل من هب ودب بانتقادهم، وذلك باعتماد الأكاذيب والافتراءات الملفقة عليهم ،والتي القصد منها في نهاية المطاف استهداف دين الله عز وجل .

 وتعمد المواقع التي تنشر تلك الفيديوهات إلى الإكثار من التعليقات المفبركة التي تشيد بها معتبرة كثرتها دليلا على صحتها ومصداقيتها، علما بأنها لا تختلف عما تحصده الفيديوهات التافهة من أعداد المشاهدات  والتعليقات وما يسمى " لايكات "على غرار فيديوهات النسوة اللائي يصورن ما يقمن به في بيوتهن من تافه  الأعمال بما في ذلك خراءتهن ـ شرف الله قدر القرّاء الكرام . ولقد صار الراسخ عند مسوقي الفيديوهات  المستهدفة للإسلام من " المُحرّفة الجدد " أن كثرة مشاهداتها  والتعليقات عليها وهي مفبركة مشكوك في أمر الإشادة بها  ومجاراة أصحابها فيما يفترون  هو ما يكسبها المصداقية وهم يُحاجّون بها وحسبهم تسفيها لما يعتقدون قول الله تعالى : ((  قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث ))  ،وما تلك الفيديوهات على كثرتها إلا  من الخبيث المذموم .

وفي الأخير نقول إن التحريف المتلقف عن صنّاعه التاريخيين، هو آفة كل فساد لأنه لا يتسلط على أحرف الكلام بالتغيير والتبديل  فقط بل  يتسلط على كل شيء مادي أومعنوي ، ولنا ونحن نعيش ذكرى النكسة دليل على تحريف الجغرافية الطبيعية والبشرية في أرض فلسطين حيث زالت قرى عربية كثيرة بكاملها وحلت محلها مستوطنات ، وهُجّر أهلها، وحل محلهم مستوطنون ، وهذا تحريف لا يقل خبثا ومكرا عن تحريف الكلم عن مواضعه الذي ذمه الله تعالى  في قوله : (( فبما نقضهم ميثاقهم لعنّاهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه )) .

وإن من حرف  سلفهم الكلم عن مواضعه لن يتردد خلفهم في تحريف الجغرافية الطبيعية والبشرية أو تحريق القيم والأخلاق و تحريف كل شيء مهما كان .

والمحاكون للمحرفين القدامى من المحرفين الجدد عندنا  إنما يستهدفون بتحريفهم للكتاب والسنة بما يعتمدونه من أساليب التشكيك المختلفة فيهما تحريف القيم والأخلاق الإسلامية السامية  من أجل أن تسود قيم العلمانية الغربية المستهترة، علما بأن من أنزل الذكر وحفظه هو الحافظ سبحانه وتعالى لما ضمّنه من قيم وأخلاق سوية  سامية حتى تقوم الساعة، ولله الأمر من قبل ومن بعد .

وسوم: العدد 1032